قدم مجمع اوكسفورد بيزناس للأعمال صورة دقيقة عن جهود الجزائر في إقامة منظومة اقتصادية ومالية صلبة تمكن من مواجهة الطوارئ اعتمادا على الإمكانيات الذاتية المتوفرة وشحن الإرادات دون السقوط في الاستدانة المرة التي خرجت منها البلاد بروح التحدي اعتمادا على مقاربة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة. وهي مقاربة تستند إلى أسس واقعية في رصد الحلول الممكنة لظرف صعب تعيشه الجزائر التي تسعى جاهدة للتحرر من التبعية للمحروقات وما تحمله من أخطار محدقة جراء انهيار الأسعار.
على عكس تقارير المنظمات الأخرى التي تتحرك وفق أجندات غايتها إحباط العزائم والتشكيك في الإنجازات بالترويج لحقائق مقلوبة وصورة سوداوية، جاء تقرير اوكسفورد بيزناس للأعمال 2018 أكثر مصداقية كاشفا مكامن القوة والضعف في جهود الجزائر لبناء مؤسسات اقتصادية قوية تحمل مواصفات النجاعة، تتخذ من المتاعب والصعوبات قوة انطلاق نحو الأحسن دون السقوط في اليأس والإحباط.
من هذه الزاوية أعطى تقرير المجمع الذي سلط الضوء على مختلف القطاعات، رؤيته لما يجب على الجزائر فعله وما يمكنها اعتماده قريبا وبعيدا للخروج من تداعيات الأزمة العالمية بأسرع فرصة بمراجعة الأولويات وضبط الخيار الممكنة لتعقيدات مرحلة تضغط بثقلها على اقتصاديات المعمورة قاطبة وتفرض على الوحدة السياسية بدائل ذاتية لضمان استقلالية القرار السياسي والسيادة.
من أولى الخيارات التي تفرض الاعتماد الآن، تسريع تنوع الاقتصاد الجزائري المدرج في سياق استراتيجية منحها رئيس الجمهورية الضرورة القصوى، مشددا في كل مرة ومناسبة على رشادة النفقات ونجاعة البرامج وصلاحيات الجماعات المحلية في تكاتف الجهود وتقاسم الوظيفة من أجل هدف واحد: ضمان الإقلاع الوطني الذي صدرت من أجله تعليمات وتوجيهات في سبيل مرافقة حركة الاستثمار المنتج للثروة الموفر للشغل والقيمة المضافة دون الاتكالية المفرطة على الخزينة التي شحت مواردها وتقلصت إلى النصف جراء انهيار أسعار المحروقات.
وتحتل الفلاحة حلقة مفصلية في التحدي الجزائري وخيار الممكن، باعتبارها موردا هاما ومصدر استقرار اجتماعي جدير بالتوقف عنده. وقد نجحت الفلاحة عبر منتوج طبيعي يتوفر على مواصفات الجودة في اقتحام أسواق 72 دولة وفرضت «العلامة الجزائرية» نفسها في خارطة تجارية دولية تضيق بالمنافسة ولا تعترف بالحواجز والحدود عدا حدود النوعية.
قطاعات أخرى تفرض المرافقة في زمن التحول العالمي الرهيب حيث لا مكانة فيه للاقتصاديات الهشة والمنظومة الريعية التي تنهار أمام أي زوبعة كالسياحة، المنتجات الصناعية الصيدلانية ومواد البناء التي باتت محل طلب السوق الإفريقي دون نسيان الطاقة التي أطلقت سوناطراك مخططا استثماريا قيمته 55 مليار دولار لتوسيع نشاطها وتنوعه، مراهنة على شركاء جدد في فرض الوجود بمحيط جيو اقتصادي متغير كلمة الفصل فيه روح الابتكار والجري وراء بدائل الممكن التي لا تعترف بالمستحيل.