يقر رئيس المجلس المهني لشعبة اللحوم الحمراء، ميلود بوعديس، أن شعبة اللحوم الحمراء في الجزائر، تعيش «أزمة لا يمكن الخروج منها دون تعديل القوانين»، داعيا إلى إشراك المهنيين الحقيقيين في اجتماعات الوصاية، لتغيير واقع شعبة، سلالاتها المحلية، لا تعطي المردود الاقتصادي المنتظر، والمستوردة أعباءها الضريبية «تخنق الموال» ولا تشجع على استمرار نشاط تربية المواشي، مما يبقي أسعار اللحوم الحمراء في الأسواق «مرتفعة»، ويستحيل بيعها في المواسم الدينية وخارجها بسعر 800 دينار مثلما ذكر لعدة أسباب منها كثرة الأعباء والتكاليف.
قال بوعديس، لدى نزوله ضيفا على جريدة «الشعب»، إن «الإنتاج المحلي من اللحوم لا يكفي طلبات المستهلكين في السوق الوطنية، ولن يحقق الاكتفاء الذاتي 100%»، لأن «السلالة المحلية بالنسبة للأبقار والعجول مردوديتها ضعيفة»، وهو ما أبقى الجزائر في ارتباط دائم بالأسواق الخارجية.
ذكر أنه يتم استيراد سلالات من الخارج بحجم 400 كيلوغرام، في ظرف 6 أشهر تصبح 700 كيلوغرام، لكن المحلية تصل 600 كيلوغرام في مدة عام أوعامين، ولكنها تعطي لحوما ذات نوعية جيدة، وصحية لأنها أقل عرضة للأمراض.
من أجل تغطية الطلب المحلي على اللحوم الحمراء، «في جميع الأوقات وليس في فترات معينة»، قال بوعديس» وجب الاتجاه إلى استيراد السلالات سريعة التسمين، مثل لوموزا، وشارولين»، وتم هذه السنة فتح الباب لاستيراد كمية من اللحوم المبردة استثناء لتغطية العجز، ولكن بالنسبة له «هذا ليس مستقبلنا، مستقبلنا في تربية الأبقار والعجول المخصصة للذبح محليا» لأن تربية الأبقار تنشط فروعا أخرى، مثل صناعة الأعلاف، والتحويل، وتوفر مواد أخرى للاستهلاك مثل زوائد الأبقار التي يكثر الطلب عليها محليا، عكس الدول الأوروبية التي تتخلص منها، أوتحولها للاستغلال في أشياء أخرى.
وما دام أن الجزائر لا تملك السلالات ذات المردودية الاقتصادية العالية، اقترح بوعديس وضع برنامج تشارك فيه الحكومة لتوفيرها وتنظيم استيرادها، ولكن قبل ذلك يجب مثلما قال «تغيير القوانين، التي هي اليوم ليست في صالح الموال»، بحيث يدفع من يقوم بتربية العجول والأبقار نفس الرسوم الضريبية والجمركية التي يدفعها من يستوردها للذبح مباشرة، وهذا «غير معقول».
في نظر بوعديس يتطلب تشجيع الموال على رفع قدرات الإنتاج، تخفيض هذه الرسوم، ما دام أن الدولة لم تتحكم بعد في أسعار المواد الأولية التي تدخل في صناعة الأعلاف لأنها تستورد من الخارج.
أشار إلى إقرار تخفيض الضريبة على الأعلاف هذه المرة، ولكن أمام انهيار الدينار وارتفاع قيمة الأورو، لم يظهر أثرها في الميدان، لذلك اللحوم لا يمكن تسويقها بسعر أقل من التكلفة ( 1000 دينار أو800 دينار) وبالنسبة له «هذا مستحيل».
اعتبر تخفيض الرسوم الضريبية على الأعلاف «خطوة منقوصة» تحتاج إلى « 20 خطوة أخرى لاستكمالها بإلغاء الرسوم الضريبية والجمركية، على موردي العجول والأبقار الموجهة للتسمين، وتسويق لحومها فيما بعد بأسعار معقولة تراعي القدرة الشرائية للمستهلك».
شدد بوعديس على ضرورة إشراك المهنيين الحقيقيين، في اجتماعات الوصاية، وليس « أطراف لا يمثلون المهنة»، للوصول إلى حلول تعيد تنظيم الشعبة وتضبط آليات الدعم الموجه للموالين، «لأن الأموال التي تصرف على استيراد اللحوم، يجب أن توجه لدعم استيراد رؤوس الأبقار وهنا ستتحقق الأهداف وستنتعش تربية المواشي وتفتح مناصب عمل للراغبين في القيام بهذا النشاط».
الثروة الحيوانية دون إحصائيات دقيقة
تفتقد الجزائر لإحصائيات دقيقة حول الثروة الحيوانية التي تتوفر عليها، وبحسب بوعديس «لا توجد أرقام رسمية حول عدد رؤوس المواشي ولا يمكن لأي شخص منحها، لأنه لا توجد إحصائيات دقيقة، ولا رقمنة مثلما يقولون».
تتمركز أغلبية المواشي في المناطق الصحراوية 95 بالمائة أغنام، أما في مناطق الشمال والهضاب العليا فيرتفع نشاط تربية الأبقار الحلوب، والموجهة للذبح.
يجهل عدد الرؤوس لدى البدو الرحل، لتنقلاتهم الكثيرة بين المراعي، وهوما يستدعي وجود متابعة رقمية وعلمية دائمة، مشيرا إلى أن عدد رؤوس المواشي تتراوح بين 26 مليون و28 مليون رأس غنم، وهو «الرقم الرسمي الوحيد»، مثلما قال بوعديس الذي كشف عنه البياطرة في حملة تلقيح الأغنام، والتي شملت 26 مليون رأس، لكن يوجد موالون لم يلقحوا مواشيهم.
بخصوص تحايل بعض المربين الذين يقومون بتحويل الأبقار المنتجة للحليب نحوالمذابح، لم ينكر بوعديس وجود هذه الممارسات المشينة، لبيع لحومها، واقترح تسليط أقصى العقوبات على الفاعلين، وإحالة كل من يثبت تورطه للعدالة، مشيرا إلى وجود أطراف تستفيد من القرض لاستيراد الأبقار ولكن يعيدون بيعها مباشرة، وهؤلاء يجب وضع حد لهم، ولكن يجب في نفس الوقت تفعيل رقابة المصالح المختصة.
أكد أن المجلس المهني لشعبة اللحوم الحمراء «ضد هذه الممارسات»، مقرا أن الخروج من هذه الأزمة لا يمكن دون تضحيات، وتعديل قوانين كثيرة.