كشف الوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلف باقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة ياسين المهدي وليد، أن التحولات الرقمية وتكنولوجيا المالية استدعت إعادة النظر في قانون النقد والقرض في الجزائر، حيث تضمن مخطط عمل الحكومة 2022 مشروعا لإدراج الوسطاء في الدفع الإلكتروني، على اعتبار أنها فئة من المؤسسات المالية التي تقدم حلولا رقمية لهذا النوع من الدفع، مؤكدا قدرة الشركات الناشئة على استقطاب الاستثمار الأجنبي بقانون ترقية الاستثمار وهو ما سيأخذه قانون ترقية الاستثمار الجديد.
عن مصدري الخدمات الرقمية في الجزائر، قال الوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلف باقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة ياسين المهدي وليد، عند نزوله ضيفا على منتدى مواقع «الشعب» الإلكترونية، إن لجوء بعض الشباب الى البنوك الأجنبية مرتبط بغياب حلول للمصدرين الرقميين المرتبط أساسا بوجود بنوك رقمية، وهو المشكل الذي أخذ بعين الاعتبار حتي يتمكنوا من استرجاع كل إيراداتهم بالعملة الصعبة.
وتم في الأشهر الماضية تبني تعديل لتنظيم خاص بالبنك المركزي، يسمح لمصدري الخدمات الرقمية والشركات الناشئة استرجاع إيراداتهم بالعملة الصعبة دون إجراءات التوطين. فالجزائر تتوفر اليوم على العديد من الشركات الناشئة التي تصدر الخدمات الرقمية، يسترجع أصحابها كل إيراداتهم بالعملة الصعبة، في حين كانوا في الماضي يسترجعونها بالعملة الوطنية أو بهما معا، كاشفا أن سعة عمليات التصدير ليست كبيرة، إلا أنها مع الوقت ستمر إلى مستويات أعلى.
قانون نقد وصرف جديد
أما فيما يخص إمكانية إنشاء بنوك افتراضية في الجزائر، أكد الوزير المنتدب إمكانية إنشاء خدمات بنكية على شبكة النت، بالإضافة الى وجود بنوك «أونلاين» وأخرى تقدم خدمات رقمية، لكن ارتأت الوزارة اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة مع محافظ بنك الجزائر تحيين الترسانة القانونية المرتبطة بالنقد والصرف في الجزائر حتى تتماشى مع طبيعة هذه النشطات الجديدة كـ «نيو- بنك» التي تعمل مائة بالمائة افتراضيا، ما استدعى مشروعا لمراجعة قانون النقد والصرف لإدراج الوسطاء في الدفع الإلكتروني، على اعتبار أنها فئة من المؤسسات المالية التي تقدم حلولا رقمية للدفع الإلكتروني.
وسيتم تأطيرهم قانونيا في سياق قانون نقد وصرف جديد، حيث من خلال إدراج هذه النقطة في مخطط عمل الحكومة 2022، بإدراج عملاء الدفع الإلكتروني بالتزامن مع إعادة النظر في قانون النقد والصرف لإدراج هذه الشركات، رغم ذلك هناك شركات ناشئة تقدم حلولا رقمية بعيدا عن التأطير القانوني، انطلاقا من مبدإ «كل ما هو ليس ممنوع فهو مسموح»، إلا أن التماشي مع التكنولوجيا الجديدة للدفع الإلكتروني أصبح ضرورة.
أما فيما يتعلق باستقطاب المؤسسات الناشئة للاستثمار الخارجي، أوضح الوزير المنتدب انه مشكل سيتم التكفل به في إطار قانون الاستثمار الجديد، خاصة وأن صناديق استثمارية أجنبية لديها نية للعمل في الجزائر. في ذات السياق، عقدت الوزارة اتفاقية تعاون مع صندوق استثماري إيطالي شهر جانفي الماضي.
وأشار المتحدث، الى قدرة الشركات الناشئة على استقطاب الاستثمار الأجنبي، ما اعتبره ميزة تستوجب الاستفادة منها حتى ولو كان حجم هذه الاستثمارات ضئيلا في الجزائر حاليا مقارنة مع بعض الدول الإفريقية، مؤكدا في الوقت نفسه أن الشق القانوني عرف تحولات مهمة في السنوات الماضية، كإلغاء قاعدة 51/49، وكذا قانون ترقية الاستثمار الجديد المرتقب، الذي سيشجع الاستثمارات الأجنبية في الجزائر، خاصة في مجال التكنولوجيا.
وفي مقارنة مع الدول الإفريقية، قال الوزير ألاّ مجال للمقارنة بين بعض الدول الإفريقية والجزائر، لأن التطور التكنولوجي في كلاهما مختلف، ففي كثير من الدول ارتبط تعميم الدفع الإلكتروني بغياب شبابيك البنوك، على عكس ما هو موجود في الجزائر، حيث تتوزع وطنيا 4 آلاف مكتب بريد و2000 مكتب بنكي، لذلك يمكن الجزم أن المشكل لا يتعلق بالتغطية.
إلى جانب ارتباط تعميم الدفع الالكتروني في هذه الدول بأسباب شخصية، كأخ يريد إرسال مبلغ مالي إلى عائلته البعيدة، في البداية كانت ترسل بطريقة مرنة، ما جعل بعض الشركات الكبرى والناشئة تستثمر في حلول رقمية للدفع بالهاتف المحمول، بالإضافة الى أن تعميم الدفع الالكتروني بالهاتف في إفريقيا كان أسرع مما هو عليه في الدول الأوروبية، لوجود حاجة ملحة في السوق، متعلقة بنقل المال من نقطة الى أخرى لغياب شبكة مكثفة من البنوك أو البريد، لذلك يمكن القول إن المشكل ليس نفسه في الجزائر.
في ذات السياق، كشف الوزير عن اتخاذ الجزائر قرارا سياديا تجاه الدفع الالكتروني، بضرورة أن يتم عن طريق البنك، دون أن يمر عن طريق متعاملي الاتصالات، كما ما هو معمول به في أوروبا. ففي بعض الدول الإفريقية أصبحت شركات الاتصال تؤدي دور البنوك، لذلك المقارنة معها ليست صحيحة، لأن مناخ العمل فيها غير متشابه، لكن لا ينفي ذلك أن مستقبل الدفع الإلكتروني هو الهاتف الذكي، وهو ما استدعى إعادة النظر في قانون النقد والصرف حتى يتضمن هذه التكنولوجيات الجديدة.