تفاجأ الرّأي العام الجزائري لطريقة المعالجة الإعلامية للخبر المتعلّق بحالة فيروس «كورونا» المكتشف لدى رعيّة من جنسية إيطالية، بالسّقوط للأسف في دائرة التّهويل المجاني الذي زاد من قلق النّاس أكثر فأكثر، نظرا لما قيل عنه وما خلّفه من وفيات وإصابات إلى غاية يومنا هذا.
ففي لحظة قياسية تحوّلت القنوات الفضائية إلى ممارسة المنافسة ذات التّأثير النّفسي المرعب على المشاهد دون أن يشعر «صانعو» هذه المادة بتداعيات ما يبثّونه من معلومات وردت عن مصادر موثوقة، رأت بأنه من الأجدر نشرها في وقتها لدحض الإشاعة وقتلها في المهد دون أن تحل محل الخبر الصّحيح.
ونعتقد بأنّه من ناحية القراءة المهنية، فإنّ ما أقدمت عليه وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات يدرج ضمن هذا التوجه السّالف الذّكر، أي إبعاد الإشاعة وعدم تركها أن تكون سيّدة الموقف في مثل هذه الظّروف الحسّاسة، والآلية الوحيدة للقضاء عليها ومحوها نهائيا هو إعطاء الخبر الصّحيح بكل تفاصيله الدقيقة للآخر، تفاديا لأي تعاليق إضافية خارجة عن النّطاق المعمول به.
وهذه الإستراتيجية في الاتّصال المتّبعة في الوقت الرّاهن تعد ناجحة إعلاميا على مستوى الوصاية، لكنّها تحتاج إلى تنظيم ومرافقة والاندماج في المنظومة المؤسّساتية المعدّة لهذا الغرض فيما يخص الرّسالة المراد تبليغها في أوانها، دون تعرّضها لأي تحفّظ أو تشويه.
ومثل هذا التّوجّه الإعلامي الجديد لم نتعوّد عليه من قبل في تعاملنا مع المعلومة من باب اعتبارات لا تعد ولا تحصى، قائمة أساسا على الذّهنية الإدارية التي ترفض الكشف عن أي شيء يتحرّك في تلك المصلحة، زيادة على إبعاد المسؤولية في اتخاذ قرار النّشر مع وجود «عرف» تحوّل إلى قاعدة معمول بها في هذا الوسط، ونقصد خلايا الاتصال على مستوى الإدارات.
وكنّا نأمل أن تتدخّل سلطة الضبط السّمعي - البصري بقوّة من أجل تنظيم نشر المعلومة حول «كورونا»، وهذا بالتّنسيق مع القنوات التلفزيونية والإذاعية، حتى لا تحيد هذه الأخيرة عن مهامها في تنوير الرّأي العام، وحماية تعاضد اللّحمة النّفسية بين المرسل والمستقبِل، والتّواصل مع المواطن في إطار الفعل البيداغوجي التّربوي الذي يظهر العوامل المتعلّقة بالوقاية وغيرها حتى يتّفق الخط الافتتاحي على هدف واحد، خدمة لمصلحة المجتمع، وهذا من حق سلطة الضبط السمعي ـ البصري أن تقوم بذلك وليس تدخّلا بقدر ما هو تصحيح لمسار مهني معين، ولا يتعلق الأمر هنا بالبحث عن المشاهدة العالية بل التقليل من روعة النّفوس بإبعاد عنصر التّضخيم الذي يتجاوز حده أحيانا دون أن يشعر بذلك مسؤولو القنوات التلفزيونية والإذاعية ليلة وغداة إعلان تلك الحالة.
وبالرغم من هذا، فإنّ هناك اتّصالا مؤسّساتيا موفّقا حاليا على أكثر من مستوى لدحض الإشاعة من قبل الولاة أو مسؤولي باستور، الذين يتفاعلون في كل لحظة مع هذا الحدث، بإعطاء الأخبار الصّحيحة التي تقضي على ما يتداوله البعض عبر مواقع التواصل الاجتماعي من معلومة مغلوطة «FAKE NEWS» لا أساس لها من الصحة ولا تستند لأي منطق سليم من حيث المصادر، مجرّد إشاعات لا أكثر ولا أقل، تأثيراتها قويّة على من يتابعها ينقلها مباشرة إلى الآخر دون التّأكّد من ذلك.