أمام صمت سلطة السّمعي البصري

أين هي معايير الدراما والإعلانات في القنوات الجزائرية؟

بقلم د. وليد بوعديلة أستاذ بجامعة سكيكدة

 رغم كثرة المنتج الإعلامي وتنوّعه بين الدراما والكوميديا والحصص إلى جانب الكثير من الإعلانات التسويقية البرامج والحصص الرمضانية المناسباتية، أمام عين وقلب وعقل المتلقي الجزائري، فإن هذا المتلقي - بكل فئاته الاجتماعية - ترك وحيدا لمصيره و لتأثره النفسي والفكري،وصارت مرجعيته الدينية والوطنية مهددة، من دون وجود أي رقيب أو متابع كي يضع القواعد والمعايير؟؟

لم نسمع صوت سلطة ضبط لسمعي البصري، ولم نقرأ لها أي تدخل لمراقبة ومتابعة القنوات الفضائية الجزائرية العمومية و الخاصة، بل غير رئيسها في شهر رمضان وعوض بآخر، فتأكد انسحاب أجهزة الدولة ومؤسساتها من حماية الذوق العام وتنبيه القنوات لكثير من الزلات والأخطاء التي تمس بقيم المجتمع وقد تهدد وحدته؟؟
كنا نتمنى من أن تتوفر دولة بحجم الجزائر على جهاز قانوني كبير وفعاّل، ليحمي المتلقي للحصص والمسلسلات الرمضانية، ونعلم أنّ الجزائر تتوفر على ملايين المتابعين للقنوات، وهي بلد شاسع وممتد جغرافيا وثقافيا، بكل تاريخه المجيد وتنوعه الحضاري- الثقافي، وبكل آمال الدفاع عن الوحدة ، بخاصة مع الحراك الشعبي السلمي...
ونعلم أن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر الشقيقة يتدخل  ويضع المعايير الأخلاقية، ويوجّه وسائل الإعلام وشركات الإنتاج للحصص والأعمال الدرامية، كما وضع عقوبات مالية لكل مخال، وتحديدا للأعمال المقدمة في شهر رمضان.فلماذا لا نستفيد من التجربة المصرية..يا ناس الجزائر؟؟
وقصد الحفاظ على الضوابط الأخلاقية للمجتمع، فقد جاءت السلطة المتابعة للمنتج الاعلامي بجملة من المعايير للدراما والاعلانات، مثل: الالتزام بالميثاق الأخلاقي والمعايير المهنية والآداب العامة،احترام عقل المشاهد،الرقي بالذوق العام والرقي بالجمال في المجتمع، عدم استخدام الألفاظ البذيئة والفاحشة، البعد عن الشتائم والسباب...
وبالعودة للقنوات الجزائرية فقد سجلنا بعض الملاحظات على الدراما و الإعلانات والحصص في شهر رمضان، منها:
وجدنا إشهار لنوع من الشكولاطة يستعمل فيها الشيخ ألفاظا بذيئة ضد طفل صغير في مقهى، مستعملا كلمة «أيّها الشموتي»، وقد صار الكثير من الشباب والأطفال يستعملونها في خطابهم اليومي بصورة كبيرة؟؟ فهل تتدخّل سلطة الضبط لحذف هذا السباب يا ناس؟؟
 كما أن بعض الومضات الاشهارية تشجع السرقة واستعمال الخدعة والحيلة بين الأصدقاء وداخل الأسرة، كما تشجّع على الكذب والنفاق والتشكيك في العلاقات الأسرية والعائلية، بحجة امتلاك طعام معين او منتج معين، تتسارع شركات الانتاج الإعلامي لتسويقه والتعريف به على حساب قيم اجتماعية وأخلاقية، فهل نصل لجيب المواطن عبر تجاهل بل تشويه وخنق على قيمه يا ناس؟؟
وجدنا مشاهد كثيرة للتدخين واستعمال ألفاظ مشينة ومشاهد للعنف والضرب ضد المرأة، مع مشاهد خادشة للحياء العائلي...في مسلسل أولاد الحلال، وقد حقق مشاهدات كبيرة، لاقترابه من الأحياء الشعبية الجزائرية في مدينة بالغرب الجزائري، لكنه مرّر ممارسات وقيما تنافي اللّمة العائلية الرمضانية، وكان يمكن تجنب الحرج الأخلاقي، بالمعالجة الدرامية أوبتنبيه من سلطة الضبط،  لوضع شارة بأن بعض أحداث المسلسل لا تناسب الأطفال.
بعض الأعمال الكوميدية سخرت من اللغة العربية بصورة مباشرة، من دون أي مبرر فني أو تمثيلي، مثل مسلسل الرايس قورصو وسلسلة عنتر نسيب شداد، وكنا نتمنى أن يجد المواطن الجزائري سلطة تحمي هويته وعناصرها اللغوية و الثقافية، فهل نكسب المتلقي عبر شتم هويته يا ناس؟؟
تستمر بعض القنوات الجزائرية في عرض أفلام أجنبية من دون وضع شارة تحدد سن الأطفال للمشاهدة في ظل وجود مشاهد للعنف والدماء والقتل والاغتيال..
 لا داعي للحديث عن السرقات الفنية والأدبية للأعمال وللأفكار الخاصة بالإعلاميين أو المبدعين الشباب، بل إنّنا استمعنا لبعض الموسيقى التي تأتي للفصل بين الحصص والبرامج مسروقة من قناة سعودية خاصة مشهورة، تكون من ثلاثة أحرف، يبدأ اسمها بحرف الميم اللاتيني، وينتهي بالسين، واشتهرت بتقديم سلسلة «طاش ما طاش»، لكننا استمعنا لومضتها الموسيقية الرمضانية في قناتين جزائريتين خاصتين، فأين حقوق التأليف؟ هذه سرقة موصوفة يا..ناس؟ وماذا لو رفعت هذه القناة دعوة قضائية، لتنكشف المهزلة و الفضيحة يا..ناس؟؟
أخيرا  هذه بعض الملاحظات العامة عن بعض القضايا الفنية والإعلامية، التي تحتاج لمتابعة ومراقبة، حماية لحقوق المشاهد الجزائري، وتجنبا لكثير من الأخطاء والمزالق التي قد تهدد القيم والتقاليد المجتمعية الجزائرية، فهل يصل صوتنا؟
وهل نسمع لبيان مستقبلي لسلطة ضبط السمعي البصري الجزائرية؟؟ وهل تنجز المعايير والأسسو القواعد على المصنفات الفنية وعلى الإعلانات لتنظيم السوق الفنية والإعلانية؟؟ وهل يجد المشاهد الجزائري من يحترم ذوقه وأخلاقه ويسهم في جمع عائلته وليس تشتيتها؟؟ اللهم آمين، رمضان كريم وكل عام وأنتم بخير.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024