الشرعية السياسية مكسب أساسي
توقع الخبير في القانون الدستوري الدكتور أحمد دخينيسة، توافقا وطنيا واضحا بين الأحزاب، لأن المرحلة الراهنة تقتضي ذلك. وبحسبه، فإن الديناميكية الجديدة في الانتخابات، أنتجت وجوها جديدة كثيرة، سوف تبعث الأمل لدى المواطن.
ويشير الخبير القانوني، إلى أن العزوف عن التصويت ظاهرة عالمية لا تقتصر على الجزائر فقط، لأن المواطن لم يعد يرى في السياسة تأثيرا على حياته اليومية.
يؤكد الدكتور دخينيسة، لدى نزوله ضيف «الشعب»، أن من يترشح للانتخابات ينبغي أن يكون متشبعا بالثقافة السياسية، ولديه معرفة بالمحيط الذي يعيش فيه وليس بعيدا عن مشاكل المواطن الجزائري، لأن السياسة هي برنامج والتزام. ويشير إلى أن التصويت كان إيديولوجيا.
ويضيف، أن النتائج تبرز أن الكتلة الجديدة التي ظهرت هي كتلة الأحرار، هذه الأخيرة تغلب عليها توجهات وطنية. ويقول: «البعض يتساءل عن الأداء الفردي، البرلمان أداء جماعي، والحياة السياسية مهيكلة في ثلاثة تيارات».
في هذا الصدد، يبرز الخبير في القانون الدستوري، أن الظاهرة الجديدة للمترشحين الأحرار، تظهر أن هناك ديناميكية في المجتمع لا تستطيع الأحزاب استيعابها. وبحسبه، فإنه لابد من قراءة أداء الزوار الجدد للبرلمان قراءة سياسية، وما هو انتماؤهم السياسي؟. ويضيف، أن هناك محاولة لتكوين تكتلات بالمعنى السياسي، لأن النائب منفرد ووحيد. كما أن الأغلبية من المترشحين من التيار الوطني، خاصة الذين أقصوا من قوائم أحزابهم.
ويؤكد، أن هذه الدينامكية متنوعة وهي رسالة للأحزاب السياسية، لأنه مهما يكن لابد أن نذهب في انتظام الحياة السياسية على أساس سياسي وتكتل سياسي ولا نفرض عليهم، قائلا: «هم الآن مضطرون إلى الاصطفاف السياسي، خاصة أن الدستور الجديد أطر الأمر، إما أنك في أغلبية رئاسية أو أغلبية معارضة؛ بمعنى أن الاصطفاف يصبح واضحا».
ويشير أنه في السابق كان لنا كتلة الأحرار، عادة ما كانت تدعم الحكومة وهذا شيء منطقي في هذه الأنظمة. ويعتقد أن هذه ظاهرة مرحلية، الأغلبية منهم سنرى توجهاتهم السياسية، وأن الجميع يريد التوافق.
واستشهد دخينيسة ببعض الأحزاب، مثل حزب مجتمع السلم على لسان عبد الرزاق مقري، الذي قال إنه في حال فوز حزبه سيذهب إلى حكومة وطنية.
نفس الأمر بالنسبة لبن قرينة، الذي قال إنه سيدعو الرئيس لتعيين الوزير الأول للعمل معا. ويؤكد أن الانتخابات شكلت نوعا من الكتلة التاريخية الجديدة، همها الأساسي وكذا المواطنين هو خروج الجزائر بنوع من المناعة السياسية، لأن الرئيس شدد على الذهاب نحو الشرعية، وإن كان بنسبة ضئيلة، لأنه في السابق لم تكن شرعية والذي أضعف المؤسسات سواء داخليا أو خارجيا، على حد قوله.
ويوضح «ضيف الشعب»، أن تزوير النتائج جعل الحياة السياسية مضطربة، وظهرت أقليات إيديولوجية تتكلم باسم الشعب والحراك، في حين لا تمثل شيئا. ويشير إلى أن التزوير أضعف الشرعية والمصداقية وأنه لا يمكن القيام بعمل عمومي وشرعيتك مطعون فيها.
ويؤكد الخبير في القانون الدستوري، أن اليوم لنا مكسب أساسي، هو الشرعية السياسية وإن كان بأقل. فمثلا في فرنسا 30 بالمائة من العزوف وهو رقم ضخم، لأنها ظاهرة عالمية، لأن المواطن لم يعد يرى أن السياسة تؤثر في حياته.
