الموسيقار أحمد مالك.. من المحلية إلى العالمية

عطاءات إبداعية ببصمات جزائرية

جمال أوكيلي

 

المرحوم الموسيقار أحمد مالك قامة فنية فريدة وظاهرة إبداعية لا تتكرّر، يصنف إلى جانب العمالاقة بالجزائر خلال فترة السبعينات وبعدها، كبوجمية مرزاق، معطي البشير، عبد الوهاب سليم، شريف قرطبي، هارون الرشيد، الباجي، كمال حمادي، محمد بوليفة، بلاوي الهواري وغيرهم من العباقرة الذين تركوا بصماتهم بارزة في سجل الأغنية الجزائرية، يستحقون كل التقدير والتكريم منا، اعترافا لما قدموه من عطاءات لا حدود لها طبعت كل واحد منهم.
تعود بنا الذاكرة اليوم الى أحد من هؤلاء، ألا وهو الراحل أحمد مالك بالمتحف العمومي الوطني للفن الحديث والمعاصر الكائن بشارع العربي بن مهيدي في معرض جامع مانع لأحمد المبدع ومالك الانسان، بقيم المثابرة والبحث  في هدوء وصمت، بعيدا عن الأضواء والبهرجة وحب الظهور، هكذا كانت طباع شخصية هذا الرجل الفذ.
هذه فلسفة حياته وإيمانه العميق بما يقوم به ضمن اختصاصه الفني العزف على الناي، التلحين المميز للأفلام، الإشراف على جوق الاذاعة والتلفزيون جعلته يتبوأ المراتب الأولى في الإحراز على الجوائز بداخل الجزائر وخارجها والجميع يتذكر أفلام عطلة المفتش الطاهر، عمر ڤتلاتو، ليلى وأخواتها، الفحام، تشريح مؤامرة، الحريق، أولاد نوفمبر، صمت الرماد، سقف وعائلة وأشرطة أخرى.
والمسار الفني لأحمد مالك زاخر بالروائع الفنية والمحطات التاريخية تشهد على ذلك منذ حضوره مهرجان هلسكي في  1962، ومعرض منتريال بكندا في نفس السنة، كان عازفا على الناي في الأوركسترا السامفونية للمهرجان الافريقي بالعاصمة، حاز على الجائزة الأولى لفنون التأليف في 1972، والميدالية الذهبية في المهرجان الافريقي في 1976، وزار براغ وكوبا هذا البلد الثوري ورمز النضال والتحرّر تنقل إليه 8 مرات، كما ذهب إلى بالتيمور بأمريكا بدعوة من لجنة فيفيان ألدرباع رودو.. وكذلك داكار، وبرازافيل وتونس، وتحصل على الجائزة الكبرى لموسيقى الأفلام.
وشارك 6 مرات في مهرجان بورج بفرنسا وإشبيليا بإسبانيا هذه الجولات الفنية والارتباطات المهنية والالتزامات الخارجية أرهقته  وسببت له متاعب صحية ألزمته الركون إلى الراحة لاستعادة قواه المنهارة بفعل ضغط العمل المتواصل وبدون انقطاع.. والصور الموجودة بالمتحف السالف الذكر تشهد على «رحلات» أو بالأحرى «مهمات» هذا الرجل إلى الخارج وتكليفه بأعمال مضنية بالداخل في الوقت الذي كانتا فيه هانيا المولودة باليابان ومايا بالعاصمة  يترعرعان في حضن مالك ووالدتهما دانيال بير كمانس.. بالرغم من ذلك واصل «طوافه» بالعالم إيمانا منه بالرسالة الانسانية التي كان يحملها في ذاته.
يعتبر هذا المعرض المخصص لمسيرته الممتدة من 22 جوان إلى غاية 31 جويلية بمثابة إحاطة لنشاط مالك بداخل وخارج الوطن عبارة عن قصاصات للجرائد منها أسبوعية «ألجيري  أكتوياليتي» لكمال بلقاسم لا تتوفر على التواريخ مثبتة على المنشور وهذا من أبجديات التصنيف في الأرشيف، خاصة للباحثين.. كما هناك لباسه الخاص عبارة عن قميص بلون رمادي على شاكلة تفصيل كوبي أو افريقي، لا توجد معلومات عنه، بالاضافة إلى مجموعة من البطاقات المهنية والشارات زيادة على منظومة من ألحانه خاصة تلك المهداة إلى السيدة سلوى مخصصة للأطفال عنوانها «يا أمي» والتي حقّقت نجاحا باهرا خلال الفترة وما تزال صالحة إلى يومنا هذا من كلمات المطربة نفسها.
نأمل فقط أن يتذكر المتحف رواد آخرين في الفن الجزائري أفنوا أعمارهم وهم يداعبون الآلات الموسيقية إلى آخر رمق من حياتهم ويعود بنا الشريط إلى محبوب باتي وبوليفة الذي أبدع في صناعة «الأوبيرات» قد تكون هذه البداية المشجعة فقط نشدّد على نقطة وهي أن كل معرض يقاس بمدى إقبال الجمهور عليه.


 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024