كلمة العدد

بحث في فائدة صيدلي

جمال أوكيلي
17 ديسمبر 2018

أن تعثر على صيدلي ما بعد السّاعة السّابعة مساءً إلى ما فوق يعد معجزة بالنسبة لكل من يتنقل من حي إلى آخر، حاملا معه وصفة بحثا  عن قائمة دواء لا تنتهي إن وجد البعض يزداد قلقه فيما تبقى منها والليل أسدل ستاره، هكذا هي يوميات من يصاب بوعكة أو يشعر بآلام نتاج ظروف معيّنة.
اليوم يتساءل المواطنون عن الأسباب الكامنة وراء كل هذا التّراجع الملحوظ، والنّقص الفادح في الصيدليات الضّامنة للمناوبة الليلية في مدننا، عاد بالسّلب غير المسبوق على كل من هو بحاجة لجرعات أو أقراص، فهل حقّا من يشتغل ليلا في هذه المحلاّت يشعر باللاّأمن أم أن هناك تعليلات أخرى؟
في غياب أي إعلام للمنفعة العامة متوجّهة إلى الناس لإشعارهم بهذا الأمر أي القوائم المعنية بالمناوبة اللّيلية في كل ناحية، فإنّ «العادة» وما ينقله البعض عن البعض الآخر بأنّ هناك صيدلية مفتوحة ليلا ترسخ في ذهن الكثير من الأشخاص يعرف أين يتوجّه في السّاعات المتأخّرة لاقتناء ما يريده من الدواء.
هذا الفراغ المسجّل حاليا، وعدم القدرة على تسيير هذا النّشاط من النّاحية التّنظيمية خاصة حتّم على الجهة المسؤولة التّفكير في صيغة عملية تسمّى بـ تطبيق «siha-dz»، وهو عبارة عن دليل يضبط موقع الصيدليات المناوبة يضاف لها المستشفيات عبر الهواتف النقالة، ينتظر أن يدخل حيّز التنفيذ في الوقت المناسب كون العملية معقّدة من النّاحية التّقنية، وأوّل تجربة في الجزائر تحل محل الخيارات الأخرى المعمول بها حاليا، والتي أبانت عن محدوديتها فيما يتعلّق بجانب الاتصال.
وهذا العمل المراد اتباعه مستقبلا يحتّم مراجعة القرار المحدّد لكيفيات تنظيم المناوبة على مستوى الصّيدليات المؤرّخ في ٢٤ أوت ٢٠١٤، الذي يحتوى على ١٣ مادة فقط ويدور حول فصلين: تنظيم ومراقبة المناوبة، وبقراءة معمّقة لمضمونه تظهر تلك النّظرة السّطحية، التي غيّبت مسائل هامّة تستدعي إدراجها في هذا المسعى حتى يكون مبدأ الشّمولية فارضا لمنطقه زيادة عن الطّابع الإلزامي، الحلقة المفقودة هنا.
وهذا الاحتشام الواضح في تلك المواد أثّر كثيرا على طبيعة المهنة خاصة ما تعلق بالحماية، لا توجد أي نقطة تشير صراحة إلى الآليات المتوفرة التي تتطلّب أن تكون الدرع الذي يقي الصّيدلي من كل أذى في حالة إقراره بضمان المناوبة الليلية، كما هناك محاور أخرى تستدعي تشريحا دقيقا من قبل كل الشّركاء (السّلطات العمومية، التّنظيمات النّقابية، الفعاليات الجمعوية…) للخروج بوثيقة محل إجماع غايتها تقديم خدمة عمومية.  وبالتوازي فإنّ هناك الكثير من المواد التي تلغي أو تشطب نهائيا من هذا القرار عند إعادة النّظر فيه.
ولا يتطلّب الأمر هنا إضاعة المزيد من الوقت في الشّروع فورا في تسوية هذه الوضعية، لأنّ صاحب مبادرة التّعديل عليه طرح السّؤال التالي: هل التّطبيق الجديد سيحل المشكلة القائمة حاليا؟ لا نعتقد ذلك لأنّنا غيّرنا العمل من الورقي إلى الافتراضي فقط دون التوجه إلى الآخر أي الصّيدلي لتحسيسه بمهمّته الإنسانية والتزامه بالقوانين المسيّرة لهذا النّشاط.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19526

العدد 19526

الأربعاء 24 جويلية 2024
العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024