دعا مدير عام مجمع الطاقات الخضراء بوخالفة يايسي، لمراجعة تسعيرة الكهرباء والغاز في الجزائر، من أجل إنجاح الانتقال نحو التحول الطاقوي، إذ أنّ استمرار دعم الدولة لتلك المواد الطاقوية، جعل الفرد ينتهج نمطا استهلاكيا غير عقلاني، اتكاليا بالدرجة الأولى، فضلا عن عدم خوضه في مشاريع الطاقة الشمسية التي تعتبر بديلا هاما للطاقة في الراهن.
أكد يايسي، خلال نزوله ضيفا على جريدة «الشعب»، أنّ المشاريع التي تم الإعلان عنها سابقا، التي تخص التحوّل الطاقوي في الجزائر، تتلخص أهمها في مشروع «سولار1000»، ومشروع إدخال تقنية « جي بي ال» على السيارات أو ما يعرف بمشروع «سير غاز «.
فضلا عن مشاريع أخرى، مثل اعتماد «مصابيح «لاد» «، ناهيك عن مشروع العزل في البناء، حيث تم الانطلاق بها بصفة محتشمة لا تتعدى ألف وحدة سكنية.
التمويل.. آخر المشاريع
وفسر محدثنا تأخر إنجاز تلك المشاريع بغياب الآليات لتنفيذها، في وقت أنّ المبلغ المخصّص لدعم الطاقات المتجدّدة لا يتعدى 2000مليار دينار، وهو لا يمول المشاريع حاليا، بعدما ساهم من قبل في تمويل البعض منها، على غرار مشروع سير غاز للسيارات، حيث تدعم الدولة المشروع عن طريق مبلغ يصل إلى 50 بالمائة من تكاليف السيارة الواحدة وتتحمل نصف الأعباء.
كما لفت إلى أسعار الغاز والكهرباء حيث أنّها غير مرتفعة، جعلت تلك المشاريع تفتقد لقاعدة الانطلاق، وتجسيدها يسير ببطء، خاصة وأنّ مشاريع الانتقال الطاقوي تستغرق سنوات عديدة، في وقت تحتاج وزارة الانتقال الطاقوي إلى إمكانيات بشرية كفؤة ومختصة في هذا المجال، للمضي قدما نحو تجسيد المشاريع، وهي التي انطلقت من الصفر، بمعنى أنّها قضية تمويل ووقت وتوفير لموارد بشرية مثل جلب الخبراء في الميدان، يقول يايسي.
وأكد نفس المختص، وهو يجيب على سؤال يتعلق بدور شركتي سونلغاز وسوناطراك في إطار التحول الطاقوي، أنّ للشركتين دور كبير، فلا يمكن التقدم دون إشراك سونلغاز في الأمر، خاصة وأنّها تحتاج للتحول مع وجود علاقة بين توليد الكهرباء والاستهلاك، وهي علاقة في اتجاه واحد حاليا، بينما يجب أن تكون في الاتجاهين، على غرار ما يحدث في باقي دول العالم، حيث أنّ سونلغاز تمد الطاقة للمستهلك وهو بدوره يمدها بالطاقة، من خلال ضخها في شبكتها الكهربائية، واستغلال الألواح الشمسية على أسطح المنازل لالتقاط أشعة الشمس الخارقة ومنها توليد الكهرباء.
وطالب المتحدث بتعديل القوانين والنصوص التي تسمح بضخ الطاقة الخضراء في الشبكة الكهربائية لسونلغاز، قائلا «لابد من فتح الشبكة الكهربائية للمؤسسات والخواص الذين يريدون الاستثمار في المجال، من أجل إنتاج الكهرباء عن طريق التبادل أو بيع الفائض، مثل المدارس التي تنتج الطاقة عن طريق نصب ألواح شمسية على أسطحها، لكنّها لا تملك الحق في ضخ الفائض في شبكة الكهرباء، علما أنّ المؤسسات التربوية والبالغ عددها 600 مدرسة تملك لوحات شمسية على أسطحها، ولا تستغل ذلك الفائض، لما يخرج التلاميذ في عطلة خلال فصل الصيف، إذ لا يمكنها مدّ الطاقة للشبكة، لذلك لابد من فتح المجال صيفا، وهي فترة يكثر فيها الطلب، لذا لابد من تجسيد الأمر، حيث نستطيع إنتاج الطاقة البديلة».
كما يمكن من خلالها ـ يقول يايسي ـ تغطية العجز المالي للبلديات علما أنّ بلديات الوطن تحتضن تقريبا 19 ألف مدرسة و19 ألف مسجد، متسائلا عن الفائدة التي تتحقق لو تستغل تلك المرافق في توليد الطاقة الشمسية، لتبيعها إلى سونلغاز على شكل استثمار، بدل أن تدفع البلدية عنها تكاليف مالية هائلة، حيث ستساهم بذلك في سدّ العجز المالي، مثل إبرام عقد استغلال لمدة 25سنة، وحينها يمكن الحديث عن ضخ ملايين الدينارات في خزينة البلدية. وهو وأمر ليس صعبا، يمكن تجسيده، حسب تعبيره.
وكشف يايسي بالمناسبة أنّ هيئته تقوم بإعداد دراسات على أساس فتح مثل هذه المشاريع، وتقدمها للوصاية، على أمل أن يتحقق الأمر مع نهاية عام 2022.
غير أنه شدّد، على ضرورة تشجيع الاستثمار في مجال الانتقال الطاقوي، إذ لابد من إعادة النظر في تسعيرة الكهرباء المدعمة التي هي في متناول الجميع، وهو ما جعل حدوث تأخر في تجسيد استهلاك الطاقة الشمسية، مع انخفاض تسعيرة الكهرباء، ولو كان العكس لكان تفضيل الطاقة الشمسية، ما جعل الاستهلاك غير عقلاني، وشجع على الإفراط فيه.
وواصل يقول « هناك من يستعمل خمس مكيفات هواء في منزله، أو حتى في المطابخ، إذ لابد من تغيير هذه التصرفات من خلال مراجعة تسعيرة الكهرباء، يرافقها تقديم مساعدة للمستهلك للتقليل من كمية استهلاك الكهرباء، مضيفا أنّه « إذا استمر دعم الكهرباء والغاز على نفس الوتيرة لن تجد مشاريع الطاقة الشمسية طريقا لها في الجزائر».
أولوية مشاريع الطاقات المتجدّدة
وفي السياق، أوضح المتحدث، أنّه لابد من إعطاء الأهمية والأولوية لمشاريع الطاقات المتجدّدة في قانون الاستثمار المقبل الذي يرتقب الكشف عنه، قريبا، وفقا لما أكده رئيس الجمهورية في لقائه الأخير مع ممثلي الصحافة الوطنية، إذ يجب أن يحظى بنفس الاهتمام الذي توليه الدولة لمشاريع استثمارية أخرى، فضلا عن تحقيق نمط تمويل خاص بها، بتقديم مساعدة مالية لأصحاب المشاريع الصغرى، لتقليص مدة إنجاز المشروع على غرار تركيب الألواح الشمسية على أسطح المنازل والعمارات.
فعوض أن يتحمل المستثمر التكلفة التي تجبره على إنجاز المشروع في30 سنة، خاصة وأنّ تجسيد مشاريع الطاقة الشمسية طويلة الأمد، قد تستغرق سنوات طويلة، تتدخل الدولة بدعم تلك المشاريع، وبذلك تتقلص المدة إلى 5 سنوات فقط، وهو ما يشجع على اقتحام الاستثمار في هذا المجال.