سبب لا وعي الأطفال ولا مسؤولية الآباء

حوادث الدرّاجة الهوائية تحوّل الهواية إلى مأساة حقيقية مشاهد الرّعب تنقلها «الشعب

استطلاع: فتيحة ــ ك

تعتبر الدرّاجة الهوائية من الألعاب المفضلة لدى الأطفال في الصيف لأنها تمنحهم الشعور بالسعادة بسبب سرعتها التي تجعلهم يقودونها وكأنها سيارة، ولكن الكثير منهم يتعرض لحوادث خطيرة بسببها. في هذا الاستطلاع سألت «الشعب» المواطنين عن رأيهم في هذا الموضوع، فكانت هذه الاجابات والآراء.

«محمد - ب»، أب لطفل تعرّض الأسبوع الماضي لحادث أثناء ركوبه دراجته الهوائية، سألته «الشعب» عن سبب الحادث فقال: «كنت جالسا في المنزل عندما سمعت صراخ ابني في الخارج، سارعت إليه فإذا بي أجده ممدّدا على الأرض ماسكا بساقه والدماء تلطخ يديه، هرعت إليه وسألته عن السبب فقال أنه سقط من الدراجة، المهم حملته في السيارة وأخذته إلى المستشفى، وهناك أخبرني الطبيب أنّه أصيب بكسر على مستوى الساق وجروح على مستوى الذراعين والوجه، ما تطلب وضع الجبيرة له».
وأضاف «محمد»: «بعد عودتي إلى البيت سألت أبناء الجيران عن سبب سقوطه القوي، فهو يلعب بالدراجة الهوائية منذ أن كان في سن الرابعة ولم يصب بأي أذى إلا بجروح بسيطة بسبب سقوطه، لذلك ارتبت في السبب الحقيقي وراء سقوطه، لم يخبرني أصدقاءه الحقيقة، لذلك توجّهت إلى صاحب المكتبة المتواجدة في الحي لأساله فأخبرني أنّ ابني كان يتسابق مع أطفال الحي فيمن يبقى معلّقا في الشاحنة أطول وقت ممكن، ولكن لسوء حظّه تفطّن السّائق للأمر، فما كان منه سوى أنه زاد من سرعة المركبة، الأمر الذي أفقد ابني توازنه فسقط بقوة على الأرض ما تسبّب في إصابته تلك».
«جلال» كانت له تجربة خاصة مع الدراجة الهوائية، تحدّث عنها لـ «الشعب» قائلا: «منذ أيام تمّ توقيفي من العمل بسبب حادث كان الملام الاول فيه أنا رغم أنّني لست السبب فيه، فبينما كنت أمرّ من الطريق الرئيسي لحي قعلول ناقلا الخبز كعادتي إلى المطاعم المتعاقدة مع المخبزة التي أعمل فيها، أمسك أحد الاطفال بالشاحنة من الخلف حتى يزيد من سرعة دراجته الهوائية، وليتباهى أمام أصدقائه بشجاعته الكبيرة، المهم أنّني تفطّنت للأمر فأردت أن ألقّنه درسا لا ينساه، فدست على الفرامل ثم عدت إلى الوراء حتى أخيف الطفل، ظننت أنّه سيترك الشاحنة ليعود إلى أصدقائه ولكن ما كان عكس توقّعاتي كلها».
واصل «جلال» حديثه: «في اللحظة التي عدت فيها إلى الوراء سمعت صراخ الطفل، أوقفت الشاحنة بسرعة ونزلت مسرعا إليه فإذا بي أجده تحت عجلة الشاحنة، لقد دهسته وأصبته في ساقه، هرع إليه الجيران وجاء والده غاضبا ضربني، ولولا الجيران لما استطعت الافلات من بين يديه، المهم نقل الطفل الى المستشفى لأنه أصيب بكسور في ساقه على مستوى الركبة وفي يده وبعض الجروج في وجهه، وطبعا حضرت الشرطة ولولا تدخل صاحب المخبزة الذي أعمل عنده لكنت الآن في السجن، ولكن الحمد لله سجّل المحضر على أساس أنّ الخطأ يتحمّله الطفل الذي تعلّق بالشاحنة بشهادة الجميع، ولكني اليوم موقوف عن العمل بسبب تهور طفل أراد أن يحوّل دراجته الهوائية إلى سيارة سباق بالتصاقه بالشاحنة، طبعا ما آلمني أكثر هي صفعة والده لي لأنه الأولى بها بسبب إهماله ولامسئوليته اتجاه أبنائه».
«رسيم» طفل في العاشرة من عمره سألته «الشعب» عن الدراجة الهوائية فأجاب: «أحب كثيرا اللعب بالدراجة الهوائية لأنّها سريعة وتمنحك الشعور بالقوة والسعادة، كما أنها وسيلة جيدة للتدرب على السياقة، ففي هذا السن لا يمكنك قيادة السيارة، لذلك أركب الدراجة الهوائية لأشبع فضول القيادة لدي، إلى جانب ذلك هي وسيلة فعّالة لشراء الحاجيات التي تطلبها منك والدتك، فأنا أستعملها لشراء الحليب والخبز وبعض السلع من عند البقّال، طبعا دون علم والدتي لأنها غالبا ما توصيني بعدم الذهاب بها ولكني أستغلها خاصة أن الدراجة لا تملك محرّكا لأذهب وأعود في صمت».
