أسرار مغيّبة عن سوق القيصرية

حكايات هاربة من عمق تاريخ تلمسان ترويها أزقتها الضيقة

أزياء عاصمة الزيانيين تصنع هنا

يستغل العديد من الزوار فرصة تواجدهم بمدينة تلمسان، خلال موسم الاصطياف،من أجل التردد على سوق «القيصرية» الذي تشتهر به عاصمة الزيانيين لما يعرض بمحلاته من منتجات متنوعة لا سيما التقليدية المميزة للمنطقة، وبالفعل يعرف هذا الفضاء التجاري حركية واسعة لزوار تلمسان من مختلف أرجاء الوطن الذين قدموا لقضاء عطلة الصيف وحتى من طرف سكان المدينة، بغية اقتناء مستلزماتهم اليومية بحسب ما لوحظ.
يشتهر سوق القيصرية بمحلاته الضيقة وكثرة السلع المعروضة بها، منها تلك التي  تختص في بيع و خياطة الأزياء التلمسانية وبيع وصنع المجوهرات و أخرى لخياطة  الأفرشة والصالونات و الملابس و الحلويات و المكسرات و غيرها من المستلزمات.  أجمع العديد من الزوار من مختلف مناطق الوطن أن هذا السوق العتيق يجمع ما بين الأصالة و المعاصرة من خلال بناياته  القديمة ومحلاته ويتيح للمواطن البسيط اقتناء كل متطلباته نظرا للأثمان الزهيدة التي تميز السلع و كذا حفاوة استقبال الباعة.
 يتربع السوق القيصرية على مساحة تقدر بنحو ستة هكتارات وسط مدينة تلمسان  بجوار الجامع الكبير و السوق المغطاة و المتاحف التي تحوي نسبة كبيرة من أثار هذه المنطقة. وقد شيدت منذ العهد الزياني ومدخلها الرئيسي جهة الساحة العمومية لتلمسان أو ما يعرف بـ «البلاص» ولها مداخل أخرى تسمى بالأبواب و بها أزقة ضيقة تسمى» بالدروب» وبنايات عتيقة تجعل المتجول بها يحس بقيمتها التاريخية و رمزية الفترة الزيانية.
 يرجع التوافد الكبير للزوار على هذا الموقع إلى الأثمان المغرية التي تباع بها مختلف السلع خاصة في «درب سيدي حامد» الذي يشهد اكتظاظا بسبب بيع السلع و عرضها وسط الطريق على طاولات تتنوع بين الألبسة الخاصة بالنساء و الرجال و الأطفال و كذا الأحذية و الأواني المنزلية وغيرها.
 يلاحظ كذلك المتجول بالقيصرية محلات بيع الزي التلمساني العتيق مثل «الشدة التلمسانية « المصنفة عالميا و» الكراكو» و» الجس» و «القفطان» و حتى «البلوزة» حيث تتنوع أثمان»الكراكو « مثلا بحسب نوع القماش و الخيط الذهبي المطرز به فهناك» كراكو المجبود» و» كراكو الفتلة» أو الكنتير و هناك من هو مصحوب بالتنورة أو سروال الشقة أو السروال المدور بحسب السيد بن ديمراد عبد  اللطيف صاحب أحد محلات بيع الأزياء التلمسانية حيث تتراوح الأسعار ما بين 40 ألف و 90 ألف دج بالنسبة «للكاراكو» الخاص بالنساء و ما بين 5 ألاف و 12 ألف دج بالنسبة للفتيات الصغيرات خاصة التلمسانيات اللواتي يحرصن على التزين بهذه الملابس التقليدية في الأعراس، خلال فصل الصيف.
كما يسجل إقبال كبير على شراء الأقمشة الخاصة بالصالونات التقليدية فضلا عن
انتشار محلات لبيع الأواني و العطور والأعشاب الطبية و المكسرات و الحلويات التقليدية خاصة الكعك التلمساني الذي لا تخلو منه أي صينية قهوة بالبيت التلمساني.
 يشد نظر الزائر للقيصرية كذلك كثرة محلات بيع و صنع المجوهرات، كونها حرفة  يمتاز بها التلمسانيون وتوارتثها العائلات أبا عن جد ويميز القيصرية الجو العائلي الذي يخلقه الباعة بينهم وبحسن استقبالهم للزبون و طرق عرضهم للسلع و تفانيهم في طريقة البيع حيث أبرز محمد وهو أحد الباعة أن «الحانوت» هو الاسم الذي يطلقونه على المتجر وأن التجارة ميزة التلمسانيين.  أضاف أنه كبر و ترعرع وسط هذا السوق داخل متجر أبيه لبيع القماش و أكد أن الأمان يميز القيصرية حتى أن الباعة يقصدون الجامع الكبير بجوار السوق لأداء الصلاة و يتركون محلاتهم مفتوحة لا أحد يعتدي على ممتلكات الأخر ما يخلق هذا الجو الأسري. وذكر في نفس السياق أن الباعة كلهم من أسر تلمسانية تتعارف مع بعضها البعض فكل تاجر يوجه الزبون لتاجر آخر في حالة عدم وجود السلعة المطلوبة عنده.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024