مواكبة التطورات التكنولوجية بالاستعداد للتهديدات
يتزايد حجم تأثير مخاطر الهجمات الالكترونية بتطور الاستخدامات التكنولوجية في بيئة رقمية ذكية فائقة السرعة، ما يفاقم المخاوف والتهديدات.. إذ تكاد كل الأنشطة، وفي مجالات إستراتيجية، تعتمد على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
رضا ملاح
بدأ الخبير في تكنولوجيا الإعلام والاتصال، يونس قرار، حديثه عن «الأمن المعلوماتي.. مخاطر وتحديات»، من الأهمية البالغة للمعلومات والمعطيات التي يكتسبها الأفراد أو المؤسسات في عصر التكنولوجيات الذكية وتوسع استخدامها.
وقبل الحديث عن المخاطر والتحديات، قال قرار إنّ هذه التكنولوجيات أنقذت العالم من تداعيات وباء كورونا وما رافقها من قيود وإجراءات شلّت ميادين كثيرة، حيث برزت جوانب مذهلة لتقنيات الاتصال، والذكاء الاصطناعي الذي يقلّد الإنسان.
غير أنّ هذه التكنولوجيات – وفق قرار- باتت تشكل تهديدات خطيرة جدا، تجاه الأفراد أو المؤسسات: «توجد أمثلة عديدة تخص جرائم الكترونية، اليوم لا يوجد من يمكنه الاستغناء عن هذه التقنيات، فلذلك علينا الاستعداد لمواجهة التحديات والبحث عن الحلول، الجرائم الالكترونية تمسّ كل الدول».
وأشار قرار إلى أنّ التحدي الأكبر أمام الجزائر، ودول كثيرة، يكمن في استعمال تطبيقات أجنبية عديدة مثل «فايسبوك»، و»اتساب» و»غوغل» ولا يمكن التحكم فيها: «الشركات المالكة لهذه التطبيقات تفرض قواعد خاصة، وما نعتبره نحن تهجّما يعتبرونه حرية تعبير، لهذا اتجهت بعض الدول إلى استحداث تطبيقات خاصة بها مثل الهند والصين في إطار حرب الكترونية».
السيادة الرقمية
ولإبراز حجم المخاطر التكنولوجية، أوضح ضيف «الشعب أونلاين» أنّ «البلدان المذكورة منعت تطبيقات مثل التي ذكرنا، وقررت استحداث تطبيقات مشابهة تسمح بالحفاظ على مصالحها.»
في الأمن المعلوماتي، تحدث قرار عن أولويات إستراتيجية متعلقة بالسيادة الرقمية للدول، الأمر يتعلق – حسبه- بحماية بيانات وأنظمة معلوماتية لهيئات ومؤسسات رسمية حساسة، وفي حالات معينة تكون الهجمات الالكترونية عمليات معزولة، لكن في حالات أخرى كثيرة تكون هجمات مدروسة تقودها جهات معينة لتحقيق أغراض ما.
وبشأن مخاطر استخدامات البيئة الرقمية، ركز الضيف على تنامي ظاهرة الشائعات والأخبار الكاذبة بمواقع التواصل الاجتماعي، تستعمل أحيانا في إطار حروب الكترونية بين دول ومؤسسات، لتشويه سمعة الطرف الآخر:» لاحظنا بما يعرف بالجيوش الالكترونية واختراق الصفحات وسرقة كلمات السر لمستخدمين.»
ومثلما هو معلوم تتزايد مخاطر الـ «الفايك نيوز» (الاخبار المغلوطة) بتطور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، إذ توجد برامج كثيرة في الانترنيت يستعملها المستخدمون على هواتفهم دون معرفة خطورتها، أحيانا تكون برامج خبيثة مخصّصة للاختراق وسرقة معطيات ومعلومات: «حتى التطبيقات الأكثر استعمالا في العالم لا يمكن الوثوق فيها، وهو ما يترجم المخاوف ولجوء دول إلى استحداث تطبيقات مشابهة»، وفق المتحدث.
صناعة «فايك نيوز»
وعن تنامي تهديدات الـ»فايك نيوز» بالجزائر، أشار الضيف إلى أنّ شبكات التواصل الاجتماعي تحولت تقريبا إلى «المصدر الأول» للمعلومات، تستند إليها حتى وسائل الإعلام، كل مواطن يملك هاتفا ذكيا ومرتبط بتقنية الجيل الرابع يعتبر صحفيا مواطنا.
وتابع في هذا الشق: «للأسف السرعة والسبق في نقل حدث أو معلومة ما، خطوات تتجاهل التدقيق والتحقق من المعلومات المتداولة على فضاءات التواصل الاجتماعي».
وربط المصدر انتشار الأخبار الكاذبة في الجزائر، بشكل غير مسبوق، بفترات الأزمات مثل وباء كورونا، السيولة المالية ومادة السميد..الخ، في هذه الظروف – أوضح – كل المواطنين يبحثون عن المعلومة، بالمقابل، توجد جهات تترصد الفرص لصناعة الشائعات وترويجها.
وواصل قائلا: « في حالات معيّنة الأخبار الكاذبة تكون وراءها جهات تسعى إلى نشر البلبلة والفوضى، وتتجسد أحيانا في صورة صراع دول، مؤسسات وأفراد.. والأهم في كل ذلك كيفية التعامل مع الظاهرة في ظل التدفق الهائل للمعلومات، الأمر لا يتعلق بقناة تلفزيون أو جريدة يمكن مراقبتها ومحاسبتها، نتحدث عن بيئة رقمية متطورة وسريعة».
التربية الأمنية
من جانب آخر، أبرز الخبير في تكنولوجيا الاتصال دور الإعلام في مجابهة مخاطر الجرائم الالكترونية، وتنوير الرأي العام للحد من تأثيراتها على الأفراد والمؤسسات، والبداية تكون – حسبه- بتدريب صحافيين على تقنيات وتطبيقات رقمية تكسبهم مهارات تتيح إمكانية التحقق من المحتوى.
كما أشار – أيضا- إلى أهمية ترصد الأخبار والمحتويات المضللة وتكذيبها، وتنويه المواطنين بالجهات التي تروج لأخبار كاذبة على مواقع التواصل الاجتماعي (حسابات مزيفة، صفحات.. الخ)، من أجل التضييق عليها وعزلها عن التفاعل: «على المؤسسات الإعلامية أو جهات أخرى موثوقة تخصيص فضاءات على موقعها الالكتروني أو صفحاتها بمواقع التواصل الاجتماعي لمجابهة الأخبار الكاذبة بشتى الطرق».
اكتساب مهارات تكبح تأثيرات الجرائم الالكترونية، لا يقتصر – وفق قرار – على الصحافيين، بل يجب ترسيخ ثقافة معلوماتية لدى المواطن لتمكينه من التعامل مع ما ينشر من «سموم».
وقال في هذا الخصوص: «يجب تكوين تربية أمنية الكترونية لدى الأطفال في المؤسسات التربوية مثلما نلقن التلاميذ خطورة المخدرات وآفات أخرى نلقهم كيف يمكنهم التعامل مع المعلومات التي تنشر في شبكات التواصل الاجتماعي، بما في ذلك الجوانب التقنية المتعلقة باختيار كلمة السر، الروابط المجهولة».