إنشاء مجلس أعلى للتربية أصبح ضروري
نفى رئيس الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين صادق دزيري تطبيق بطاقية التقييم في بكالوريا 2021، مؤكدا أن كل ما يتداول حول هذا الموضوع مجرّد أخبار تتناقلها مواقع التواصل الاجتماعي، كاشفا أن مشروع اصلاح البكالوريا مطروح على الحكومة، لكن لم يتم الفصل فيه بعد، فيما أشار رئيس فيدرالية أولياء التلاميذ علي بن زينة إلى ضرورة إصلاح المنظومة التربوية، ابتداء من الهياكل ووصولا إلى المناهج الدراسية، مشددا على وجوب إنشاء مجلس أعلى للتربية يرسم السياسة العامة للتربية في الجزائر.
أكد صادق دزيري، عند نزوله ضيفا على «الشعب»، ان اعتماد بطاقة تقييم خاصة لاحتساب معدل شهادة البكالوريا هي مجرد شائعات تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تم تناولها بشكل كبير رغم أنها غير رسمية، ولعلّ تناول بعض الصحف لها زاد من اتساع رقعة انتشارها.
مواد الهوّية لا نقاش فيها
في هذا السياق، كشف صادق دزيري وجود هذا الاقتراح على طاولة الوزارة من خلال تقييم بعض المواد في السنة الثانية ثانوي، فيما لا يجرى في بعض المواد الأخرى امتحان البكالوريا بحيث يتم احتساب تقييم المادة في شهادة البكالوريا، وأشار الى أن الهدف من البطاقة التقييمية المحافظة على انضباط التلاميذ وتقليل الامتحانات في شهادة البكالوريا.
ولاحظ ضيف «الشعب ان بعض تلاميذ الأقسام النهائية يتغيّبون عن أقسامهم النظامية منذ شهر جانفي من السنة الدراسية، للالتحاق بمدارس الدعم الخاصة بغية التحضير لامتحان شهادة البكالوريا آخر السنة، وهوالسبب الذي يجعل بعضهم ينالون الشهادة بمعدل 14 من 20، بينما نجد في كشف نقاطهم لآخر السنة ملاحظة «يوّجه الى الحياة العملية»، ما اعتبره تناقضا صارخا يجب القضاء عليه بجعل التلميذ يلتزم وينضبط بالحضور اليومي في الثانوية.
في ذات السياق، أوضح دزيري إن من بين المقترحات أيضا لإصلاح البكالوريا تقليص عدد أيام الامتحانات من خمسة الى ثلاثة أيام أو ثلاثة أيام ونصف، خاصة إذا علمنا أن عدد من الوزارات تبقى طوال تلك المدة في حالة تجنيد كامل كوزارة التربية والتعليم، وزارة الداخلية والجماعات المحلية والصّحة، كل تلك القطاعات تبقى في حالة تأهّب طوال خمسة أيام كاملة، بالإضافة الى المبالغ المالية الكبيرة التي تصرف في هذا المجال.
أشار دزيري الى وجود إمكانية الوصول الى إجراء هذا الامتحان في ثلاثة أيام لكنه مشروع لم يستدع الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين الى حد الآن لمناقشته، بل هوغير مطروح وما تداولته صفحات مواقع التواصل الاجتماعي حول تطبيقه في بكالوريا 2021 غير ممكن في الواقع، فقبل الموافقة عليه لا بد من مروره أولا على الشركاء الاجتماعيين، أما ثانيا يجب أن يمرّ على الحكومة حتى يصدر قرار في هذا الشأن، كاشفا أن ملف إصلاح البكالوريا موجود وقدم مرّتين للحكومة، لكن لم يُفصل فيه بعد.
في هذا الصدد، قال دزيري إن نجاح الرقمنة في قطاع التربية والتعليم سيوّفر الكثير من الإجراءات، فممكن التخلي عن طبع أوراق الامتحانات في البكالوريا قبل تاريخ اجرائها، عن طريق ربط مراكز الامتحان بالقمر الصناعي الجزائري، لأنه سيسمح بسحب أوراق الاختبار في نفس يوم الامتحان، مع الأخذ بعين الاعتبار تخصيصها بنسبة تدفق عالية مقارنة بالمتوفرة الآن.
