كشف، أمس، المدير العام لبورصة الجزائر يزيد بن موهوب، عن مشروع خاص لإنشاء سوق خاص بالشركات الناشئة داخل البورصة، على أنقاض الصندوق الخاص بالشركات الناشئة، المرشح للزوال خلال السنوات القادمة، والذي يمول حاليا أكثر من 60 مشروعا، بحسب الإحصاءات المقدمة من قبل السلطات المعنية.
أورد بلموهوب خلال نزوله ضيفا على “الشعب”، أن الصندوق الخاص بالشركات الناشئة سيزول خلال السنوات القليلة المقبلة، لذلك تسعى بورصة الجزائر إلى أن يكون خروج الصندوق من رأسمال هذه الشركات داخل البورصة، حتى تصبح هناك شركات مدرجة بإمكانات تمويل كبيرة، ويكون السوق هو المحدّد لاستمرار الشركة من عدمه.
في السياق ذاته، قال المتحدث إن “البورصة تقدم امتيازات أخرى، على غرار الامتيازات المالية. فالدولة تشجع الشركات التي تصدر المنتجات والسلع والخدمات، خاصة وأن الأسواق العالمية ترحب بالشركات المدرجة في البورصة، لأنها تعتبرها شركة شفافة ومسيرة حسب الضوابط المطلوبة في حوكمة الشركات، ويعتبر هذا الأمر أيضا ورقة لتشجيع الشركات الجزائرية على الولوج إلى الأسواق العالمية من باب البورصة”.
قال المتحدث، إن عدد الشركات في البورصة حاليا لا يتعدى أربع شركات عمومية، وهي فندق “الأوراسي”، “صيدال”، “أليانس للتأمين” و«بيوفام”.
وحول سؤال متعلق بآليات إرساء نظام تمويلي في البورصة حاليا، أكد ذات المسؤول، أن المنظومة حاليا متكاملة من ناحية القوانين، مبرزا أن بورصة الجزائر تضم مؤسسات، تتمثل في لجنة لمراقبة عمليات البورصة، إضافة إلى مؤسسة البورصة، وهي القلب النابض لها، كما توجد أيضا الجزائرية للتسوية.
وشدد على أنه ومن ناحية المنظومة، فالمؤسسات متواجدة ومستعدة، إضافة إلى ضرورة إعادة النظر في مختلف النصوص والتشريعات وإدخال تحسينات عليها.
فمن الناحية التقنية والتشريعية ــ يؤكد المتحدث ــ السوق مستعد، حيث بقي اليوم ولوج المؤسسات إلى البورصة، خاصة وأن هناك امتيازات كبيرة توفرها بورصة الجزائر لا نجدها متاحة في بورصات عالمية في دول عظمى.
وذكّر بن موهوب بالتحفيزات والامتيازات الكبيرة التي تقدمها البورصة، خاصة تلك المتعلقة بالإعفاءات الضريبية على الأرباح، التي تتماشى مع نسبة الانفتاح، مبرزا أن الشركات المدرجة على مستوى البورصة لها امتيازات تجعل المواطنين أو الشركات تتبنى ثقافة البورصة.
ومن بين الامتيازات الخاصة بالنسبة للراغبين في الاستثمار في البورصة ــ يقول المسؤول ذاته ــ أن كل الإرباح والعوائد معفاة جبائيا، سواء بالنسبة للأشخاص أو المؤسسات، وهي ميزة تخص بورصة الجزائر فقط، على خلاف ما يتم توفره في بورصات عالمية، وهذا أمر مدرج منذ سنة 2003، وقد تم تفعيلها إلى غاية سنة 2023، سواء بالنسبة للأسهم أو السندات.
أضف إلى أن الشركات التي تفتح رأسمالها عبر البورصة، تتحصل على تخفيض في نسبة الضريبة على أرباحها غير محدد، حيث تقدر التخفيضات بنفس قيمة الانفتاح، إذ يتماشى مع نسبة الانفتاح، مثلا أن الشركات الكبرى التي تشترط عليها البورصة نسبة انفتاح لا تنزل عن نسبة 20٪، فهي ستستفيد من تخفيض على الضريبة يقدر بـ20٪ سنويا، ولمدة خمس سنوات ونفس الشيء مع النسب الأخرى، مبرزا أن هذا الامتياز الذي تقدمه بورصة الجزائر، على خلاف كل البورصات العالمية الكبرى، يعتبر حافزا كبيرا للولوج إلى البورصة.
إضافة إلى ذلك ــ يؤكد ضيف الشعب ــ “أن عوائد الشركات لسنة 2020، أظهرت أن هناك شركات مدرجة في البورصة، عوائدها تتجاوز 10٪ معفاة من الضريبة، بينما لا توجد أي مؤسسة مالية ــ البنوك ــ في الجزائر تقدم هذه النسبة من العوائد. مع العلم أن البنوك تقدم نسبة 2,5٪ أو 3٪ فوائد غير معفاة من الضريبة، غير أن البورصة تقدم 10٪ معفاة من الضريبة، في وقت أصبحت مردودية المنتجات المالية منخفضة، مع تراجع قيمة الدينار الجزائري في البورصة، لذلك تعتبر البورصة وسيلة للإنعاش الاقتصادي.
في ذات السياق، أوضح نفس المتحدث، أن للبورصة دورا مهما في بلوغ الشمول المالي في الجزائر، حيث أن كل جزائري يمكنه أن يتعامل بمعاملات بنكية ومالية، خاصة إذا أدرجنا شركات خاصة أو عمومية معروفة وتقدم أرباحا في المستقبل، فهذا الأمر يشجع المواطن الجزائري على الاستثمار في البورصة، إذ لابد من مروره على الوسطاء وهم البنوك، فعلى كل مواطن يريد الاستثمار في البورصة، فتح حساب بنكي، وبهذه الطريقة سنساهم في الوصول إلى الشمول المالي المرجو في الجزائر.
وأفاد المتحدث خلال رده على تساؤلات تصب في خانة عدم إقبال الشركات على الولوج في عالم المال والأعمال من خلال البورصة، بالرغم من كل هذه الامتيازات وما هي العوائق التي تحد من حركتها، بأن “سيطرة البنوك على النظام التمويلي في الجزائر، خاصة وأن البنوك العمومية هي التي تمول الاقتصاد، فأرباب العمل بشركات القطاع الخاص تعتمد تمويلا ذاتيا أو عن طريق البنوك فقط، إضافة إلى عائق كبير متمثل في شبح السوق الموازي الذي ينافس السوق الرسمي، لذلك لابد من إدراج التكنولوجيا والرقمنة في المعاملات المالية، وهي من بين الحلول التي يمكن تحقيقها خلال السنوات القليلة المقبلة، للقضاء على السوق الموازية التي تستمد نشاطها من السيولة النقدية، لذلك لابد من إدراج تعاملات مالية مرقمنة، خاصة وأن مساعي الدولة تنصب على إنشاء نظام بيئي خاص بالشركات الناشئة المبتكرة، وهو ما نرحب به ونشجعه.