دورها لا يتعارض مع الأحزاب

انفتاح السلطة على جمعيات المجتمع المدني مكسب هام

سارة بوسنة

ارتفعت حظوظ المجتمع المدني في الساحة الوطنية، خاصة بعدما أعطى مشروع قانون الانتخابات حيزا هاما للحركة الجمعوية من خلال ‘’قوائم الأحرار المشاركة في العملية الانتخابية وصناعة القرار في المجالس المنتخبة، ما يطرح تساؤلات حول تأثير هذه الخطوة على الأحزاب السياسية، وإن كانت هذه الخطوة ستجعل المجتمع المدني يحل محل الأحزاب السياسية، خاصة وان العديد من الجزائريين فقدوا الثقة في معظم التشكيلات الحزبية.
يرى أستاذ العلوم السياسية احمد وادي، ان المجتمع المدني قد برز مؤخرا أكثر من الأحزاب السياسية، خاصة من ناحية التكافل الاجتماعي وظهر بأنه قريب من المجتمع، خلافا للأحزاب السياسية، وقد يكون سببا لإقحامهم في عملية صنع القرار وتسيير المجالس المنتخبة إذا ما توفرت الشروط والآليات لذلك.
وبالرغم من دعوات إشراك منظمات المجتمع المدني في العملية الانتخابية من خلال الديمقراطية التشاركية، إلا ان غياب الميكانيزمات والآليات بحسب وادي سيعرقل حتما هذا المسعى.
ويرى أستاذ العلوم السياسية في أن تنامي دور المجتمع المدني لن يؤثر على الأحزاب ولن يحد من هيمنتهم على العملية السياسية، مؤكدا ان جمعيات المجتمع المدني اذا ما قامت بهيكلة نفسها من خلال التأطير والتكوين ستنافس حتما الأحزاب وتحصد العديد من المقاعد والأصوات في الاستحقاقات القادمة.
لكن مثل هذا الخيار، بحسب وادي، يجدد مخاوف جدية من احتواء السلطة لقوى وفعاليات المجتمع المدني وتحييدها عن دورها التفاعلي والرقابي واستخدامها في مشروع سياسي وخلق شبكة من جمعيات التي لا عمل لها سوى الريع المالي.
وأضاف وادي، “من الجيد أن يتهيكل المجتمع في منظمات ويكون له الدور الفعال في تنمية الحس المجتمعي لدى المواطنين والشباب إزاء مختلف القضايا المحلية أو الوطنية وحتى الدولية، لكن ذلك لا يعني تحويل الجمعيات إلى لجان مساندة تُبتز بالتمويل والامتيازات، وتشكيل ما يشبه اللجان الشعبية يتم من خلالها تغيير قواعد اللعبة الديمقراطية، فننتقل من ديمقراطية الواجهة التي كنا فيها إلى ديمقراطية اللجان الشعبية’’.
وأوضح المتحدث، أن فرض ثلث القوائم لمن تقل أعمارهم عن 35 سنة، سيسهم حتما في إشراك هذه الفئة في عملية صنع القرار، من خلال المجالس المنتخبة. وبالتالي من المهم وجود إطار قانوني يلائم الشباب ويعزز مشاركتهم السياسية بشكل فاعل وحقيقي.
من جانبه يرى أستاذ القانون الدستوري رشيد لوراري، ان جمعيات المجتمع المدنية يمكن ان تحل محل الأحزاب السياسة، غير انها تستطيع من خلال الديمقراطية التشاركية المساهمة في الفعل السياسي، غير انه لا يرى فيها بديلا للديمقراطية الانتخابية التمثيلية وهي عامل من العوامل التي تكمل وتضمن مشاركة مختلف فئات المجتمع في دراسة المشاكل الموجودة ونقلها وكذا المشاركة في إيجاد الحلول لها، وبالتالي فلا يمكن لفواعل المجتمع المدني التي يحكمها نص موجود في قانون الجمعيات ان تحل محل الأحزاب.
وعبر لوراري عن خشيته من أن “يتم تحويل هذه الترسانة الفتية من فعاليات المجتمع المدني، إلى كيان تمارس من خلالها بعض الأطراف كواجهة شعبية تحل محل الأحزاب، لتحيد بذلك عن دورها الرئيسي المجتمعي، فنخسر بذلك الأحزاب والجمعيات معا’’.
وأضاف المتحدث، “في الكثير من الأحيان وفي الفترات السابقة، تم استغلال جمعيات المجتمع المدني للتجنيد والتعبئة بغرض تمرير بعض القرارات، حيث استغلت بطريقة غير قانونية في هذا المجال، لان الظرف، بحسب لوراري، كان يفرض ذلك نظرا لمشكلة الشرعية التي كانت مطروحة في ذلك الوقت”.
وعليه، فإن المجتمع المدني، بحسب لوراري، يبقى مجتمعا مدنيا في إطار المهام والصلاحيات المخولة له قانونيا والاحزاب السياسية تبقى كمدارس للتثقيف والتكوين والتأطير والسعي للوصول الى السلطة وصناعة القرار.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024