كان الرئيس الشاذلي بن جديد من المبادرين الاوائل للإصلاحات السياسية في الجزائر عقب احداث 5 أكتوبر 1988، وهذا بالاسراع في الدعوة إلى ادخال تغييرات جذرية على دستور ـ البرنامج الذي أعد في سنة 1976.
وهذه الإصلاحات السياسية اعتبرت حتمية بعد ان وصلت دواليب الدولة أنذاك إلى انسداد مع الأحادية الحزبية وسقوط سعر البترول إلى 8 دولارات.
في هذا السياق أراد الرئيس الشاذلي الوفاء بوعوده التي كان الشارع يرددها في تلك الاحداث، وهذا باقرار دستور 1989 الذي وضع أسس التعددية، وانطلق باسم ما يعرف الحساسيات بدلا من الأحزاب.
ومنذ هذه المرحلة تحولت الجزائر إلى ورشة للممارسة السياسية، وهذا بفتح مجال الانتخابات لكل التشكيلات منها المحلية والتشريعية، وفي الشق الآخر ذهبت البلاد إلى خيارات اقتصادية تستند إلى آليات السوق وهذا يرفع الدعم عن المواد الغذائية الواسعة الاستهلاك.
هذه التجربة السياسية والاقتصادية كان يعتقد منها أنها البديل في تلك المرحلة وفق ما كان يتصوره صانع القرار لكنها كانت صعبة وحادة على الجزائريين الذين عاشوا وعايشوا ظروفا قاسية جدا، ألحقت بهم ما ألحقت من أضرار لاتعد ولاتحصى.
لذلك فان فترة من 1988 إلى غاية قرار الاستقالة تميزت بالزخم الواسع في البحث عن آليات سياسية قادرة على اقامة الاستقرار، لكن للاسف فان هذا الهدف لم يتحقق لأن سرعة الاحداث كانت اقوى كالسيل واتضح بأن المسؤول الاول على البلد كان في موقع يحسد عليه، فالمسار السياسي شهد ما شهد لكن جوهر القرارات لم تمس، وكل هذه الحركية التي نشهدها اليوم ماهي الا تحصيل حاصل لما سبق، وان كانت اليوم تختلف في الرؤية. كون مسألة الاولويات مطروحة هل تكون للسياسة أم للتنمية او للاثنين معا؟
لذلك فمن الصعوبة بمكان اصدار أحكام عن تسيير تلك المرحلة لكن لابد من القول بأنها كانت صعبة جدا، ومعقدة إلى حد لا يطاق، أو يصعب تصوره نظرا لما شهدته البلاد من اوضاع خطيرة جدا، كان هم الجميع هو البحث عن الاستقرار والهدوء وهو انشغال كانت في وجدان الجزائريين.
ولابد من التأكيد على ان الشغل الشاغل للجزائريين هو البحث عن القواسم المشتركة التي تكون عبارة عن الدرع الواقي والحامي لكل الهزات التي تتعرض لها، وتتمثل في ترقية مكونات هذا الشعب والتضامن والتعاطف والمحبة بين الجزائريين مهما كانت الاختلافات، حول المسائل السياسية لأن الجزائر فوق كل اعتبار.. والكل يعمل من أجل استقرارها ورفاهيتها.
الاستقرار قبل كل شيء
جمال أوكيلي
05
أكتوير
2012
شوهد:1314 مرة