بذلت جهودا مكثفة وقدمت مبادرات غير مسبوقة

«أمّ القضايا» أولويــة أولويات جزائر الشهداء فـي مجلس الأمـن

آسيا قبلي

وضعت الجزائر، وبأمر من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة، على رأس أولوياتها منذ توليها مقعدها غير الدائم في مجلس الأمن الدولي، ولم تدخر أي جهد لإظهار معاناة الشعب الفلسطيني، ومن أجل أن تنال فلسطين صفة العضو الكامل في الأمم المتحدة.

لا يخفى على أحد، بشهادة الجميع، وقوف الجزائر الدائم إلى جانب القضية الفلسطينية أمّ القضايا وأولوية أولويات السياسة الخارجية الجزائرية، التي بذلت كل الجهود وعلى جميع الأصعدة ومن مختلف المنابر لإسماع صوت فلسطين، وصوت القضية الفلسطينية الذي كاد أن يخمد، قبل سنوات قليلة.
الجزائر التي تتولى شغل مقعدها غير الدائم في مجلس الأمن، وعلى مدار 15 شهرا، لم تهدأ بعثتها الدائمة في الأمم المتحدة، دفاعا فلسطين، حيث واجهت حلفاء الكيان الصهيوني واستطاعت إحراجهم أخلاقيا، بكثرة مبادراتها، عندما طرحت عدة مشاريع قرارات لوقف إطلاق النار، ومتابعة الكيان الصهيوني قضائيا أمام هيئات القضاء الدولي، ومنح العضوية الكاملة لفلسطين في المنظمة الأممية.
ودخل العدوان الصهيوني على قطاع غزة، شهره الثالث، عندما بدأت الجزائر ولايتها في مجلس الأمن، وأول ما قامت به أن طلبت من مجلس الأمن عقد اجتماع، بشأن خطر التهجير القسري لسكان غزة، وانتهى بإجماع المجلس على رفض أي مشروع يتضمن التهجير القسري للفلسطينيين من أراضيهم. وتضمن مشروع قرار آخر، رفض جميع الأعمال العدائية ضد المدنيين، وشدد على ضرورة التزام مجلس الأمن بحل الدولتين وتوحيد قطاع غزة والضفة الغربية.
وفي الشهر نفسه، وبعد عديد الاجتماعات خصصت لفلسطين وللوضع في غزة تحديدا، بطلب من الجزائر، تمكنت من استصدار قرارات لصالح القضية على مستوى المجلس والجمعية العامة للأمم المتحدة، وكللت جهودها بتصويت مجلس الأمن وبالإجماع، شهر مارس الماضي، على مقترح وقف العدوان على غزة.
وقبله طرحت ذات مشروع القرار وصوتت عليه 13 دولة. ثم تبنى مجلس الأمن الدولي قرارا آخر شهر جوان، تقدمت به الولايات المتحدة الأمريكية، وأدرجت الجزائر بعض التعديلات على النص النهائي لمشروع القرار «بما يتوافق مع تطلعات الفلسطينيين»، وذلك في إطار البحث عن منفذ لإنهاء المجازر الصهيونية بحق المدنيين في غزة.
وطلبت الجزائر من مجلس الأمن، يوم 27 سبتمبر 2024، عقد اجتماع رفيع المستوى حول القضية الفلسطينية، على هامش النقاش العام للدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، ودعت المجلس إلى تحمل مسؤولياته القانونية والسياسية والأخلاقية والإنسانية، إزاء ما يحدث ضد شعب فلسطين، مع ضرورة استصدار قرارات تساندها آليات متابعة ومساءلة حتى يتم ضمان تنفيذها، مع ضرورة «فرض السلام على كل من يرفضه ولا يؤمن به».
وتجدد الاجتماع، بطلب من الجزائر وسلوفينيا، يوم 4 أكتوبر 2024، حول الوضع الإنساني في غزة، بالتوازي مع المطالبة بضرورة وقف فوري لإطلاق النار باعتباره «حاجة ملحة» لتجنب تصعيد التوتر في منطقة الشرق الأوسط، في ظل تواصل العدوان الصهيوني الهمجي على القطاع.
ودعت الجزائر خلال الجلسة المخصصة للأوضاع في الشرق الأوسط، إلى حماية المدنيين في غزة، سيما في الشمال، وعدم تركهم يواجهون آلة القتل بمفردهم، وهم محرومون من كل أساسيات الحياة.
كما دعت الحزائر مجلس الأمن، إلى عقد اجتماعين خلال ترؤسها لمجلس الأمن، شهر جانفي 2025، خصص الأول للهجمات الصهيونية التي تستهدف المستشفيات بقطاع غزة، فيما تناول الثاني وضع أطفال غزة أثناء العدوان.
وبعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، ودخوله حيز التنفيذ يوم 19 جانفي 2025، وبصفتها رئيسا لمجلس الأمن الدولي لشهر جانفي، أكدت الجزائر الوقوف على متابعة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، والحرص على الالتزام التام به. وفي هذا السياق، أكد وزير الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية، أحمد عطاف، أن الجزائر ستأخذ على عاتقها، من خلال رئاستها لمجلس الأمن، «متابعة هذا الاتفاق»، وذلك أثناء ترؤسه اجتماعا وزاريا حول القضية الفلسطينية.
الملاحقة القضائية للاحتلال
كانت الجزائر أول بلد عربي يدعو إلى اللجوء للهيئات القضائية الدولية لمتابعة الاحتلال الصهيوني عن جرائمه، وشنت حملة دولية لفضح جرائمه للضغط على المحكمة الجنائية الدولية للقيام بدورها وتحمّل مسؤولياتها جراء الجرائم البشعة التي يرتكبها الكيان الصهيوني ومن يدعمه.
 ودعمت الجزائر، خلال أشغال حركة عدم الانحياز، المنعقدة شهر جانفي 2024، الدعوى القضائية التي رفعتها دولة جنوب افريقيا أمام محكمة العدل الدولية، والتي أصدرت قرارها باتخاذ جميع التدابير في حدود سلطتها لمنع الأعمال التي يمكن أن تندرج تحت اتفاقية الإبادة الجماعية.
كما رحبت بقرار المحكمة الصادر شهر جويلية، الذي «أنصف الشعب الفلسطيني بتأكيد حقوقه الشرعية الثابتة غير القابلة للتصرف أو التقادم في استرجاع أراضيه المسلوبة من قبل الاحتلال الصهيوني الاستيطاني، وأكد عدم شرعية الاحتلال.
 العضوية الكاملة
إلى جانب ذلك، قدمت لائحة باللون الأزرق لمجلس الأمن، لقبول فلسطين دولة كاملة العضوية، ويعني ذلك أن مشروع القرار جاهز للتصويت. ورافعت الجزائر لأجل منح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة وطالبت مجلس الأمن بذلك «استدراكا لما فَوّته على نفسه وفَوّته على المجموعة الدولية بأسرها من فرص لإنصاف الشعب الفلسطيني وإحقاق حقوقه»، وهو الطلب الذي اعتمدته الجمعية العامة بأغلبية ساحقة شهر ماي 2024.
وصوتت لصالح مشروع القرار الذي تقدمت به الجزائر 143 دولة. ووفق مشروع القرار، فإن دولة فلسطين مؤهلة لعضوية الأمم المتحدة وفقا للمادة 4 من الميثاق، ومن ثم ينبغي قبولها في عضوية الأمم المتحدة. وبناء على ذلك، يوصي القرار مجلس الأمن بإعادة النظر في هذه المسألة بشكل إيجابي، في ضوء هذا القرار وفي ضوء فتوى محكمة العدل الدولية الصادرة في 28 ماي 1948، وبما يتفق تماما مع المادة 4 من ميثاق الأمم المتحدة.
كما دعت الجزائر، عقب التضييق على وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، المجتمع الدولي إلى التعجيل بعودة «الأونروا» لممارسة نشاطاتها في فلسطين، من «خلال توفير الدعم السياسي والمالي لها، لتمكينها من أداء مهامها الحيوية للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني وآلامه ومعالجة الأسباب الجذرية للوضع في الشرق الأوسط والمتمثلة أساسا في احتلال استيطاني للأراضي الفلسطينية دام 76 عاما، والذي فضحت الحرب على غزة والتصعيد في لبنان وجهه المقيت».
لمّ الشمل
وقبل كل هذا وذاك، كانت الجزائر فضاء للمّ الشمل الفلسطيني عندما احتضنت في أكتوبر 2022، مؤتمر «لمّ الشمل من أجل تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية»، بإشراف رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد. وانتهى بالتوقيع على «إعلان الجزائر»، الذي أريد له أن يكون بمثابة أرضية صلبة لتحقيق الوحدة بين مختلف الفصائل الفلسطينية التي حققت توافقا غير مسبوق خلال هذا المؤتمر.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19714

العدد 19714

الإثنين 03 مارس 2025
العدد 19713

العدد 19713

الأحد 02 مارس 2025
العدد 19712

العدد 19712

السبت 01 مارس 2025
العدد 19711

العدد 19711

الأربعاء 26 فيفري 2025