رئيس مجلس حقوق الإنسان، بوزيد لزهاري:

الدستـور حصّن الحقـوق وتجـاوزات الأعوان معزولــة

هيام لعيون

قال رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان بوزيد لزهاري، إن «الجزائر تتوفر على إرادة سياسية قوية، صادرة من أعلى مستوى من أجل ترقية حقوق الإنسان بشكل عام، وتتلخص في كل السياسات التي تنتهجها الدولة حاليا، وهذا تحقيقا لأحد الآمال الأساسية للحراك الشعبي المبارك، الذي طالب بالانتقال من الشعارات إلى التنفيذ، وأهمها محاربة الفساد وإجراء انتخابات نزيهة وشفافة وتجسيد كل حقوق الإنسان في الميدان.
قال لزهاري خلال حلوله ضيفا على «الشعب»، إننا حققنا قفزة نوعية في مجال حقوق الإنسان، بعد دخول دستور نوفمبر 2020 حيّز التنفيذ، مشدّدا على أن الدولة الجزائرية تحكمها وثيقة مهمة هي بيان أول نوفمبر الخالد. هذا البيان الذي يلخص حقوق الإنسان في الجزائر، لأنه جاء من أجل استعادة السيادة وتقرير المصير.
وأضاف المتحدث، أن «الدستور الجديد تضمن نصوصا واضحة وجيدة في هذا السياق، من بينها محاربة الفساد وإجراء انتخابات نزيهة وشفافة، تلبية لتطلعات المواطنين»، مبرزا أن «ضمان حقوق الإنسان مكفول في النصوص، لكن التحدي هو كيفية تجسيدها على أرض الواقع، علما أننا ووفق ما يخوله لنا الدستور نراقب ونقيم ونقوم بالإنذار المبكر بالنسبة لانتهاكات حقوق الإنسان، وهذا بالتفتح على المجتمع المدني، خصوصا وأننا نعتبره راعيا أساسيا في مهنتنا، وأيضا مع الصحافة التي تعتبر شريكا مهمّا لأنها هي من تنقل هذه الثقافة لعموم المواطنين».
وبالرغم من ذلك، تحدث لزهاري عن وجود بعض التجاوزات الفردية المعزولة الصادرة عن أعوان الدولة، من قبل أفراد داخل مقرات الشرطة أو في مختلف السجون، مبرزا أنه بصفته يترأس هيئة حقوقية، لهم الحق في مباغتة الموظفين والعاملين على صون كرامة الجزائريين في مختلف الأماكن المعنية، مثل أماكن الحجز، بدون إعلام مسبق، للوقوف على الظروف الإنسانية هناك، قائلا: «نحن لا نستطيع أن نقول إننا نعيش في الجنة وهو حال كل الدول، لكن نعتبر القانون هو الفيصل في هذه المسائل».
لا وجود «لمعتقلي الرأي» في الجزائر
وحول سؤال متعلق بوجود ما يسمى بـ «معتقلي الرأي» في الجزائر، كما يتحدث عنه بعض الناشطين والحقوقيين، رد لزهاري بالقول إن «مصطلح «معتقلي الرأي» يستعمله البعض لغرض سياسي محض وليس له علاقة بالقانون»، مشددا على أن القانون في الجزائر لا يتابع ولا يعاقب أي شخص بسبب رأيه، وأن المتابعين في الملفات التي تستخدم فيها هذه العبارة هم في الواقع متابعون بجرائم واضحة تمس نقاطا ومسائل لها علاقة بالنظام العام، مثلا المساس بالوحدة الوطنية، التجمهر غير المرخص، إهانة موظفين أثناء أداء مهامهم وجمع التبرعات بدون ترخيص.
90% من المحتجزين يطلق سراحهم في نفس اليوم
ودعا الحقوقي ذاته، كل المدعين للتقدم إلى المجلس الحقوقي، مرفقين بالوثائق والدلائل الموثقة، تخص مختلف التهم، مثل مَن هو محلّ توقيف تعسفي، أو تعذيب أو ممارسة مفرطة للقوة من طرف الشرطة، وهذا إن ثبت عدم تحرك العدالة، فأبواب المجلس مفتوحة، بشرط الموضوعية والالتزام، كاشفا أن أكثر من 90٪ من المعتقلين يتم إطلاق سراحهم في نفس اليوم من قبل الضبطية القضائية بعد استجوابهم، بناء على مراسلات مع الشرطة، قام بها المجلس بعد البحث والتحري عن الجرائم.
