رفض البروفيسور عبد الباسط كتفي ربط التراخي في الالتزام بالإجراءات الوقائية بانطلاق حملة التلقيح، لأن فعاليتها متعلقة بتلقيح ملايين المواطنين حتى يصبح بالإمكان الحديث عن تحقيق هدف رفع مناعة مكتسبة الى 70 بالمائة، موضحا أن الاستقرار في الحالة الوبائية لا يعني الانفتاح الكامل، لأن الوباء مازال موجودا في الجزائر، ما يستدعي الإبقاء على حالة الالتزام بالتباعد الاجتماعي وارتداء القناع الواقي، مؤكدا ان الإعلام يلعب دورا محوريا في إبقاء المواطن يقظا تجاه احترام الإجراءات الوقائية.
أكد كتفي أن استقرار الوضعية الوبائية الحالية في الجزائر، بالنظر الى ما لمسه الأطباء في الوحدات الصحية الاستشفائية من انخفاض في عدد المرضى المصابين بالفيروس. موضحا أن كل المؤشرات توحي باستقرار عدد الإصابات الجديدة منذ مدة. كاشفا في الوقت نفسه، عن تطابق الأرقام المسجلة على مستوى المستشفيات والأرقام التي تعلنها وزارة الصحة في إحصائيات يومية لآخر تطورات الوضعية الوبائية في الجزائر.
ولاحظ البروفيسور، أن الحالة الوبائية عرفت عدة مراحل منذ إعلان حالة الطوارئ الصحية شهر مارس من العام الماضي، حيث تجند الجميع في البداية من أجل توعية المواطن بأهمية الالتزام بالإجراءات الوقائية، من خلال حملات تحسيسية وتوعوية صاحبتها تدابير احترازية صارمة ومشددة متمثلة في الحجر الكلي ووقف النشاط الاقتصادي ومنع التجمعات، بالإضافة إلى تدابير أخرى كان الهدف منها حماية صحة المواطن، خاصة وان الفيروس في تلك الفترة كان مجهولا.
في السياق ذاته، قال ضيف «الشعب» إن عدم الإحاطة بجميع المعلومات حول الفيروس التاجي صعّب من مهمة إقناع المواطن بالالتزام التام بالإجراءات الوقائية، لكن الذروة التي سجلتها الجزائر شهر أفريل الماضي، استطاعت تحسيسه بخطورة الوضع الوبائي في حال استمراره في تراخيه واستهتاره بتوصيات المختصين، لذلك لاحظ المعنيون تحولا في سلوك المواطن الذي التزم بمختلف الإجراءات الوقائية والتدابير الاحترازية من أجل إبعاد خطر خروج الوضع الوبائي عن السيطرة.
وسمح هذا التقيد الصارم بالتباعد الاجتماعي وارتداء القناع الواقي والتعقيم المستمر لليدين –بحسب المتحدث- بانخفاض عدد الإصابات الجديدة، وانعكس إيجابا على منحناها، حيث عرف تنازلا واضحا، ما منح المواطن شعورا بالثقة والأمان من الخطر، فكان التخلي عن الإجراءات الوقائية خاصة التباعد الاجتماعي وارتداء القناع الواقي ولو جزئيا ردة فعله تجاه هذا الانخفاض، فسجلت الجزائر حينها انفتاحا سريعا أدى الى موجة ثانية كانت أخطر من الأولى تجاوز فيها عدد الإصابات الجديدة 1000 حالة في 24 ساعة.
وأوضح البروفيسور، أن ارتفاع عدد الإصابات بشكل خطير استدعى العودة إلى الإجراءات الوقائية الصارمة، بحيث تم تعديل الحجر المنزلي، بالإضافة إلى توقيف بعض النشاطات التجارية. ولشعور المواطن حينها بالخطر، إلتزم بصرامة شديدة ما أدى إلى السيطرة على الموجة الثانية، حيث أثبتت الإجراءات الوقائية فعاليتها مرة أخرى، خاصة التباعد الاجتماعي وارتداء القناع الواقي، الى جانب التكفل بمرضى كوفيد-19 على مستوى المؤسسات الاستشفائية العمومية والخاصة، فساهمت كل هذه التدابير في توعية المواطن والتحكم في سلسلة العدوى.
وأدت السيطرة على الوضعية الوبائية ووعي المواطن، إلى التناقص التدريجي لعدد الإصابات حتى بلغ في الأيام الأخيرة أقل من 200 إصابة في 24 ساعة، ما سمح باستقرار الوضعية الوبائية لأسابيع.
وفي إجابته عن تساؤل البعض عن سبب بقاء العدد مستقرا وعدم نزوله الى أقل من ذلك، حيث بقي متأرجحا بين 200 و100 إصابة، قال كتفي إن المنحنى التنازلي ورغم التراجع الكبير لعدد المصابين بكوفيد-19 لا يعني أبدا القضاء على الوباء بصفة كلية، فالفيروس مازال موجودا ومتأهبا لأي حالة انفتاح غير محسوبة العواقب يتخلى فيها المواطن عن الإجراءات الوقائية والتباعد الاجتماعي ليعود منحنى الإصابات الى التصاعد.
وهنا أصر البروفيسور على ضرورة التحسيس الدائم للمواطن بأهمية الالتزام التام بإجراءات الوقاية، خاصة التباعد الاجتماعي وارتداء القناع الواقي، لأن غيابهما سيعيدنا الى نقطة الصفر، فالملاحظ أنه غالبا ما يتخلى عنها في حالة استقرار الوضعية الوبائية، لذلك يلعب الإعلام دورا مهما ومحوريا في توعيته وتحسيسه بالعلاقة العكسية بين الإجراءات الوقائية ومنحنى عدد الإصابات، فعند الالتزام بها يتنازل المنحنى وعند التخلي عنها يعود المنحنى الى التصاعد.
فعالية على المدى الطويل
لدى تطرق البروفيسور كتفي إلى اللقاح، أكد على عدم ظهور فعاليته على المدى القريب، محذرا في الوقت نفسه من الوقوع في هذا الخطأ. فلا يجب الاعتقاد ان السيطرة على الوباء ستكون كلية، لأن نتائج عملية التلقيح تظهر عندما يلقح ملايين الأشخاص، أي في حالة تلقيح نسبة كبيرة من المواطنين، فعندما نصل الى تلقيح ما بين 50 الى 70 بالمائة، نستطيع القول إن الجزائر سيطرت على الوباء. وبحسب المعطيات الحالية تصل فعالية اللقاح إلى نسبة تتراوح بين 70 و90 بالمائة (حسب نوع اللقاح)، ويرى أن عملية التلقيح تجري في ظروف عادية ومنظمة، متمنيا في هذا الصدد بلوغ النسبة المرجوة من الأشخاص الملقحين مع نهاية 2021، فعند بلوغ هذه النسبة فقط نستطيع القول بفعالية اللقاح في اكتساب مناعة القطيع.