أكّد المدير العام المدير العام للهيئة الجزائرية للاعتماد «ألجيراك»، نور الدين بوديسة، أنّ الحد من ظاهرة التقليد التي تنخر الاقتصاد الوطني مرتبط بسد الفراغ التشريعي، وكذا رفع عدد المخابر المعتمدة لمراقبة الجودة، بالإضافة إلى تكثيف عملية التفتيش والرقابة مع منح صلاحيات أكبر لمفتشي وزارة التجارة لممارسة نشاطهم اليومي في الأسواق من أجل التدخل وحجر المنتوجات غير المطابقة.
قال المدير العام المدير العام للهيئة الجزائرية للاعتماد «ألجيراك»، نور الدين بوديسة، عند نزوله ضيفا على «الشعب»، إنّ القضاء على ظاهرة التقليد في الجزائر تتطلّب إعادة النظر في التشريع الجزائري بسبب الفراغ القانوني الكبير الذي يعرفه، حتى تتمكّن السلطات المعنية من محاربتها ووضع حدّ لها.
وأكّد المتحدّث على ضرورة استحداث مؤسّسات تقوم بتطبيق المطابقة المعتمدة من طرف «ألجيراك» على كل منتج يشك أنّه غير مطابق، من أجل إخضاعه لتحاليل في مخبر معتمد مختص في الميدان ليعطي النتائج التي تفصل في كونه منتوجا مقلدا من عدمه، فمنع تسويقه أو تصديره أو استيراده يستدعي امتلاك الجزائر للإمكانات الوطنية والكفاءة والتخصص والطاقة البشرية المناسبة للموافقة أو الرفض.
في ذات السياق، كشف بوديسة أنّ هرم الجودة في الجزائر ما زال في مرحلة التكوين، لكن في المقابل تستطيع الجزائر اليوم محاربة الغش في بعض القطاعات كالمنتجات الفلاحية ومواد الصناعة التحويلية الفلاحية، وفي بعض الصناعات الميكانيكية، لذلك حان اليوم أن يأخذ مجال قطع الغيار مكانته الهامة لأن الجزائر تستورد أكثر من مليار دولار قطع غيار.
وتأسّف ضيف «الشعب» على غياب مخابر مختصّة في مراقبة نوعية وجودة قطع الغيار، خاصة ما تعلق بالجانب الأمني لأن المخابر غير كافية وغير موزّعة جغرافيا في الجزائر، مؤكّدا ضرورة وضع إستراتيجية أخرى، فيجب فتح مخابر لمراقبة قطع الغيار في مختلف الموانئ التي تملكها الجزائر كميناء وهران، جيجل، الغزوات وسكيكدة.
وكشف في نفس الوقت عن وجود تنسيق بين الهيئة الجزائرية للاعتماد مع مخابر تابعة لوزارة التجارة لبدء عملية الاعتماد، بحيث سيعيد النظر في تشريعاتها لتكون لهم صلاحيات أكبر لمراقبة كل ما يدخل الجزائر عبر الحدود، معتبرا إيّاها غير كافية لأن المواصفات التقنية التي تحدّد معايير قبول المنتوج من عدمه لا تملكها الجزائر.
وذكّر بوديسة أنّ الجزائر عرفت فترة صعبة مع صندوق النقد الدولي، الذي أغلق مصانع وطنية وكل المخابر التي كانت تملكها، فقد كانت تملك الجزائر تقاليد معيّنة، فلما تبني مصنعا للإنتاج تفتح مخبرا ثم مركزا للتكوين ثم مركزا لمعالجة المياه المستعملة، ومركزا للبحث، هذا المجمّع الذي كان يبنى في السابق لم يعد موجودا اليوم، لذلك تتطلّب العودة إلى هذا النوع من المجمعات إمكانات وأموالا ضخمة، حتى نستطيع أن «نراقب ما نستورده من الخارج ونوافق ونشجع صناعة السيارات التي تستطيع أخذ مكانتها في السوق الجزائرية».
يتطلّب سد الفراغ التشريعي تدخّل جميع الأطراف المعنية كالصناعة، التجارة، المالية والبحث العلمي الواجب مشاركته في وضع هذه التشريعات، لأن الشخص الذي يمارس العمل التطبيقي بصفة يومية يستطيع تقديم إضافة، تكملها هيئة مستقلة ومحايدة مثل «ألجيراك» لتعطي تلك الأطراف كل ما يتعلق بالمعايير العالمية، خاصة وأن الجزائر لديها رغبة قوية في ولوج السوق العالمية.
وأوضح المتحدث أنّ «ألجيراك» قدّمت في لقاء حول مخطط الإنعاش الاجتماعي والاقتصادي شهر أوت 2020 خطّة عمل، وفق إستراتيجية محددة لتنمية جانب الاعتماد في الجزائر، وكذا تحديد القطاعات التي تملك الأولوية لتكون قاعدة التصدير فيها على أساس معيارين، الأول مراقبة كل ما يستورد بكمية هائلة من الخارج مع امتلاكها إمكانيات أكبر لمراقبة السوق، أما الثاني فمراقبة كل ما نصدره، بحيث يمر كل من يرغب في التصدير على «ألجيراك» لتسلّمه شهادة اعتماد للمخبر أو هيئته المعتمدة.
وقال ضيف «الشعب»، إن على الدولة تخصيص ميزانية خاصة للاستثمار في الهيكل، المعايير والتنظيم، وفي وضع شبكة مخابر منظمة، مهيكلة ومقنّنة، حيث حدّدت «ألجيراك» 450 مليون دولار كميزانية لاستثمار الدولة في كل القطاعات بغية تغطية العجز، في المقابل عائداتها ستكون بملايير الدولارات، لذلك «حان الوقت لدخول المنافسة الدولية، وإن أردنا الانخراط في المنظمات العالمية والجهوية فنحن مضطرين للاستثمار، مع الاستفادة من تجارب الدول في هذا المجال لربح الوقت والزمن».