حفلة الزفاف في عرش إعمرارنن

«السعدان»، «قطية السالف» و«التعليق» عادات جميلة تقاوم العصرنة

بجاية: بن النوي توهامي

هي تقاليد توارثها عرش إعمرارنن منذ أجيال عديدة تبلورت خلالها عادات ميزت أعراس المنطقة بكثير من التفاصيل الجميلة التي تحمل في جوهرها الأخوة والمحبة والعلاقات الاجتماعية القوية، «السعدان»، «قطية السالف» و»التعليق» أسماء لبعض تلك العادات التي رصدتها «الشعب» لتنقلها لكم على لسان إحدى السيدات المعتزات بها لأنها ثقافة وحضارة تعكس التنوع الذي تتميز به الجزائر.
«داود زهرة» من عرش إعمرارنن قالت لـ «الشعب»: «تنطلق تحضيرات الزفاف ببجاية بإعداد الكسكس والحلويات، أين يتم استدعاء أفراد العائلة وكذا الجيران الذين يسارعون في تقديم يد المساعدة بكل سرور، وفي اليوم الأول يتم تحضير اللوازم من أجل ما يعرف بحمام العروس، الذي يعد احتفالا تتشارك فيه الجارات والقريبات، وتقوم فيه العروس المستقبلية التي ترتدي فوطة وردية و حايك من أجل تغطية رأسها، بالدخول إلى الحمام تحت زغاريد النساء اللواتي يحملنّ الشموع، وعند الانتهاء من الحمام يتم توزيع الحلويات والمشروبات (الشربات) على النسوة المتوجدات هناك».
وأضافت «زهرة»: «من أجل إيصال الدعوات إلى الأقارب والأصدقاء، تقوم الأم بما يعرف بالسعدان، فنقول حلان السعدان، وتتجسد هذه العادة في مزج السكر وماء زهر البرتقال بالماء العذب، وبعد ذلك يتم توزيع هذا المشروب على الجيران الذين يتم استدعاؤهم إلى ما يعرف بالتصديرة، وهي الحفلة التي تنظمها والدة العروس، حيث تتم دعوة الأصدقاء والأقارب من أجل رؤية ملابس العروس المختلفة والتي تكون في أغلبها تقليدية، فتقوم هذه الأخيرة بعرض أزيائها على إيقاع الدربوكة، ويتم توزيع المشروبات والقهوة والحلويات طيلة المساء».
وواصلت «زهرة» حديثها إلى «الشعب» قائلة: «بعد هذه الأمسية تتم مباشرة ما يعرف بقطية السالف، إذ يقوم المدعوون سيما الأقارب بتقديم النقود التي يضعونها في الطاسة، التي هي عبارة عن وعاء من النّحاس موضوع على ركبتي العروس، وفي الغد يحين موعد التعليق، ويتعلق الأمر بأخذ جهاز العروس إلى منزلها المستقبلي، فيتم تقديم أغراضها التي تم ترتيبها وربطها بكل عناية بأشرطة جميلة وملونة، إلى أهل العريس قبل أن يتم وضعها في الخزانة.
وينبغي التذكير بحسب السيد داود، أن كل من هذه الطقوس مصحوبة بالزغاريد لا تغادر المنزل لعدة أيام، وفي العشية التي تسبق رحيل العروس، تنظم حفلة الحناء، حيث يأتي الأصهار محملين بالجهاز في حالة ما إذا لم يكن هنالك حفلة خطبة، ويستمتع الجميع بأكل طبق الكسكس مع اللحم الذي يعد بهذه المناسبة، وبعد تناول العشاء تبدأ حفلة الحناء، فيتم تغطية وجه العروس بحويك مطرز بشكل ولا أروع، وتقوم أحد النساء المسنّات بغناء ما يعرف بالتقادم، والتي هي عبارة عن أشعار وقصائد شعبية.
وأثناء هذه الحفلة تقوم العروس بخلع حذاء رجلها اليمنى المطرز، لتكسر به بيضة كرمز للخصوبة، وكذا مخروطات من السكر البني (سكر قندلي)، وبعدئذ يتم خضب راحتي يديها بالحناء، وتقوم حماة هذه الأخيرة بوضع قطعة ذهبية في كل منهما، أو تهديها خاتما من الذهب أو مبلغا من المال.
وفي الأخير، يحين موعد رحيل العروس فيسمع بوق السيارات من بعيد دليلا على اقتراب من جاء لأخذ العروس أو ما يسمى بالبواقات، فيتسارع الجيران إلى نوافذهم لمشاهدة هذا المشهد المؤثر والمحزن بالنسبة للعروس وأهلها، لكونها ستترك المنزل الذي تربت وكبرت فيه، فيبسط والدها يده على الباب لتخرج هي من تحته ذراعه، وتستقبلها حماتها التي تقاسمها كوبا من الحليب والسكر كرمز للتفاهم، الذي ستميز علاقتهما وكذا رمز للإنجاب وطول عمر العلاقة الزوجية، وبعد ذلك وخلال الأمسية، تعاود العروس ارتداء كل أزياءها لتنهي العرض بارتدائها ثوب العروس الأبيض الناصع، وفي هذه اللحظة يدخل العريس ليتم تبادل الخواتم، في اليوم السابع، يتم تقديم وجبة على شرف عائلة العروس.
وتقتضي التقاليد على أن تقوم العروس لمدة سبعة أيام بارتداء أزيائها، وعلى أن لا تقوم بأية أعمال منزلية، ويقوم كل رجال عائلة العريس، عند رؤية العروس للمرة الأولى، بمنحها ورقة نقدية، ولكن للأسف، لأسباب يقال عنها مادية، تعد كثير من هذه العادات والتقاليد في طي النسيان، فهل من المعقول التخلي عن ذاكرتنا التي تمثل إرثا مشتركا آل إلينا من أجدادنا؟».

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024