خداوج العمياء

أسطورة بين الحقيقة والخيال

 

يعد القصر الأثري العتيق «خداوج العمياء» الذي يقع أسفل حي القصبة الشهير (أعالي عاصمة الجزائر)، تحفة خالدة وأسطورة جزائرية حية، وإحدى الروائع المعمارية النادرة التي تتلألأ قبالة الواجهة البحرية الموروثة عن العهد العثماني، ورغم مرور خمسة قرون طويلة على بنائه أول مرة من قبل البحار التركي الشهير «خير الدين بربروس» في ربيع 1546، إلاّ أنّ أعمدته وأقواسه وفوانيسه لا تزال شامخة كالطود العتيق على هامة مدينة الجزائر، كتاج يرصّع بلاد الولي الصالح « عبد الرحمن الثعالبي «. ,يحكى أن خداوج العمياء» هي امرأة عجز العلماء والفلاسفة عن حل رموزها وإيصال حقيقتها، فسموها بالأسطورة التي رويت في عصر مضى ولا تزال حكايتها تحير أجيالا حاضرة ففي مجملها تبقى قصة خداوج بين الواقع والخيال لما فيها من أحداث غريبة جعلتنا ننبش في ماضيها وكيفية عيشها، وأسباب تسميتها بـ «خداوج العمياء»، ونحاول في مجمل الكلام إيصال حقيقتها بطريقة أو بأخرى.
عاشت الأميرة خداوج في قصر فخم أنيق بالقصبة السفلى، وبالضبط بحي يدعى «سوق الجمعة» مع والدتها ووالدها الحاكم حسن خزناجي إلى جانب أختها الكبرى فاطمة.
كانت حياة البنت الصغرى، خداوج، مختلفة عن بنات سنها في عصرها، وحتى عن أختها الكبرى، فقد لقيت من الدلال ما يكفيها ومن المرح ما يرضيها، خصوصا من طرف الحاكم الذي منحها اهتماما مبالغا فيه. هذا ما جعلها تميل لوالدها، وباعتباره قائد للأسطول البحري الجزائري، كان حسن الخزناجي كثير السفر، وفي إحدى سفرياته أحضر لابنته مرآة ثمينة مصنوعة من زجاج يلمع، يشبه الألماس مع زخرفة منقوشة تحيط بحواشيها، ومع مرور السنين ازدادت خداوج حسنا، ومن شدة ولعها بذاتها وكثرة تأملها في المرآة يقال أنها أصيبت بالعمى، بعد أن فشل الأطباء والحكماء في علاجها. وخوفا على مصيرها، قرر والدها أن يهديها القصر الذي يقطنون فيه ضمانا لمستقبلها بعد موته.
تعودت خداوج على حياتها الجديدة وعاشت في القصر مع أبناء أختها عمر ونفيسة اللذان اعتنيا بها، الأمر الذي زادها حبا وتعلقا بالحياة، ليسمى بعد وفاتها بـ «دار خداوج العمياء».
القصر، ذو تصميم عمراني خاص بالعثمانيين، ففي مدخله نجد ما يسمى بالزريبة وهي مكان تجمع فيه الدواب، لتليها الدريبة، فيها نجد حنفية للاغتسال قبل الدخول إلى السقيفة التي تحوي ممرا طويلا ذي سقف مقبب وسميك ينتهي على جوانبه بأقواس جدارية مجوفة ومحمولة على أعمدة رخامية، وعدد الأقواس من جهة اليسار أربعة، هي مفصولة بثلاثة أعمدة، يأخذ كل عمود شكلا حلزونيا، بينما نجد قوسين بالجهة اليمنى.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024