دعا السفير المستشار بوزارة الشؤون الخارجية صالح بوشة، إلى طيّ صفحة 32 سنة من تواجد الاتحاد المغاربي، والتوجه إلى بناء صرح اقتصادي تجاري ومالي تندمج فيه رخصة المرور جواز السفر... وهذا يتطلب تجاوز العقبات وتوفر نفس الإرادة لمختلف الأقطار المغاربية.
أبرز السفير المستشار بوشة لدى تدخله، أمس، في منتدى «الشعب»، الذي خصص لذكرى تأسيس اتحاد المغرب العربي، مختلف المعوقات والخلافات التي حالت دون بناء اتحاد قوي مفعل، كاشفا عن نسبة التبادل التجاري المغاربي التي لا تتجاوز 2٪، وهي بذلك تمثل النسبة الأضعف مقارنة بتكتلات إقليمية أخرى.
بالرغم من العراقيل والاختلافات التي كانت تظهر من حين لآخر طيلة 3 عقود من تأسيس هذا الصرح، الذي بدأ في التآكل بفعل عوامل داخلية وخارجية، ذكر بوشة بموقف الجزائر المبني على فكرة التمسك بهذا الاختيار المغاربي، مشيرا إلى زأنه اشتغل في العمل المغاربي لمدة 20 سنة وهو مدرك للخبايا وعارف بكل التطورات والتعثرات التي عرفها الاتحاد.
قدم المستشار السفير، بعض الأرقام والمؤشرات على المستوى الاستراتيجي، حيث قال إن الجزائر هي الدولة الوحيدة التي تمتلك حدودا مع الدول المغاربية الأربع، «وهي أهم شيء لأمننا واستقرارنا ومستقبلنا».
على الصعيد السياسي قال المتحدث، إنه بالرغم من الأزمة التي مرت بها الجزائر في التسعينيات من القرن الماضي، تمسكت الجزائر برئاسة الاتحاد على مدار 9 سنوات، مشيرا إلى مساعي بلادنا لإعادة تفعيل هذا الفضاء، لكنها باءت بالفشل، وذكر في هذا المقام أن كلفة الاتحاد ماديا وسياسيا كبيرة جدا.
وعرج بوشة في مداخلته بالحديث عن التاريخ الحقيقي لإنجاز الصرح المغاربي منذ 32 سنة، قال إن هناك ظروفا خاصة أدت إلى إنشائه، حيث كان آنذاك وضع صعب في المنطقة كلها، تركت المشروع يبقى في منظار قطري لظروف تخص كل دولة آنذاك، واعتبر أن هذا أمر طبيعي، لأن كل كيان ينشأ جهويا أو إقيلميا إلا وتكون هناك حسابات إقليمية، قطرية وسياسية وراء هذا المشروع.
رفض الحسابات الظرفية
أكد بوشة أن الجزائر حاولت، منذ إنشاء الاتحاد المغاربي بداية من الإعلان السياسي المؤسس له بزرالدة، أي قبل اتفاقية مراكش، أن «لا نكون ظرفيين في الحسابات»، على اعتبار أن بلادنا هي الدولة الأكبر جغرافيا وديموغرافيا، وبالرغم من ذلك تركت رئاسة الأمانة العامة والأمين العام «بكل روح رياضية»، مشيرا إلى أنه تمت المصادقة على أكثر من 33 اتفاقية في إطار المغرب العربي، فيما صادقت تونس لوحدها على أكبر عدد من الاتفاقيات.
ذكر المتحدث، أنه قبل إنشاء الاتحاد أو خلاله، كان لدينا 10 شركات مختلطة 4 في تونس، 3 في ليبيا، 3 في موريتانيا و2 في المغرب، وهذا قبل التطورات التي عرفتها الدول والمنطقة فيما بعد، وكانت مقرات هذه الشركات في معظمها خارج الجزائر.
وأشار في سياق متصل، إلى مشاريع الطرق التي أنجزت في الإطار المغاربي، منها الطريق السيار الذي توقف على بعد كيلومترات من المغرب، ونفس الشيء مع تونس وموريتانيا وليبيا، مفيدا أنه يوجد حاليا سعي للاتفاق مع الدول الشقيقة لتعبيد الطرق التي يمكن أن تغذي اقتصادا مغاربيا متكاملا.
وتحدث في سياق متصل، عن وجود مشاريع في موضوع الغاز، أحدهما مشروع جزائري مغاربي إسباني برتغالي، ومشروع جزائري تونسي إيطالي، كلها مشاريع تنموية تساعد اقتصاديات الدول المغاربية، «نهدف من خلالها إلى تأسيس روابط اقتصادية متينة». ولفت في هذا الصدد، أن الجزائر يوجد بها أكبر جالية مغاربية تعد بعشرات الآلاف، سواء عن طريق السوق المفتوح، أو عقود عمل أو طلاب وباحثين جامعيين.