المدير العام عبد الرحمن أحمد باشا:

تسجيل 400 ملف من 2000 حادث تدخل في اختصاصه

زهراء.ب

آلية تعويض وفق الأجر القاعدي المضمون للضحايا

هناك شريحة من ضحايا حوادث المرور، لا تجد طريقا لطلب تعويض، كون المتسبب مصنّف في خانة مجهول. لذلك يمثل صندوق ضمان السيارات الوجهة القانونية التي توفر التغطية التأمينية لذوي حقوق الضحايا. غير أن هذه المؤسسة تواجه أمرا غريبا، يتمثل في أنها غير معروفة في مشهد سوق التأمينات؛ إشكالية يسعى مسؤولو صندوق ضمان السيارات معالجتها بشكل يضمن لضحايا حوادث المرور الوصول إلى حقوق يكفلها القانون.
هذا الانشغال عبّر عنه المدير العام لصندوق ضمان السيارات لدى حلوله ضيفا على جريدة «الشعب» وفيما يلي التفاصيل:
فما هو هذا الصندوق وما هي طبيعته القانونية وكذا مهامه وتنظيمه وما هي حالات وشروط الاستفادة منه؟


فصل المدير العام بالنيابة لصندوق ضمان السيارات عبد الرحمن أحمد باشا، لدى نزوله ضيفا على «الشعب»، رفقة مساعده حميد العرباوي، في مهام هذه المؤسسة التأمينية العمومية التي خلفت الصندوق الخاص بالتعويضات المؤسس في إطار الأمر 107-69 المتعلق بقانون المالية لسنة 1970، وسميت في صلب المرسوم التنفيذي رقم 103-04، بـ»صندوق ضمان السيارات»، وحدد قانونه الأساسي حتى يسمح له ممارسة مهامه وتسيير شؤونه بنفسه.
يعرف أحمد باشا، صندوق ضمان السيارات، بـ»مؤسسة عمومية تحت وصاية وزارة المالية»، أسس في 2004 بموجب المرسوم التنفيذي 103- 04 وشرع في النشاط عام 2005. مهامه كانت تقوم بها الشركة الجزائرية للتأمين SAA، وفق اتفاقية مبرمة سنة 1982 بين الشركة ووزارة المالية لتسيير ملفات ضحايا المرور.
ولأن الشركة الجزائرية التأمين كانت متخصصة في تأمين السيارات والضرر الذي يلحق بالمركبات، وتعويضات وزارة المالية كانت تخص المتضررين من حوادث المرور المتسببة فيها السيارات، وفق الأمر 74-15 الذي ينص على إلزامية التأمين وينص على مبدأ أن كل ضحية حادث مرور تسببت فيه سيارة، له الحق في التعويض، لاسيما من ناحية الأضرار الجسمانية، ومع وجود فئات لا تأخذهم شركات التأمين بعين الاعتبار ولا تتكفل بهم، وهم الذين انتهت صلاحية عقود تأمينهم، أو عندما يكون المتسبب في الحادث مجهولا، وبناء على مبدإ إلزامية تعويض كل الضحايا، يقول أحمد باشا «استكمل التشريع بإنشاء صندوق ضمان السيارات وأعطيت له مهمة التكفل بشريحة حوادث المرور».
ويتولى صندوق ضمان السيارات، مهمة تحمل كل أو جزء من التعويضات الممنوحة إلى ضحايا الحوادث الجسمانية أو ذوي حقوقهم، التي تتسبب في وقوعها عربات برية ذات محرك وفي حالة ظل المسؤول عن الأضرار مجهولا أو مسقوطا عنه الضمان، أو كانت تغطيته غير كافية أو غير مؤمَّن وتبين أنه غير قادر على الوفاء جزئيا أو كليا.

