دعا صادق دزيري، رئيس الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين «أنباف»، إلى ضرورة إجراء تغييرات لرؤساء المصالح والمكاتب مع تخصيص تحفيزات لاستقطاب الكفاءات، وكذا ايلاء عناية كاملة لجانب التكوين القبلي والبعدي للأساتذة للرفع من مستوى التعليم، كما أجاب عن عدة تساؤلات منها ما تعلق بالمقرر الدراسي.
قال دزيري إن المقرر الدراسي عبارة عن بناء هرمي خاصة في كثير من المواد، الشيء الذي لا يدرسه التلميذ يكون عقبة أمامه في العام المقبل. حتى العام الماضي، لما أنهيت السنة الدراسية قبل موعدها المحدّد، لم يدرّس ثلاثي كامل ما يمثل 30 بالمائة تقريبا من المقرّر، منه ما يستطيع الأستاذ أن يعالجه، خلال السنة الدراسية الجديدة، خاصة الرياضيات يمكن أن يستعمل محورا معينا كمدخل للدروس الجديدة، قصد أحداث التسلسل بين الدروس والمعلومات، لكن عندما لا يدرس المحور أو المحاور لهذه المادة التي من خصائصها الترابط بين المعلومات، ينجر عنه نقصا في التعلمات فيما يخصّ الملمح المطلوب بالنسبة للتلميذ.
40 ٪ من الأساتذة لم يتلقوا تكوينا كافيا
أوضح دزيري أن استكمال البرنامج يتطلب إما التكييف البيداغوجي، الذي وصفه بـ «الصعب»، لأنه تدخل فيه بيداغوجيات كثيرة، ويقع على عاتق المديرية العامة البيداغوجية في الوزارة، إذ تعطي التعليمات للمفتشين حتى يراقبوا الأساتذة، وقد تم العمل بذلك في سنوات سابقة حين كانت الأحوال الجوّية سببا في توّقف الدراسة لمدة شهر أو يزيد عن ذلك.
أشار إلى أن الطريقة تحتاج إلى مهارات لا تتوفر لدى كل الأساتذة، وهذا ما يجعل التكوين هو الأساس، مفيدا في هذا السياق أن حوالي 40 ٪ من الأساتذة الذين يدرسون حاليا لم يتلقوا تكوينا قبليا كافيا، أي أنهم وظفوا عن طريق المسابقات، ولم يخضعوا لتكوين متخصص.
وفيما يتعلق بالتكوين، فإن دزيري يعتبره كالظل بالنسبة للأساتذة، مفيدا أن هناك تكوين قبلي أساسي الذي يسبق التوظيف بالمعاهد التكنولوجية التي أغلقت، أو بالمدارس العليا للأساتذة، غير أن خريجي هذه الأخيرة لا يغطون الاحتياج.
كما أشار إلى أن هناك في بعض المواد فائض نظرا لغياب الاستشراف، فصار خريجيها في بطالة، وعددهم يقارب 3000 أستاذ، الذين يفترض أن يكونوا في المؤسسات التربوية، بموجب عقد رسمي مع وزارة التربية الوطنية لتوظيفهم، وهو إشكال من الإشكالات المطروحة حاليا، «لأن التعليم رسالة وليست وظيفة».
أضاف دزيري إن وزارة التربية لجأت إلى الاختصاصات الأخرى التي لا يوجد فيها فائض في قوائم الاحتياط، مشيرا أنه منذ 7 سنوات أصبح التوظيف من خريجي الجامعات دون تكوين قبلي في البيداغوجيا، وفي التشريع المدرسي وفي علم النفس التربوي، حتى يستطيع الأستاذ التعامل مع التلميذ في جميع الأطوار التعليمية.
كما أن الساعات المخصّصة للتكوين قبل الوظيفة والمقدرة بـ 400 ساعة غير كافية تماما في الميدان، وبالنسبة للتكوين الثاني أي المستمر بعد ممارسة الوظيفة، «لا بد أن يكون مستمرا»، واعتبر المتحدث أن حتى مرافقة المكوّن والمفتش في الميدانكذلك غير كافية، ما جعل المستوى غير مقبول، ما يصنع – بحسبه – الفراق بين أساتذة الأمس واليوم.
يطرح دزيري إشكالية انعدام الميزانيات الخاصة بالتكوين البعدي للأساتذة، ما يجعل المخططات المبرمجة من قبل المفتشين لا يمكن تطبيقها لغياب السند المالي، ويتطلب إعادة النظر ورصد أموال خاصة بهذا الجانب، مؤكدا ضرورة التكوين لتحسين مستوى الأساتذة من جانب التأطير والتلاميذ من حيث التعلم.
كما أبرز المتحدث أهمية أخلاقيات المهنة التي ليست بالنسبة له مجرد مواد ولا شعارات، بل تشبّع بالمبادئ و الثوابت الوطنية، والواجب المهني، والرسالة التي يقدمها للأجيال المتعاقبة، لكنه لا يعتبر ان ما يتعرض له التلاميذ في بعض الأحيان من عنف لفظي وجسدي نتاج انعدام هذه الأخلاقيات، بالرغم من تسجيل حالات من هذا العنف.
تغيير رؤساء المصالح والمكاتب ضرورة
في سياق آخر، وفيما يتعلق بالتغيير الأخير الذي شمل مديري التربية في 34 ولاية، قال دزيري إنه كان متوقعا، بل ضروري، لكن الأهم بالنسبة له أن يعطي هذا التغيير نتيجة أوالمردود الذي نريد.
والتغيير لا بد أن يشمل كذلك رؤساء المصالح ورؤساء المكاتب، الذين تم تعيين معظمهم عن طريق تكليفات، ولا يتوّفر فيهم شروطا أوما يسمى بقانون الإطار، ما أدى الى «كوارث في التسيير التي نراها حاليا»، والجانب «الخفّي»، بحسب تعبيره، يتمثل في غياب التحفيزات التي تستقطب الكفاءات، وتقضي على الرداءة والانتهازية.