أكد رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان بوزيد لزهاري، أن إصدار الجزائر التشريعات المتعلقة بتجريم خطابات الكراهية والتمييز والقذف، خاصة على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي في إطار الجرائم الإلكترونية، لا يتعارض مع حرية التعبير والرأي التي تمثل أحد الأسس المهمة لبناء دولة القانون.
يرى ضيف «الشعب» ضرورة الحفاظ على حرية التعبير والرأي، لأنها إحدى الوسائل الهامة لمحاربة الفساد وإرجاع الثقة بين الحاكم والمحكوم، ولهذا يتعين على وسائل الإعلام تناول قضايا الفساد والكشف عنها ولكن بالأدلة.
أوضح رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن هذه الحرية عليها قيود دولية متعارف عليها، وذلك تطبيقا للمادة 19 للعهد الدولي للحقوق المدنية، بحيث يجب ألا تمسّ بالأمن الوطني، النظام العام، الصحة العمومية والآداب العامة، مشيرا إلى وجود المادة 20 التي تنص على إلزامية إصدار الدولة لقوانين تعاقب على خطاب الكراهية والازدراء لفئات بسبب اللون أو الجنس أو الانتماء، والدعوة إلى الحرب والإبادة الجماعية.
وأشار أن إصدار الجزائر لقانون 05-20 المتعلق بتجريم خطاب الكراهية، جاء في وقته، بالرغم من أننا فعليا متأخرون في هذا الشأن، لاسيما وأن بلادنا صادقت على الاتفاقية سنة 1989، إلا أن ضرورات هذا التشريع لم تكن مُستشرية من قبل إلا بعد الحراك المبارك، خاصة في الفصل الأخير ووصل الأمر إلى تخوين مؤسسات الدولة.
وبحسب المتحدث، فإن هذا الأمر تم تسييسه وتقف وراءه جهات أخرى، لأنه بالإمكان التعبير عن حرية الرأي، سواء في رفض الفساد، الرشوة وتزوير الانتخابات، ولكن دون تجريح أو تشخيص، إلا في حال توفر الأدلة وبالطرق القانونية المتعارف عليها، من خلال التوجه إلى المحكمة لمتابعة الفاعلين، مشيرا إلى أن لا أحد مخولا التكلم باسم الشعب سوى رئيس الجمهورية ونواب البرلمان الذين تم انتخابهم، ومن ثم فمثل هذه القوانين جاءت لمحاربة ظواهر محرمة دوليا وممنوعة قانونيا وأخلاقيا ودينيا.
في المقابل، أشار لزهاري أن هذه الترسانة القانونية لا يجب أن تتعارض مع ضمانات حقوق الإنسان وتستغل لتكميم الأفواه، بل يجب أن تطبق على الجرائم الحقيقية، وهنا الدفاع يجب أن يؤدي دوره على مستوى المحاكم لإثبات عدم تأسيس تكييف هكذا نوع من الخطابات والأفعال وعدم إدراجها ضمن خطابات الكراهية والعنف.
وبخصوص تدخل المجلس الوطني لحقوق الإنسان في معالجة مثل هذه القضايا، أكد أنه متاح قانونيا في إطار توفر ضمانات حقوق الإنسان، لاسيما في تحقيق محاكمة عادلة وعدم حرمانه من حق الدفاع، عدم الفصل في القضية في الآجال المعقولية، الحق في إتيان شهود النفي لمواجهة شهود الإثبات وغيرها من الأمور.
وفيما تعلق بالتنسيق مع باقي الهيئات الاستشارية، لاسيما وساطة الجمهورية، أشار إلى وجود إمضاء بروتوكول لتسهيل معالجة مختلف القضايا المطروحة، حيث يتكفل الوسيط بكل المشاكل المتعلقة بالبيروقراطية، وفي حال توجه المواطن لإحدى الهيئتين، فإنه لا يُخطأ بل يتم إرسال ملفه إلى الجهة المختصة، مع إخطار المواطن لمتابعة قضيته على مستواها والتخفيف عن الإدارة.
ومن القضايا المطروحة على المجلس الوطني لحقوق الإنسان، تلك المتعلقة بالسجون، خاصة وأن بلادنا ذات مساحة شاسعة، حيث أن أغلب الإجابات كانت إيجابية بنسبة 90٪ من طرف وزارة العدل، وتم التكفل بانشغالات العائلات والتخفيف من مآسيها.