أكد صادق دزيري تمسك مختلف الشركاء الاجتماعيين والهيئات المعنية ببقاء مواد الهوّية: التاريخ والتربية الإسلامية أوالشريعة في امتحان البكالوريا، مذكرا بالمشكل الذي حدث في عهد وزيرة التربية السابقة، حيث عرفت هاتان المادتان تحاملا كبيرا بل مورست ضغوطات كبيرة لحذفها من البكالوريا، لكنها وجدت مقاومة وتصديا ورفضا وإصرارا على بقاء مواد الهوّية في الامتحان.
مجلس أعلى للتربية.. أهم الاصلاحات
أرجع رئيس المنظمة الوطنية لأولياء التلاميذ علي بن زينة سبب التدهور الذي تعرفه المدرسة الجزائرية عند نزوله ضيفا على «الشعب» الى عدة أسباب، من بينها أطراف لا تقوم بالدور المنوط بها، فوزارة التربية والتعليم مثلا لم تستشر كل الهيئات والشركاء الاجتماعيين في الإصلاح الذي عرفته المنظومة التربوية سابقا، بالرغم من أن الهدف الأساسي للإصلاح هو إنتاج المدرسة لفرد مسؤول وايجابي في المجتمع الجزائري.
في هذا السياق، أكد بن زينة ان الوزارة الوصية ليست الوحيدة المكلفة بهذه المهمة ولا يمكنها القيام بها وحدها، فمثلا يمكن إشراك وزارة الصّحة في هذا الإصلاح من خلال إعطائها دروس نموذجية وتعليمية تتدرج من السنة أولى الى ثالثة ثانوي يمكنها منح التلميذ على مدى سنوات تمدرسه ثقافة صحية سليمة، كأن تخصص دروس حول أهمية اللقاح تعطي المتمدرس المعلومات الكافية حوله وهوما سيمنع الجدل الذي نعيشه اليوم بسبب لقاح كورونا، ونفس الشيء بالنسبة لوزارة الثقافة والمجاهدين والشباب والرياضة.
أشار بن زينة الى أن إشراك جميع الأطراف المعنية بالمنظومة التربوية سيحلّ مشاكل الجميع سواء كانوا تلاميذ، أولياء أو معلمين أو إطارات، كل المشاكل التي يتخبط فيها القطاع اليوم، خاصة تلك المثيرة للجدل كالبرامج الدراسية التي تحوّلت الى عبء ثقيل على التلميذ في الطور الابتدائي، حيث كان من الأولى التركيز على المواد الأساسية العربية، الرياضيات والفرنسية حتى يستطيع التلميذ اكتساب قاعدة قوّية تمكنه من مواصلة دراسته في الاطوار التالية بأريحية، منبها الى ضرورة التخفيف من كثافة الدروس التي تحتوي في بعض الأحيان معلومات لا تتناسب والقدرات المعرفية للتلميذ.
اعتبر بن زينة الإصلاح الجذري لهيكلة المنظومة التربوية خطوة مهمة إذا أردنا تحقيق المبتغى من وضع البرامج التعليمية، مؤكدا أنها خطوة ضرورية قبل الانتقال الى إصلاح المناهج والبرامج التربوية، ولن يتأتى ذلك إلا بإنشاء مجلس أعلى للتربية يُكلّف برسم وتسطير السياسة التربوية في الجزائر، حتى لا يبقى القطاع مرهونا بتغيير في كل مرّة يأتي فيها وزير جديد.
في الوقت نفسه، قال بن زينة ان الشريك الاجتماعي ينقل في كل مرّة انشغالات الأولياء للوزارة الوصية، لكن سلطة اتخاذ القرار ليست في يد الفيدرالية أوالنقابة لذلك فالحل موجود بين يدي الوزارة، وعليها أخذ انشغالاتهم بعين الاعتبار لأن الجميع موجود من أجل مستقبل دراسي ناجح للتلميذ.
رفض رئيس المنظمة الوطنية لأولياء التلاميذ احتساب بطاقة التقييم في امتحان شهادة البكالوريا، لأن الانضباط لا يشكل عاملا مهما في معدل الشهادة، كاشفا أن الوزير السابق اتخذ قرار سحب استدعاء شهادة البكالوريا من الثانوية لمنع تغيّب التلاميذ عن مقاعد الدراسة، لكن ألغي ويتم استخراجه من المنصة الالكترونية، فارتباط بطاقة التقييم بالكثير من الاستثناءات كإعادة السنة، جعل تطبيقها مشكلا حقيقيا بالنسبة للأولياء.