شروط الاستفادة من التعويض
انطلاقا من مهام الصندوق المحددة في المرسوم التنفيذي رقم 103-04 المؤرخ في 5 أفريل 2004، تتضح الشروط الأساسية الواجب توفرها حتى يتولى الصندوق تحمل دفع التعويضات الممنوحة لضحايا حوادث المرور الجسمانية أو ذوي حقوقهم، سواء كان ذلك بالتراضي، أو بموجب حكم قضائي، وهي أن تكون الأضرار جسمانية، في حادث مرور تسببت فيه مركبة برية ذات محرك، وأن يكون المتسبب في الحادث غير معروف، أو مسقوط عليه الضمان أو غير مؤمّن، أو غير قادر على الوفاء جزئيا أو كليا.
وذكر مدير الصندوق، أنه تم اكتشاف عدة ضحايا المتسبب في ضررهم غير معروف، حيث بمجرد وقوع الحادث يهرب مرتكبه خوفا من العقاب ويترك الضحية دون تكفل، ولا توجد شركة تأمين تتولى ذلك. وفي حالة عدم انتساب الضحية لأي صندوق ضمان اجتماعي، يتكفل صندوق ضمان السيارات بمثل هذه الحالات.
وأضاف، أن تعويض الصندوق يشمل كذلك المتضررين دون رخصة سياقة خاصة بالسيارة التي وقع بها الحادث، أو عدم امتلاكهم رخصة سياقة (خاصة بالنسبة للقصّر).
ويشرع الصندوق في دفع التعويض إلى المتضرر أو ذوي حقوقهم، إذا لم يدفع لهم التعويض من طرف أي شخص أو هيئة مكلفة بدفعه، طبقا لجدول التعويض الملحق بالقانون رقم 31-88 المعدل والمتمم للأمر 15-74 المتعلق بإلزامية التأمين على السيارات وبنظام التعويض عن الأضرار، وإذا جاز للمصاب أو ذوي حقوقهم طلب تعويض جزئي من الأشخاص أو هيئات معينة، يتحمل الصندوق الجزء المتبقي.
ويتم حساب التعويضات على أساس، إثبات المرتب أو الدخل المهني للضحية بشرط أن لا يتجاوز 8 مرات الأجر الأدنى المضمون، وعند عدم إثبات ذلك يتم حساب التعويض على أساس الأجر الوطني الأدنى المضمون عند تاريخ الحادث، بالإضافة إلى أخذ بعين الاعتبار سنّ الضحية في احتساب التعويضات.
وعن طريق تحصيل التعويض في حال كان المتسبب في الحادث غير معروف، أوضح أحمد باشا، أن على الضحية أو ذوي الحقوق، إيداع ملف بخصوص الحادث، يشمل محضر الضبطية القضائية، ومقرر الحفظ الصادر من وكيل الجمهورية يحمل عبارة «المتسبب مجهول»، ليتم الاعتماد على هذه الوثيقة، أو قرار قاضي التحقيق عندما يكون اشتباه في حادث مرور.
وفي حالة إذا كان المتسبب في الحادث هو ضحية في نفس الوقت، إذا تعرض لجروح، يكون التعويض بشروط حسب الضرر، وفق الأمر 74-15 المعدل في 88 الذي وضع سلّما يتم بموجبه اتباع طريقة التعويض.
وأما إذا كان المتسبب في الحادث معروفا وليس لديه تأمين، أو المؤمَّن له لا يضمن التعويض، يتابع في هذه الحالة ذوو الحقوق أو الضحية، المسؤول عن الحادث للحصول على حكم بالتعويض، ويتولون التنفيذ عن طريق محضر قضائي، إذا منح المتسبب في الحادث التعويض للضحية، تسير الأمور عادية، وإذا رفض يحرر محضر امتناع عند محضر قضائي، ويمنح الصندوق في هذه الحالة تعويضا وديا للضحية، بعد إثبات الضرر، على أن يتولى الصندوق متابعة المتسبب في الحادث أو المسؤول المدني، ويطالبه بإعادة المصاريف التي تم صرفها مكانه وديا وبالأقساط، وإذا رفض يتابع أمام المحكمة.
لهذه الأسباب الصندوق غير معروف
يقول المدير العام لصندوق ضمان السيارات، أن عدد المطالبات بالتعويض لا يتغير بشكل كبير مثل عدد المركبات الذي نتج عنه عدد كبير من الحوادث وبالتالي عدد كبير من ضحايا الطرق، لا يستفيد من خدمات الصندوق، بالرغم من أنه يقدم الأموال ولا يأخذها.
