خوض «الأفافاس» المحليات يعطي ديناميكية للفعل الانتخابي
أكد البروفيسور في القانون العام أحمد دخينيسة عند نزوله ضيفا على «الشعب»، أنّ المحليات القادمة تحمل رهان خلق ديناميكية من أجل تسيير محلي تشاركي، يتماشي مع الوضعيات المستجدة ذات الصلة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية بإشراك كل فواعل الإقليم المحلي، منبّها إلى ضرورة إنضاج قانوني البلدية والولاية وفق موضوعية منطقية بعيدا عن التسرّع.
قال دخينيسة إنّ المحليات القادمة تندرج ضمن قرارات رئيس الجمهورية التي بدأت بورشات تعديل الدستور والتشريعيات، مؤكدا أنّ انطلاق هذه الديناميكية لم يكتمل تماما، لذلك سيكون الموعد القادم مرتبطا برهانات متعددة أحدها استكمال الديناميكية من أجل رفع عدد المنتخبين التي كانت مشاركتهم متواضعة في مواعيد سابقة، ما جعلها أقل من الطموح المتوقع.
واعتبر ضيف «الشعب» المحليات زخما سيعطي الساحة السياسية والوطنية ديناميكية جديدة وفاعلين جدد، ولاحظ أنّ مشاركة أحزاب وُضعت في قائمة المقاطعين كـ»الافافاس» الذي قرر دخول معترك المحليات سيعطي الموعد دفعا وديناميكية، وهو ما سيمنع استغلال عدم المشاركة في قراءات خطيرة على ضوء وجود منظمة «الماك» الإرهابية.
وقال المتحدث إنّ الرهان الثاني متعلق بالتنمية المحلية فمن أبعاد الحوكمة إيجاد الطريقة لتجنيد الفاعلين الذين يملكون الإرادة من أحزاب وسياسيين، لأن المطلوب تجنيد الفاعلين سياسيين واجتماعيين، خاصة وأن المجتمع المدني سيلعب دورا لا محالة في المحليات، وهو ما أسماه بالتسيير المحلي التشاركي، للتماشي مع الوضعيات المستجدة ذات الصلة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية بإشراك كل فواعل الإقليم المحلي من مجتمع مدني، قطاع خاص ومواطن في المنهج الجديد للتسيير.
وأكد دخينيسة أنّه على المستوى المحلي فالبلدية والولاية تفعلان التنمية على المستوى الإقليمي، لأنّ لها تفعيل مركزي قد يفقد في مستوى معيّن الفعالية إذا لم يدخل في توافق وانسجام على المستوى الإقليمي، وللوصول إلى حوكمة محلية لأجهزة الدولة وممثليها بجميع الفعاليات المهنية سواء سلطات، رئيس دائرة، ولاة منتدبون ومصالح خارجية، ومصالح أخرى تحتاج إلى هذا الحوار والحوكمة، لأننا لسنا أمام توظيف إداري بل أمام عمل سياسي، أيّ أشخاص لهم برامج مجنّدين يملكون الشرعية والدعم الشعبي الذي اعتبره شرط النجاح.
وشدّد أستاذ القانون النصوص على ضرورة اعتماد خطاب واقعي بعيد عن الشعبوية، بممارسة كاملة للأدوات التي يمنحها القانون لحرية التسيير، أما الرقابة الموجودة هي قانونية، فعندما يسمح القانون لرئيس البلدية بالطعن في قرار الوالي لماذا لا يتجه إلى القضاء، خاصة إذا علمنا أنّ رئيس البلدية في السبعينيات كان يطعن في قرار الوصاية.
في ذات السياق، كشف أنّ رئيس البلدية يقوم بدور مهم في ممارسته لكامل مسئولياته المخولة لها قانونا، لأن القانون وجد ليطبق، فرئيس البلدية ملزم بتطبيق المداولات، لأن نقص الإمكانيات شيء والإمكانيات القانونية شيء آخر، بالرغم من ذلك أكد أنّ مخطط عمل الحكومة حرص على إعطاء رئيس البلدية لامركزية أكبر، وإمكانيات وضمانات أوسع، مع العلم أنه لو رفعت تماما الرقابة عن الميزانية سندخل لا محالة في مديونية المحلية، فالبعض يحاول الاختباء وراء الوصاية والوالي، معتبرا أن الخطاب العام خطير من خلال إشاعته بعض الأفكار الساذجة والمخرِّبة بالرغم من أنّ رئيس البلدية يمارس صلاحياته ورئيس الدائرة أيضا يمارس صلاحياته، لذلك دعا إلى ضرورة الخروج من الإيديولوجيات والديماغوجية عند الحديث عن رئيس التسيير المحلي.
ويرى، في الوقت نفسه، أنّ لامركزية التسيير والقرارات يجب فتحه لمناقشته علميا وبمنطق، قد نصل إلى فتح ثم غلق ثم فتح، موضحا أنّ تسيير الميزانية العمومية والعقار عرف كوارث حقيقية طوال ثلاثين سنة الماضية، فبعض رؤساء البلديات رهانهم سلطوي بحت، فالسلطة ممنوحة لرئيس البلدية أكبر من رئيس الدائرة، وعندما نعود إلى فترة التسعينات في مرحلة المندوبيات بعد حل البلديات أجروا تعديل 94 وتم بموجبه توسيع صلاحيات المسؤولين المحليين بسبب ضياع العقار المحلي بتوسيع مجال الرقابة، لما عرفته الثروة العقارية من تبديد.
وبرأيه فإن تعديل القوانين يجب أن يكون واقعيا في المحليات فهناك في بعض المناطق لوبيات خطيرة تتحكم في مصير المحليات، داعيا إلى ضرورة الخروج من هذا المستنقع التاريخي، لذا أكد دخينيسة أنه ضد المقاربة السطحية بالذهاب إلى تشخيص حقيقي وواقعي للنصوص، رويدا رويدا، لذلك فتنظيم المحليات تحت جبة القانون القديم بالرغم من التعديلات التي عرفها قانون الانتخابات لا يعرقل، وقال إن النصوص ليست سيئة لأنها عُدلت على ضوء ممارسات سابقة، فالبعض حسبه مازال يريد تقاسم السلطة وليس الصلاحيات، مؤكدا أنه ضد التعديل السريع للقوانين.