استحداث مناصب محدودة.. «هدية مسمومة» أو ترقية مستحيلة
أقرّ الأمين العام للنقابة المتنقلة لأساتذة التعليم المتوسط بن سعيد بن ميرة، بأن قطاع التربية 2021-2022 يواجه تحديات كبيرة، بالنظر للتراكمات التي عرفها نتيجة للسياسات العرجاء السابقة التي لم تعالج المشاكل الحقيقية للقطاع واكتفت بحلول ترقيعية وأحيانا بتقديم ما أسماه بـ «هدايا مسمومة».
أمام ضرورة فتح مناصب مالية جديدة من أجل تطبيق المخطط الاستثنائي وكذا نظام التفويج اللذان فرضهما فيروس كورونا كوفيد-19، من أجل إنقاذ الموسم الدراسي الذي يعيش ظرفا استثنائيا لثالث سنة على التوالي، منذ بداية الجائحة الصحية، تبرز العديد من المشاكل التي تحول دون استقرار القطاع ولا تشبيبه.
وحسب بن ميرة ضيف «الشعب» فإنه من بين أهم المشاكل التي يواجهها القطاع بل ويرتكز عليها هي عدم صلاحية القانون الأساسي الذي لم يعد يواكب تطور مجال التربية والتعليم في الجزائر ومشاكله وتحدياته الآخذة في التعقيد سنة بعد سنة، حيث ما يزال قيد الدراسة.
وأشار الأمين العام لنقابة أساتذة التعليم المتوسط إلى وجود بعض المشاكل الإدارية التي يتحمل الكثير منها مدراء المؤسسات التربوية، لكن هذا لا يعني عدم وجود مشاكل أخرى زادت من الوضع المزري الذي يتخبط فيه القطاع.
إلغاء الرخص الاستثنائية
أوضح بن ميرة أنه ضد منح الرخص الاستثنائية «العشوائية» التي أطاحت بالكفاءات حيث ما يزال قطاع التربية يسير، منذ سنوات، بالرخص الاستثنائية أي منذ صدور القانون الخاص، وهو موقف تتشارك فيه الكثير من نقابات التربية لأن استصدار الرخص الاستثنائية دليل على عدم صلاحية المرسوم 12/240.
واقترح المتحدث إصلاح القانون الأساسي بدل منح رخص استثنائية يستفيد منها البعض دون الآخرين أو ما أسماه بـ»الحلول الترقيعية»، فالأفضل ممارسة الحقوق وفقا للقانون وجدول محدد وفي إطار الشفافية، لتفادي أيّ بلبلة في القطاع قد تقود إلى نتائج لا يحمد عقباها.
وذكر، في هذا الإطار، باجتماع جمعهم بالوزير السابق لمدة أربع ساعات خلص إلى ضرورة الذهاب نحو إصلاح المنظومة التربوية وهو مطلب حتى رئيس الجمهورية، وتم تنظيم دورات وملتقيات ومجالس وطنية، وتم تقديم مقترحات في هذا الخصوص، وتنظيم ورشات خلال هذا الصيف، لكن تم تأجيل كل هذا لأسباب عديدة منها تطور الوضعية الوبائية.
وحسب المتحدث قامت النقابات باختيار حتى التقنين الذين سيعملون مع وزارتي التربية والمالية والوظيف العمومي لإيجاد الحلول، لكن للأسف التغيير الحكومي حال دون استكمال هذا العمل الذي ينتظر إعادة دفعه من جديد بعد اطلاع الوزير الجديد على الملف والذهاب نحو إصلاح المنظومة التربوية.
في المقابل، أثار المتحدث ملفا آخر يهدد استقرار القطاع، يتعلق بالقدرة الشرائية وهو أيضا مشكل حقيقي يؤرق موظف قطاع التربية ما جعل النقابات لا تتحكم فيه، مستدلا بالإضرابات الأخيرة المنظمة في هذا الخصوص السنة الفارطة والتي شلت القطاع بولايات عديدة أهمها وهران، خنشلة، الشلف، مفنّدا كل ما يروّج حول شبكة أجور المعلمين بحيث أن راتب المعلم الجديد في الابتدائي لا يتجاوز 32 ألف دينار، المتوسط 33 ألف دينار، الثانوي 34 ألف دينار ومن لهم خبرة لا يتجاوز 43 ألف دينار.
وطالب بن ميرة وزير التربية الدفاع عن ملف القدرة الشرائية لموظفي التربية على مستوى الحكومة، لأنّ أيّ مساس به سيرهن استقرار القطاع، ففي النهاية - يقول - «الراتب هو من يحفظ كرامة الأستاذ»، فلا بد من الأخذ بعين الاعتبار هذا الملف.
وفيما يخص ملف الترقية، اعتبر المتحدث أنّ استحداث مناصب محدودة هو بمثابة «هدية مسمومة» أو ترقية مستحيلة، داعيا إلى تخصيص مناصب مالية حقيقة وكافية من أجلها، فأغلب الأساتذة هم في منصب الأستاذ المكون أو منصب مستشار التربية الذي أصبح في طريق الزوال نظرا لعزوف الأساتذة عن المنصب وغلق أبواب الترقية عن المشرفين التربويين نتيجة تبعات القانون الخاص الذي يمنع ترقية الكفاءات، ولهذا تم - حسبه- تنبيه وزارة التربية بأن النقابات لم يعد لديها ما تقنع به الموظفين، ما يستدعي منها التكفل الفعلي والتعامل بجدية مع هذه الانشغالات المطروحة.
وبخصوص المناهج وطريقة التدريس أوضح بن ميرة أنه من بين الأخطاء التي وقع فيها قطاع التربية وحتى التعليم العالي هو استنساخ مناهج وتطبيقها على مجتمع لا تراعي لا بيئته ولا تركيبته، مشيرا إلى أن النقابات قدمت اقتراحات بهذا الخصوص وهي تدافع عن الحقوق المادية والمعنوية للأستاذ هذا الأخير الذي وصل -على حد قوله - لمرحلة التشبع ولم يعد يستطيع أن يقدم أكثر مما قدّم سيما في فترة الكوفيد.