من مفاتيح النمو

نظرة استشرافية وتحديد المشاريع ذات الجدوى

حياة. ك

 تمتلك الجزائر مفاتيح النمو الاقتصادي التي تمكنها من التواجد ضمن مجموعة 22 التي تضم الدول القوية في العالم، وهي تحتاج إلى اختيار المشاريع ذات الأولوية. كما هي في حاجة إلى الاعتماد على النظرة الاستشرافية في العمق، والأهم التسريع في الوتيرة ومحاولة استدراك التأخر. هذه بعض الأفكار والإقتراحات التي يقدمها الدكتور فريد بن يحي، المستشار والخبير في الاقتصاد والعلاقات الدولية.
بالرغم من الوضع الصحي الذي أثّر على الاقتصاد الوطني الذي يعيش وضعا صعبا بسبب تهاوي أسعار النفط وتذبذبها، تمتلك الجزائر مفاتيح لتحقيق نهضة اقتصادية، ترفعها الى مقام الدول الناشئة، بحسب ما أكده فريد بن يحي خلال نزوله ضيفا على «الشعب»، حيث يمكنها أن تحتل موقعا ضمن مجموعة الدول 22.
من أهم هذه المفاتيح، يبرز بن يحي الموقع الجيواستراتيجي والجيواقتصادي، الذي يجعلها قوة إقليمية، بل أول قوة اقتصادية في إفريقيا، من حيث حدودها الجنوبية، وكذا قربها من أوروبا، إضافة إلى خزان الطاقة البشرية التي يقارب عددها 35 مليون شاب.
ويشير الضيف، إلى أن الجزائر تمتلك 22 مليون هكتار من الأراضي التي يمكن استصلاحها، وأكثر من 1560 كلم شواطئ، بالإضافة إلى المناطق السياحية الخلابة المتواجدة بالساحل، الهضاب العليا والصحراء.
كل هذه العوامل، يمكن من خلالها تحقيق النمو، لكن تحتاج، بحسبه، الى نظرة استشرافية في العمق، لأن التسيير فلسفة، وإلى ذلك تساعد معرفة استعمال الآليات، الإحصاء والبرمجيات، على اتخاذ القرار.

الأشغال العمومية قاعدة تحريك الاقتصاد


يعتبر قطاع الأشغال العمومية ـ بحسب المتحدث ـ الذي يتعين بعث النشاط فيه، من خلال إنجاز الطرق، بناء السدود، السكن والموانئ، لأن هذه القطاعات تؤسس اللوجستيك أو القاعدة التي تحرك القطاعات ذات الصلة، لتعطي دفعا للاقتصاد، غير أن هذه القاعدة لا ينبغي أن تمتد في الزمن، والآمال التي تحتاجها للانطلاق لا تتعدى ـ بحسبه ـ 4 أشهر.
ولا يطرح تمويل هذه المشاريع ذات الأولوية ـ بحسبه ـ في بعث الاقتصاد الوطني، والأمر المهم بالنسبة يتمثل في ضرورة تجنب الارتجال، الذي كلف الجزائر في عشريات سابقة أموالا باهظة ذهبت في مهب الريح، مشيرا إلى أن الطريق السيار شرق ـ غرب الذي لم يكتمل بعد من شطره الشرقي، استهلك من الأموال ضعف القيمة الحقيقية للمشروع.
الإشكالية المطروحة ـ بحسب بن يحي ـ تتمثل في الدراسات الهندسية التي تستهلك كثيرا من الأموال، التي يعتبرها أولوية في إنجاز المشاريع، على غرار المشاريع السياحية والصيد البحري التي يمكن أن تنشئ الثروة والقيمة المضافة وتحقق مداخيل هامة للخزينة.
ويعتبر بن يحي إنجاز المناطق السياحية الكبرى، من شأنه ان يجلب الدول الكبرى على غرار الولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا وألمانيا لإقامة مشاريع سياحية في الجزائر، من خلال صناديق الاستثمار، وهذا ما يغني عن استخدام مداخيل البترول والغاز لتجسيد هذه المشاريع.
غير أن تطوير السياحة على سبيل المثال، يحتاج إلى إنجاز طريق سيار من الشرق إلى الغرب على امتداد الساحل، لكن المشكل الذي يواجه هكذا مشروع، يتمثل في نمط البناء، حيث أن البنايات القريبة جدا من البحر، ليس هناك احترام لمعايير البناء.
ويذكر في هذا الإطار، أن انجاز هذا الطريق، يسمح بإنشاء قرى سياحية، ومناطق سياحية كبرى وصغرى وكذا موانئ، هذه الأخيرة التي تقوم، كما قال، بدور كبير في إنعاش الاقتصاد الوطني، على غرار ميناء الحمدانية.

