تثمــين الثوابـت الوطنيــة واسترجـاع الذاكـرة الجماعيــة
الجـانب العملـي ضـروري في تـدريس مـادة التاريـــخ
أكد المختص في علم الآثار الأستاذ الجامعي مصطفى شرفاوي، أن الحديث عن محاسن الأحرار والشرفاء أمثال الشيخ بوعمامة واجب فرضته أعمالهم ومواقفهم التاريخية الخالدة التي لا تمحوها الأيام ولا يطويها النسيان، حيث استطاع الملقب بــ «عبد القادر الجزائري الثاني «أن يواجه القوات الفرنسية لمدة 23 سنة، حتى بلغت شهرته كل الأصقاع.
قال الأستاذ مصطفى شرفاوي لدى نزوله ضيفا على «الشعب»، إنه بالرغم من مرور 113سنة على وفاة رمز وقائد المقاومة الشعبية العلامة الشيخ بوعمامة، إلا أن أعماله التاريخية تبقى راسخة في الذاكرة الإنسانية وفي جبين تاريخ الشعوب والأمم التواقة إلى التحرر والتقدم الحضاري الشامل، وهي أمانة يجب أن تجمع صفوفنا وتوحد أفكارنا.
زعماء تركوا بصمتهم
وذكّر شرفاوي بالتضحيات الجسام التي بذلها الشعب الجزائري، منذ أول لحظة للاحتلال وبشكل حاسم إبان الثورة التحريرية المجيدة، مسجلا مواقف وبطولات الأحرار من أبنائه وما تحملوه من محن وفتن، حيث تشردوا وتغربوا لكنها كانت الشفاء العليل -يضيف المتحدث- لكل طغيان وعدوان أبرزتها ثوراته ومقاوماته الجهادية،السياسية والفكرية التي قام بها زعماء علماء وقادة المقاومة الشعبية في مختلف مناطق الوطن.
وأبرز- ضيف الشعب- الدور الذي أداه هؤلاء في مسار التاريخ الجزائري والمقومات والثورات التي يكتنف بعض جوانبها وأثار أبطالها الكثير من الغموض والتجاهل، بل طمست وشوهت من بعض الجهات تحت غطاء البحث والتنقيب، مؤكدا أن الوقت حان لأبناء الجزائر الأوفياء الوارثين لمشعل المجاهدين والأشراف والشهداء وما يقومون به من أعمال ونشاطات وبحوث ودراسات نزيهة تهدف لرد الاعتبار للثوابت الوطنية وإبرازها في معركة استرجاع الذاكرة الجماعية.
حان الوقت- يضيف المتحدث- أيضا لرد الاعتبار للرجال والنساء الذين صنعوا التاريخ الجزائري وتعزيز وحدته الوطنية ترابا وفكرا ومعتقدا، ووفق رسالة الأمير عبد القادر واحمد باي والمقراني، حداد وبن ناصر وبن شهرة وإبطال ثورة التحرير المباركة، تلك الرسالة التاريخية الثقيلة التي حملها الإمام القدوة والسياسي الصوفي الشيخ بو عمامة.
مادة التاريخ لها أثر ايجابي
قال الأستاذ شرفاوي، إن مادة التاريخ هي واحدة من المواد الأساسية التي يتلقاها النشأ في المراحل التعليمية الثلاث، بدءا من الطور الابتدائي ويجب أن تعتمد على حلة جديدة في التقديم كي لا تقتصر على الجانب النظري الذي لا يمكن ترسيخه في ذاكرة الطفل، خاصة وأنه يبحث دائما عن المعلومة الحقيقية المستقاة من الواقع الميداني، وهذا ما تفتقره المدارس التي تكتفي بالإلقاء دون الترسيخ.
وصرح في ذات السياق، أن دراسة مادة التاريخ بجانبيها النظري والعملي يسمح للجيل الحالي بالاطلاع على ماضي وطنه ونشأته وأمجاده، وبالتالي هي المادة المسؤولة عن تشكيل الفكر والوعي لدى التلميذ في جميع مراحله الدراسية، بدءا من الابتدائي إلى الثانوي فهي تزيد الأطفال اعتزازا بالوطن الذي ينتمون إليه وبالتضحيات الجسام التي قدمها شهداء الوطن، من أجل استرجاع السيادة الوطنية وهي حلقة وصل بين الأجيال.
وما ينقص المدارس- كما يضيف - الجانب العملي الذي يغيب في تدريس المادة، حيث تحتاج إلى تفعيل هذا الأمر من خلال نقل التلاميذ والطلبة إلى مواقع المقاومات والأماكن الأثرية لمعايشة التاريخ وكأنه حاضرا، مضيفا أنه من خلال التجارب مع بعض التلاميذ الذين تنقلوا للمتاحف، تبين أنهم بحاجة لمعرفة التاريخ عن قرب والتعرف على زعماء الثورة وسماتهم الشخصية وصفاتهم الحميدة لمحاولة التشبه بهم واكتساب خصالهم النبيلة.
الحقائق لصيانة أمانة الشهداء
وقال حفيد الشيخ بوعمامة أمين بوعمامة، إن أبناء نوفمبر الذين فتحوا أبواب التاريخ بإدراكهم أن ليل الاحتلال لن يطول وأنه بالدم والتضحيات تقتطف ثمرة الحرية والاستقلال والسيادة الوطنية كتبوا التاريخ بدمائهم وضحوا في سبيل هذا الوطن، وعلى جيل الشباب أن يقدر التضحيات الجسيمة، ويتخذ منها قدوة يحتذي بها.
ودعا حفيد الشيخ بوعمامة بمناسبة الذكرى 113 لوفاة رمز وقائد المقاومة الشعبية المجاهد والعلامة الشيخ سيدي بوعمامة رحمه الله، المصادف لـ 17 أكتوبر 1908، إلى تعزيز الندوات الصحفية والتاريخية لحفظ ذاكرة الجزائر من الزوال وترسيخ تاريخ ونضال أبناء الجزائر في أذهان شبابها والأجيال القادمة من أجل نيل الاستقلال وتوثيق ما يمكن توثيقه من حقائق والوقوف على التاريخ الذي تركه الزعماء وحفظه من الزوال وإعادة إحيائه.
كما اعتبر اللقاءات والندوات التاريخية التي تنظمها الجامعات والجمعيات التارخية، فرصة لدعم وتشجيع الاستمرار والمحافظة على أمانة الشهداء التي تقع على عاتقنا ويجب المحافظة عليها دائما.