تحدّث «رسيم؛ أيضا عن الحوادث التي يتعرض لها الأطفال بسبب الدراجة الهوائية فقال: «كثيرا ما يصاب أصدقائي بجروح متفاوتة بسبب سقوطهم عن الدراجة الهوائية، ولكن غالبا ما يكمن الخطر عند قيادتها في الطريق العام لأنها لا تستطيع مجارات سرعة السيارات، خاصة وأن من يقودها طفل لا يدرك الخطر المحدق به، ففي تجربة قمت بها شخصيا عندما حاولت تقليد صديقي، ركبت دراجتي الهوائية ثم ذهبت الى الطريق العام لأمسك بإحدى السيارات لتصبح سرعة دراجتي مثلها تماما، ولكن المفاجأة أن والدي كان عائدا إلى المنزل ورأى ما فعلته، أتذكّر أنّه أوقف السيارة نزل منها ونادى باسمي، عندما سمعته أدركت أنه كان يوم الحساب العسير، وبالفعل منذ تلك الحادثة لم أركب دراجاتي الهوائية كعقاب على ما فعلته، خاصة وأنّ أحد جيراننا توفي بسبب حادث دهسته سيارة مسرعة وهو على الدراجة».
حالات خطيرة
«نصيرة شرقي»، طبيبة تخذير بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا، قالت عن حوادث الدراجات الهوائية: «على طول سنوات العمل في الاستعجالات رأيت الكثير من المرضى ضحايا حوادث الدراجات الهوائية يكون أغلبهم أطفال صغار لا يتعدى سنهم العشر سنوات، وكثيرا ما يكون التهور وعدم إدراك الخطر المحدق بهم سببا في تلك الحوادث التي قد تؤدي بحياة أحدهم، فكثيرا ما يحاول الأطفال زيادة سرعة دراجتهم الهوائية بالتعلق في إحدى المركبات خاصة الشاحنات لأن السائق لا يستطيع رؤيتهم ما يمنحهم مغامرة آمنة يتباهون بها أمام أصدقائهم».
وأضافت «نصيرة»: «لا مسئولية الآباء وإهمالهم السبب الأول وراء تلك الحوادث، ففي حالات كثيرة يكون الأطفال بمفردهم في الشارع لساعات طويلة دون مراقبة، ما يمنحهم نوعا من الثقة ويجعلهم فريسة سهلة للأفكار الجنونية التي لا نستطيع توقعها».
وأكّدت «نصيرة» أنّ ركوب الدراجة الهوائية هواية مفضّلة للكثيرين حتى الكبار منهم، إلا أنّها محاطة بأخطار عديدة أهمها الاصطدام والسقوط نتيجة فقدان السيطرة عليها بسبب عدم تحكم الطفل بالمقود، ما يجعله تحت التهديد الدائم خاصة وأن أغلب الحالات يصاب فيها الطفل بكسور قد يكون لها تأثير على مستقبله، «ففي إحدى المرات أحضر الوالد طفله الذي دهسته شاحنة،أتذكّر أن ركبتيه الاثنين كانتا مهشّمتين ما استدعى إجراء عملية جراحية دقيقة له، واعلم جيدا انه لن يسير بصفة طبيعية إن استطاع بعد ذلك الحادث، والأدهى والأمر أن سائق الشاحنة كان والده الذي لم يلاحظ ابنه ممسكا بالشاحنة من الوراء»، تضيف «نصيرة».
       وأخيرا
قالت إحدى الدراسات الحديثة أن 10 بالمائة من حوادث الدراجات الهوائية مميتة بسبب الاصطدام مع أشياء صلبة أو المركبات، خاصة في حالة عدم احترام قواعد السلامة لركوبها، فقبل ركوب الطفل الدراجة الهوائية يجب الانتباه إلى توفر الجرس والضوء والتأكد من من سلامة الفرامل كما يجب فحص عجلاتها لتكون في حالة جيدة، دون أن ننسى تعليم الطفل الالتزام بقواعد السلامة لأنها سبيله الوحيد لعدم التعرض لحادث خطير، كما يجب أن يكون حجم الدراجة الهوائية مناسبا لسن الطفل.
ربما يمكن إرجاع حوادث اصطدام الدراجات الهوائية بالمركبات بغياب الأماكن الخاصة لممارسة هذه الهواية، ولعله السبب وراء إقبال العائلات على المتنزهات الكبيرة كالصابلات ودنيا بارك، أين يحضرون دراجات اطفالهم ليلعبوا بها هناك بعيدا عن الاخطار التي تهددهم في الأحياء والشوارع الكبيرة. 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024