وخاطب لزهاري من يدّعون ذلك باللجوء للمحكمة الدستورية، والدفع بعدم دستورية هذه الإجراءات، معتبرا أن الدستور يحمي الصحافي، حيث يمنع سجنه في إطار احترامه للمبادئ، والعمل باحترافية ونقل المعلومة بشكل متزن ذي مصداقية دون الخوض في خطابات الكراهية، أو العنصرية التي يعاقب عليه القانون ــ فالصحفي يقول نفس الحقوقي ــ لا يعاقب على مهنته بل لدواع أخرى، نحن لا نريد أن نرى أي صحافي في السجن، أما من يسعون إلى تفتيت الشعب الجزائري وممارسة خطابات الكراهية والازدراء والاحتقار، فهذه ليست حرية رأي، وإنما خطاب كراهية الذي تمنعه الاتفاقيات الدولية.
وفي حديثه عن المنظمات الحقوقية الدولية وعلاقاتها مع الجزائر، قال المتحدث إن المجلس الوطني لحقوق الإنسان يحترم المنظمات الدولية وينسق معها بشكل عادي، مشددا أن هيئته الحقوقية تريد من المنظمات أن تعمل معها بشكل احترافي وموضوعي كلما تعلق الأمر بوضع حقوق الإنسان في الجزائر، إذ أنه من الناحية الأخلاقية على هذه المنظمات الاتصال بالطرف الثاني، أي «تتصل بنا من أجل جمع المعطيات التي تحتاجها لإعداد أي تقرير يخص البلاد»، قائلا: «إن المجلس يحترم الجميع ويرحب بأي تنبيه موضوعي قادم من هذه المنظمات».
وحذّر لزهاري من مغبّة محاولة هذه المنظمات التسبّب في «تحاملات سياسوية»، واستخدام حقوق الإنسان بصفة سياسية، وهي التي دمرت دولا عربية بعينها، لذلك لا يجب أن ننخدع من هذا الكلام، مذكرا أن الجزائر دائما تحترم حقوق الإنسان وموقِّعة على التزامات دولية.
التقرير السنوي عند الرئيس
أما عن التقرير السنوي حول حقوق الإنسان في الجزائر، الذي يرفع إلى رئيس الجمهورية، أكد لزهاري أن هيئته أنهت إعداده وسلمته لرئاسة الجمهورية في انتظار الإعلان عنه. مشددا على أن أهم ما ورد في التقرير، يتعلق بسنة 2020 التي كان عنوانها «كوفيد»، الذي سيطر كلية على الوضع العام في البلاد، حيث جاء في مضامينه، ما هي الإجراءات التي اتخذت لمواجهة كوفيد-19، وما هي الإختلالات التي تمت ملاحظتها، فتلك الأزمة أعطت لنا فرصة لدراسة النقائص الموجودة في القطاع الصحي، ولابد من إيلاء الأهمية له، لأنه سيكون في المقدمة لحماية اقتصادنا.
في السياق ذاته، أضاف ضيف «الشعب»، أن «التقييم المستمر ضرورة لإشراك كل ذي مصلحة من نقابات العمال في العملية، وفي كيفية تصور مستقبل القطاع الصحي ولمعرفة الخلل وكيفية معالجته؛ بمعنى أنه لا يمكن أن تُعدّ قوانين الصحة من قبل بيروقراطيين في مكاتب مكيّفة، فالقطاع يلزم بالسماع لأصحابه، هذه هي الديمقراطية التشاركية وأصحاب المصلحة، من الدولة ومؤسساتها، القطاع الخاص المجتمع المدني الصحافة والمواطنين وسنفتح نقاشا حول الأمر».
كما أن ظاهرة الفساد والحرب عليه لحماية حقوق الإنسان ــ يقول لزهاري ــ كان ملفا آخر مهمّا في تقريرنا، حيث تمت ملاحظة المجهود الذي بذلته الدولة في المجال. فمثلا، فقد تراجعت أرقام الاستيراد من 64 مليار، أغلبها تضخيم فواتير وسرقة مباشرة لأموال المواطنين، إلى 34 مليار بسبب الجهود في محاربة الفساد. هناك هامش كبير لحقوق الإنسان ببناء مدارس ومستشفيات وإرجاع الثقة للناس، فالفساد يتم محاربته بالأدلة البيروقراطية وهو ملف يهتم به وسيط الجمهورية أكثر، طبقا له.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19625

العدد 19625

الإثنين 18 نوفمبر 2024