«ماذا تنتظر المرأة من الرئيس القادم؟»، سؤال طرحته «الشعب» على بعض النساء اللواتي يكافحنّ كل يوم من اجل تحقيق وجودهن، نساء اجبرتهنّ الظروف على الخروج الى العمل بسبب غياب المعيل وتخلي العائلة عنهنّ، هن يمثلنّ فئة كبيرة من هذا المجتمع تعيش على الهامش، جمعنا هذه الآراء ليعرف الرئيس الجديد ان المرأة ليست فقط صوتا بل كيان له أمال وتطلعات.
سد الثغرات في قانون الأسرة
«ماريا» لم يتجاوز عمرها 25 سنة، تعمل كمنظفة في احدى المؤسسات الخاصة، مطلقة وام لطفلين تخلت عنها العائلة بعد ترك زوجها لها، سألتها «الشعب» عما تنتظره من الرئيس القادم فأجابت: «لا اريد من الرئيس القادم سوى حفظ كرامتي حتى لا أكون وإبناي فريسة سهلة لمن تسول له نفسه الاعتداء على حقنا في حياة شريفة، اتمنى من الرئيس القادم ألا يترك ثغرات في قانون الأسرة حتى لا يتلاعب أمثال زوجي به واصبحت ومثيلاتي مجبرات على البقاء في الشارع دون رحمة ولا شفقة، اريد من الرئيس الجديد ان يضمن لأبنائي الحق في الدراسة والتعلم بعيدا عن النظرة الدونية لهما لأن امهما تعمل «فام دو ميناج» مقابل مبلغ زهيد لا يتجاوز 8000 دج، اريد منه ان يمنح الأم المطلقة مبلغا شهريا ليساعدها على تجاوز أعباء الحياة مثلما فعلوا مع الأم العازبة».
أضافت «ماريا» قائلة: «تكون المرأة دائما محل اهتمام المترشحين، لكن وعودهم غالبا ما تبقى حبيسة الأوراق التي كتبت عليها، فبمجرد إعلان النتائج الانتخابية تعود الأمور إلى عادتها ولولا الاتفاقيات الدولية لما استطاعت المرأة تحقيق تلك المكاسب التي منحتها نقلة نوعية فيما يخص المساواة في الحقوق، لكن غالبا ما يجد الرجل ثغرات قانونية تكون السبب في كوارث اجتماعية على المرأة والأبناء خصوصا، لذلك على الرئيس الجديد ان يكون مسؤولا امامها وامام الشعب الجزائري من خلال تنفيذ الوعود الانتخابية التي كانت وراء فوزه برئاسة الجمهورية».
كهينة -ح، طردت من العمل بسبب حادثة تحرّش تعرضت لها من أحد زملائها أثناء مناوبة ليلية، سألتها «الشعب»، عما تنتظره من رئيسها الجديد فأجابت:
«أريد من رئيسي الجديد أن ينصف المرأة ولا يتركها مجرد عنوان حملة انتخابية أو شعار سياسي مستهلك، عندما وجدت نفسي ضحية تحرّش كاد يُقضى على حياتي كامرأة توجهت الى المصالح المعنية لرفع شكوى ولكن الثغرات القانونية وصعوبة اثبات الواقعة حولتني من ضحية الى جانية لأنني حاولت تشويه سمعة ذاك الرجل الذي ما زال يمارس مهنته بصفة عادية، أما أنا فطردت من وظيفتي بعد احالتي على المجلس التأديبي بل اكثر من ذلك اتهمني الرجل امامه انني من حاولت التحرش به وأن ما فعله سوى كان ردة فعل فقط».
واضافت كهينة قائلة: «تلك الحادثة جعلتني أتأكد أننا كمجتمع ما نزال بعيدين جدا عن تحقيق المساواة وعن النظر الى المرأة ككفاءة لا ككائن وجد لتسلية الرجل، هذا بالضبط ما انتظره من الرئيس الجديد وبل عليه إعطاء المجال القانوني اهتمام أكبر لتفادي التلاعبات التي تحرم المرأة حقها في كثير من الأحيان».
شجاعة لمجابهة العادات البالية
نعيمة دويلم، معلمة، قالت عما تنتظره من الرئيس القادم لـ»الشعب»:» رغم كل المكتسبات التي حققتها المرأة في السنوات الأخيرة، الا انها ما زالت تعاني من التهميش الاجتماعي بسبب النظرة الدونية لها، نظرة حصرتها في مهام معينة تحتاج الى الكثير من الشجاعة لتجاوزها، لذلك نجد المرأة اليوم في 2019، ما تزال تحرم من الميراث وتطرد الى الشارع ما يضطرها لأن تبقى محل ابتزاز واستغلال من شبكات الدعارة والمخدرات، الحقيقة اننا بحاجة الى رئيس شجاع يستطيع تجاوز العادات
والتقاليد التي تسجن المرأة في قفص جدرانه تعود الى قرون طويلة، المرأة بحاجة الى رئيس يضع القانون لحماية المرأة لا لفتح ثغرات جديدة تزيد من قوة استبداد الرجل المتهرب من مسئولياته اتجاهها سواء كانت اما،اختا او زوجه».
استطردت نعيمة قائلة: «الرئيس الجديد عليه أن يعطي المرأة صورة حقيقية عن دورها في المجتمع وفي التنمية الاقتصادية للبلاد، خاصة تلك المرأة المتواجدة في الأرياف اين ما زالت الفتاة في سن الـ15 سنة تزوج دون رغبة منها، ما زالت المرأة مجبرة على التخلي عن حصتها من الميراث لصالح اخيها فقط حتى لا يستفيد زوجها (الغريب) منه رغم ان الشرع والقانون يمنع ذلك. الرئيس الجديد يجب ان يكون على قدر الوعود التي يقدمها ولا يجعلها مجرد شعارات سياسية، فمثلا وعد بعض من المترشحين الخمسة للانتخابات الرئاسية برفع عطلة الامومة وهو ما تمنته النساء العاملات لسنوات طويلة، لكنه ربما سيصطدم هذا الوعد بأرباب العمل و المؤسسات التي ما تزال الى اليوم تتحرّج من توظيف المرأة المتزوجة فقط لتتفادى العطل المرضية فهل سيستطيع ذلك ربما نعم و ربما لا».
القضاء على ظاهرة الحرقة
خديجة سويلم، سيدة تجاوز عمرها العقد السادس، كان لها رأي فيما تريده من الرئيس الجديد حيث قالت:
«يجب أن يشعر الرئيس الجديد بالأم التي تبكي ابنها الحراق، فلذة كبدها الذي خرج خفية في الليل ليذهب الى الضفة الأخرى على متن «البوطي» تاركا وراءه كل عائلته دون اخبارها، على الرئيس الجديد ان يعي انه من سيوقف ظاهرة الحرقة بالعدل والقضاء على البطالة، بالمشاريع الاقتصادية التي تفتح ابوابا للشباب العاطل عن العمل، قال احد المترشحين انه سيرفع صفة الإجرام عن الحرقة وهذا امر جيد لأن ابناءنا يركبون «البوطي» من اجل حياة افضل لم تتوفر في بلادهم بسبب الظلم واختلال موازين العدالة».
استطردت خديجة قائلة: «أنا سأؤدي واجبي الانتخابي لأنني اعلم انه الحل الوحيد لإخراج الجزائر مما تعيشه، لذلك وفي المقابل على الرئيس القادم أن يعي الدور المنوط به في إعطاء المجتمع خاصة المرأة والشباب الآليات للعيش بشرف».