علينا استغلال تحسّن الوضع لتجنّب مخاطر محتملة
دعا رئيس عمادة الأطباء الجزائريين، محمد بقاط بركاني، إلى ضرورة استغلال الاستقرار الذي يشهده الوضع الوبائي حاليا عبر تكثيف حملة التلقيح في مختلف أرجاء الوطن من أجل الاستعداد لمواجهة مخاطر موجة أخرى محتملة من فيروس كورونا وعدم تكرار سيناريو ارتفاع الإصابات بشكل رهيب وأزمة الأوكسجين والضغط الكبير على المستشفيات.
أكد رئيس عمادة الأطباء الجزائريين خلال نزوله ضيفا على « الشعب «، أنّ تسريع وتيرة التلقيح في البلاد بات ضرورة ملحة أكثر من أيّ وقت سابق للتمكن من مكافحة مخاطر انتشار فيروس كورونا والتصدي للسلالات المتحورة التي يمكن أن تكون أكثر عدوى وشراسة من الفيروس الأصلي،قائلا إن اللقاح يعدّ السلاح الوحيد لكسر سلسة انتشار وتفشي الفيروس بشكل يصعب السيطرة عليه.
ووصف الدكتور بركاني الحالة الوبائية في البلاد بالمستقرة والمريحة نوعا ما نظرا لانخفاض منحنى الإصابات اليومية مقارنة بالأسابيع الفارطة ونقص الضغط على المستشفيات، ولكن لا يعني هذا -على حدّ قوله -زوال الخطر وإنما كل الاحتمالات واردة في الأيام والأسابيع المقبلة، ما يستدعي تضافر الجهود بين جميع الهيئات والمهنيين وتكثيف العمل الميداني للتحضير المسبق لأيّ طارئ صحي محتمل، من خلال استغلال هذه الفترة التي يشهد فيها الوباء تراجعا مستمرا يمكن أن يكون مؤقتا.
ويرى أنّ انطلاق أكبر حملة تطعيم وطنية ضد كوفيد -19، خطوة هامة لبلوغ الأهداف المسطرة من أجل الوصول إلى اكتساب مناعة جماعية تمكّن من الخروج من هذه الأزمة الصحية، مضيفا أنّ عملية التلقيح يجب أن تخضع لتنظيم خاص من خلال الأخذ بعين الاعتبار كيفية استعمال هذه اللقاحات وتسهيل العملية وتعزيز سبل التواصل والتقرب من المواطن وتزويده بمعلومات وأرقام صحيحة تعكس الواقع قصد استرجاع الثقة «المفقودة» ومن أجل التصدي للإشاعات والأخبار المغلوطة حول نوعية وسلامة اللقاحات والتي جعلت كثيرا من المواطنين يترددون في أخذ اللقاح.
لا يوجد ما يمنع المواطن من التلقيح
أبرز رئيس عمادة الأطباء الجزائريين أهمية المرور إلى المرحلة الثانية والمتمثلة في السعي لتلقيح أكبر عدد من المواطنين في ظرف وجيز في مختلف المناطق خاصة القرى والمداشر المعزولة إلى غاية الوصول إلى نسبة 70 بالمئة من الملقحين بالجرعتين، داعيا الجميع إلى تفادي الأخطاء السابقة والتي تسببت في تدهور الوضعية الصحية بشكل غير مسبوق عبر التوجه بقوة إلى الفضاءات المخصّصة للتلقيح للحفاظ على صحتهم وسلامتهم من هذا الوباء.
وأشار إلى أنّ جميع اللقاحات المتوفرة تساهم في حماية الأشخاص من مضاعفات ترتبط بالفيروس حتى السلالات المتحوّرة دون تسجيل أية أعراض جانبية خطيرة لدى الملقحين إلى حدّ الآن، منبّها بأنه لا يوجد ما يمنع المواطنين من التلقيح خاصة وأنّ اللقاحات أصبحت متوفرة بكميات كافية وفي الأماكن العمومية وفضاءات إضافية مخصّصة للعملية خارج الهياكل الصحية، مقترحا في ذات السياق الاستعانة بمرافق عمومية مساحتها كبيرة لتلقيح أكبر عدد ممكن في ظروف تنظيمية حسنة بعيدا عن الاكتظاظ الذي يتسبب في انتشار الفيروس بين الأشخاص، بالإضافة إلى ضرورة إلزام الإدارات العمومية على التلقيح لتفادي انتشار الفيروس داخل المؤسسات ومختلف الهيئات.
كما أفاد بركاني أنّ تعزيز الوقاية من مخاطر الفيروس تتطلب حملات توعوية وتحسيسية مكثفة بالتنسيق مع السلطات المحلية ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام وكذا إشراك شخصيات لها رمزية في مختلف التخصّصات يمكنها أن تؤثر بشكل كبير على المواطنين وتساهم في حث أكبر عدد منهم على ضرورة الإقبال على التلقيح باعتباره الوسيلة الوحيدة التي تضمن العودة إلى الحياة العادية، موضحا أنّ المواطن الجزائري أصبح أكثر وعيا بخطورة الوضع والدليل على ذلك الالتزام الذي أبداه في الموجة الثالثة من حيث تطبيق الإجراءات الاحترازية ولكنه بحاجة إلى مزيد من الرسائل التوعوية والتحسيسية لمكافحة دعوى التشكيك في جدوى وفعالية وسلامة اللقاح.
وفي سياق آخر، أكد رئيس عمادة الأطباء الجزائريين أنّ المستشفيات الجزائرية تعاني من مشكل في التسيير والتنظيم وليست مؤهلة لاستقبال عدد كبير من المصابين بفيروس كورونا رغم أنّ الحكومة أخذت بعين الاعتبار نوعية التكفل بالمرضى ومكافحة الوباء، مشيرا إلى أنّ الأزمة الحالية كشفت عن اختلالات كثيرة في النظام الصحي والتي تقتضي استخلاص العبر وتدارك النقائص عبر إعادة النظر في سبل النهوض بالقطاع وتحسين الخدمة العمومية.
وحسب بركاني فإنّ مواجهة فيروس كورونا يقتضي تسيير محكم وتفعيل إجراءات وقائية فعالة، خاصة من قبل اللجنة العلمية المكلفة برصد ومتابعة فيروس كورونا التي يجب أن تؤدي دورها على أكمل وجه في دراسة وتسيير الوضع الوبائي وأن تكون في المستوى من حيث تقييم الحالة الوبائية وتقديم المعلومات الصحيحة والأرقام الدقيقة للمواطنين.
وتوقع بقاط تسجيل نتائج إيجابية بعد إطلاق أكبر حملة تلقيح وطنية ضد فيروس كورونا والترويج للقاحات عبر مختلف وسائل الإعلام، وإقناع جميع الفئات المعنية بأنّها فعالة وآمنة وهي السلاح الأساسي والأمثل لمكافحة الوباء، موضحا أنّ تحقيق أهداف اكتساب مناعة جماعية يتم بعملية تلقيح قوية وسريعة في الميدان وتكثيف الحملات التحسيسية على نطاق واسع.
واعتبر تلقيح المواطنين في الصيدليات خطوة جيّدة للوصول إلى أكبر عدد من الملقحين خاصة في المناطق المعزولة ولكن العملية بحاجة إلى تكوين خاص لمواجهة مخاطر مرتبطة بردود أفعال محتملة بعد عملية التلقيح، مضيفا أنّ إشراك العيادات الخاصة في حملة التلقيح سيساهم أيضا في تسريع وتيرة التلقيح خاصة وأنها مؤهلة لاستقبال المواطنين والتكفل بهم.