ويدعو دخينيسة للقيام بدراسة علمية عن أسباب العزوف. ويوضح أن هناك أسبابا سياسية على أساس المقاطعة والمقاطعين بالدليل ليس لهم ثقل اجتماعي، لأن الأمر يعود للمجتمع. في هذا السياق، يشير إلى أن الظاهرة الإعلامية تضخم، لأن بعض الذين ليس لهم تواجد اجتماعي وأصواتهم مرتفعة، هم تقريبا الذين يوجهون الحياة السياسية.
ويقول: «المطلوب الآن الشرعية. إننا نوجه رهاناتنا السياسية إلى ما هو أساسي بالنسبة للمجتمع الجزائري، ونخرج من المهتارات والرد على بعض المعارضين الضعاف والمعارضين الذين لا يملكون لا شعبية ولا شرعية ولا سياسة، خاصة عملاء المخابرات الأجنبية المفضوحة».
في المقابل، يشير ضيف «الشعب»، إلى أن الأقلية التي لم تشارك والمسماة التيار الديمقراطي ممكن في الاستحقاقات المحلية القادمة مدعوة الى المشاركة، وأن الرئيس يريد الذهاب إلى هذا التيار وقد يشركهم في الحكومة، خاصة وأنه يعول على ديناميكية أكثر يمكن أن تصل إلى 40 بالمائة أو أكثر، لأن الرهان المحلي يتعلق بالحياة اليومية للمواطنين. ويبرز أن الديناميكية الجديدة أنتجت وجوها كثيرة جديدة سوف تبعث الأمل والطموح في كثير من الناس، الذين كانوا يرون أن الأمر مغلق، لكن النتائج أظهرت نجاح بعض الشباب والنساء لارتباطهم بالشأن الوطني المجتمعي، والبعض الآخر الذين من المفترض فوزهم لأنهم يملكون مكانة إدارية وسياسية لم ينجحوا.
وبحسبه، فإن النتائج لا ترضي 100 بالمائة. لكن قد تكون بذور ديناميكية جديدة قد نرى لها امتداد في المحليات، هذه الأخيرة قد تؤثر حتى في تشكيل الحكومة، خاصة أنه من الإيجابيات أن أي حزب لم ينل الأغلبية المطلقة.
في هذا الشأن يرى دخينيسة، أنها فرصة تاريخية للجزائر ومن الممكن أن يكون هناك توافق بين قطب وطني واضح وأن جزءاً من الأحرار ينتمون إلى نفس التيار، لأن التحديات والعوامل الموضوعية تدفع إلى ذلك. كما أن رئيس الجمهورية يريد الانفتاح على الجميع، فالحياة السياسية الآن والدستورية تقوم على أغلبية ومعارضة.
في هذا السياق، يشير ضيف «الشعب»، إلى أن «حمس» قد تختار المعارضة كتموقع استيراتيجي لاستحقاقات قادمة. ويمكن أن تكون في الحكومة، لأن الاستحقاقات الوطنية خطيرة، والجزائر تعيش أزمة وتوترا دوليا ضخما على حدودها، وبالتالي قد يكون هناك توافق وطني، لأن المرحلة والجميع يفرض ذلك.
ويضيف، ان التنافس وفوز حزب جبهة التحرير الوطني أمر منطقي، لأننا نعرف الأوزان النسبية لكل تيار، وأن الانتخابات أنتجت ديناميكيات ستتراكم. وفي المحليات قد نذهب إلى تعميق المسارات، خاصة أن الجميع يريد الآن الصالح العام، وأن المعارضة الآن جزء من النظام وهي سلطة مضادة لرقابة العمل الحكومي وليست سلطة خارج الدولة.
ويؤكد دخينيسة، أننا بصدد تكوين ثقافة سياسية جديدة للدخول في الضمائر والتفكير حتى لدى المواطن البسيط. فالمعارضة لديها ضمير، لأن لديها وظيفة الرقابة وهي موجودة داخل النظام وجزء منه، وتشارك فيه وليست ضده.
ويقول: «اليوم أسست فكرة المعارضة بضمانات دستورية ولها الحق، سواء في المشاركة أو التداول على اللجان وإخطار المجلس الدستوري بـ25 نائبا، وبالتالي سنعيش نوعا من الحركية الجديدة الموجودة في الدستور».
ويضيف، أن الدستور يعطينا كنون قوية للحياة السياسية، والجديد فيه هو أن الحكومة تنبثق من البرلمان، لأن رئيس الجمهورية ملزم بتعيين وزير أول يمثل هذا التكتل الذي سيتشكل.