استرجاع تكاليف الشحن الباهظة

فيما يتعلق بميناء الحمدانية بشرشال (ولاية تيبازة)، وهو مشروع ضخم يتطلب ـ بحسب الخبير بن يحي ـ دراسات حقيقية بمعايير دولية، تجعل منه مكافئا لموانئ دولية أخرى، ولابد كذلك ـ يضيف- أن تكون دراسة «جدية جدا» للطرق، مع انجاز محطات للطاقة الكهربائية ومحطات لتحلية مياه البحر وكذا وحدات لصيانة السفن وتنظيفها.
وبالنسبة للمتحدث، في مشروع ميناء الحمدانية، يتم إنشاء منطقة تمتد في البحر، تخصص للبترول والغاز، تكون على بعد 4 إلى 5 كلم عن الميناء، حتى تترك المجال للسفن الحاملة للسلع، ومن شأن إنجاز مرافئ في البحر مخصصة للمحروقات، السماح للجزائر بامتلاك ميناء منافس للموانئ الأخرى، ولتفادي إعادة الشحن من موانئ أوروبية منها ميناء إسبانيا الذي يكلف الشحن منه مبالغ مالية معتبرة. ويؤكد أن المشروع يخضع إلى دراسة تقنية حقيقية، ويقترح في هذا الصدد ان تتم متابعة إنجازه من طرف مكاتب دراسات ذات مستوى عالي المصداقية على غرار الألمانية، أو الفنلندية أو السويسرية..، أما الإنجاز فتتكفل به الشركة الصينية.
ويفيد الخبير بن يحي، في هذا الإطار، بأنه يمكن إنشاء مناطق حرة على مستوى ميناء الحمدانية، ويمكن إنتاج مشتقات المحروقات مثل صناعة البتروكيماويات، وتصديرها بدل تصدير البترول أو الغاز الخام ويعتبر ذلك مهما جدا، كما يمكن استرجاع الغاز المحترق المنبعث من الأنابيب بحاسي مسعود والذي يمثل 20 بالمائة من الغاز، يقول المتحدث إنه يمكن تكريره إلى غاز الإيثان، وتصديره ومن ثمة ربح ما قيمته 4 إلى 5 ملايير دولار.
كما يمكن إنشاء إلى جانب الميناء، مصنع للسيارات والتصدير عبره الى الخارج، أو إنجاز مصانع للصناعات الغذائية وحتى الإلكترونية، مشيرا الى ان انجاز ميناء الحمدانية وتأهيل الموانئ الأخرى، سيعطي دفعا قويا للاقتصاد الوطني، خاصة إذا تم استعمال الأرصفة الذكية، لافتا الى ان قدرة ميناء الحمدانية تصل الى 6.5 ملايين حاوية في السنة وهذا مهم جدا، على حد تعبيره.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19546

العدد 19546

السبت 17 أوث 2024
العدد 19545

العدد 19545

الخميس 15 أوث 2024
العدد 19544

العدد 19544

الأربعاء 14 أوث 2024
العدد 19543

العدد 19543

الثلاثاء 13 أوث 2024