وبحسب تحليل إحصائيات المركز الوطني للوقاية والأمن عبر الطرق لحوادث المرور، الواقعة من سنة 2012 إلى 2015، وكذلك عدد ضحايا هذه الحوادث، بينت أن هناك عدد هام من الحوادث بسبب العنصر البشري، وتبين أن هناك سببان وراءها هما قيادة المركبة دون رخصة، وجنحة الفرار (845 حادث في 2012، و527 حادث في 2015)، بمعدل 722 حادث سنويا، ومعدل عدد الضحايا في الحادث الواحد يبلغ 1,62٪، أي ما يعادل ضحيتين (73 ألف ضحية في 2012، 60 ألف ضحية في 2015)، وهذا يعني إصابة ما يقارب 1444 ضحية. وإذا أضيف لهذا، عدد ضحايا الحوادث التي يتوفر فيهم شرط انعدام شهادة التأمين، يصبح أجمالي عدد الضحايا ما يقارب معدل 2000 ضحية سنويا، وهما يشكلان عددا هاما من حوادث المرور التي تدخل في مجال الصندوق، وبالرغم من أنهما يمثلان أحد الشروط الاساسية لتدخل الصندوق، مع العلم أن الشرط الآخر المتعلق بانعدام شهادة التأمين غير وارد في إحصائيات مركز الوقاية وأمن الطرق، إلا أن معدل الملفات المودعة على مستوى الصندوق الاستفادة من تعويض يساوي 421 ملف سنويا، وهذا الرقم بعيد كل البعد عن المعدل السنوي المحتمل لضحايا حوادث المرور المقدر بـ2000 ضحية في السنة يمكن لها الاستفادة من خدمات الصندوق.
هذا الوضع، يقول أحمد باشا، جعل المسؤولين عن الصندوق في حيرة من أمرهم حول الطريقة المنتهجة للتعريف بخدمات الصندوق، هل الاتجاه للإشهار الذي يكلف كثيرا، أو الاعتماد على الملتقيات والمشاركة في المعارض للتحسيس والتوعية، وفي الأخير تم الاتفاق على التعريف بالصندوق لدى الهيئات التي لديها علاقة بالضحية، الضبطية القضائية، الدرك، الشرطة، الأطباء في المصالح الاستعجالية، الحماية المدنية، المحامين، المحضرين القضائيين، الموثقين، جمعيات ضحايا حوادث المرور، 13 مهنة تقريبا لديها علاقة بالصندوق، وكذلك مع القضاء، وعلى هذا الأساس تم، قبل عامين، تنظيم ملتقيات دراسية جهوية بالشراكة مع وزارة العدل للتعريف بالصندوق وشروط الاستفادة منه، نظم لقاءان قبل الحراك، في مجالس قضاء البليدة وبشار، ثم توقفت العملية بعد الحراك، واستؤنفت بعد الانتخابات الرئاسية في كل من غليزان والنعامة، ثم توقفت من جديد مع تفشي فيروس كورونا، ويجري التحضير حاليا لاستئناف الملتقيات الدراسية للتحسيس والتعريف بمهام الصندوق.
تعديل المادة 24 من قانون الصندوق
يحتاج القانون المسير لصندوق ضمان السيارات، بحسب مديره أحمد باشا، إلى تعديل، خاصة المادة 24 من الأمر 74-15 التي تشترط إثبات إعسار المتسبب في حادث المرور، حتى يمكن للصندوق إجراء تعويض لفائدة ضحايا حوادث المرور، وهذا يقيد نشاط الصندوق ويكبح مبادراته، بحيث لا يمكن له مباشرة الإجراءات الخاصة بتعويض المتضرر إلا بعد أن يقدم له طلب.
 وقال أحمد باشا، «سنطلب تعديل الصيغة من «يمكن» إلى «يعوض»، وهنا يصبح للصندوق تدخل مباشر، بحيث يعالج ملف الضحية بعد تلقي محضر الضبطية القضائية، وليس كما هو معمول به الآن حتى يقدم الضحية طلب التعويض وإلا لا يمكن له الاستفادة».
وأوضح ذات المسؤول، أن تعديل هذه المادة تجعل صندوق ضمان السيارات هو من يبادر بإجراءات التعويض، بعد ذلك يتولى متابعة المسؤول عن الحادث، إذا كان معروفا هو من يتولى تعويض المصاريف وإذا كان مجهولا يحفظ الملف.
وحينها يتكفل الصندوق بالاتصال بالضحية التي تجهل دور الصندوق، عن طريق الضبطية القضائية، أو العناوين الموجودة في المحضر، حيث يشترط القانون 80-34 على الضبطية القضائية، سواء درك أو شرطة، في الحالات التي تثبت أنها تدخل في إطار عمل الصندوق، إرسال نسخة من المحضر، وقاعدة البيانات تلك يستغلها الصندوق. أما إذا كان المتسبب في الحادث معروفا، لا يمكن له التدخل إلا بعد امتناع المسؤول أو عدم قدرته على تعويض الضحية.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19625

العدد 19625

الإثنين 18 نوفمبر 2024