غدا ستفتح مراكز الاقتراع لاستقبال الناخبين الراغبين في اختيار رئيس الجمهورية الجديدة، غدا ستبدأ الجزائر في رسم أفق بعيد لدولة كبيرة بشعبها الذي رفض أن يكون لعبة في يد من يبحث عن استعمار الجزائر بنسخة مستحدثة ومتطوّرة لا تتطلب تحرّك الجيوش أو استعمال الأسلحة الثقيلة بل قمر صناعي وهاتف ذكي كافيان لصنع المستحيل.
غدا سيتوجه أولئك الذين يرون في الانتخابات وسيلة للتعبير وصناعة المستقبل بعيدا عن إقصاء الآخر حتى وإن كان مختلفا عنهم اختلافا جوهريا، غدا سيخصّص التاريخ صفحة بيضاء من كتابه ليكتب الجزائري خطواته الأولى نحو جزائر متصالحة مع نفسها وتنوعها بعيدا عن أية أحكام مسبقة لتخوين هذا أو ذاك.
غدا ستعبر الشريحة الصامتة من الناخبين عن رأيهم في سلمية وحضارية حتى يفرز الصندوق حكمه النهائي في تحديد أي كفة غلبت هل هي تلك التي ترى في الانتخابات وسيلة لتجاوز المنعرج الخطير الذي تمر به الجزائر أم هي الفئة التي ترى في حلول أخرى الوسيلة لبلوغ الغاية،. غدا سيحاسب الشعب المرشحين الخمسة من خلال صوته الانتخابي الذي سيحدّد هوية رئيسه الجديد دون أي انتقاص من شجاعة الأربعة الآخرين لأنهم تحملوا عبئ الترشح في ظروف سياسية خاصة جدا.
غدا يتعلم أبناؤنا المعنى الحقيقي للديمقراطية في أهم دروسها وهو قبول الآخر وحريته في التعبير عن نفسه وإن كان مختلفا،غدا سيكون 12 ديسمبر بصمة خالدة في تاريخ الجزائر التي عانت الأمرين بسبب مطامع خارجية في ثرواتها وموقعها الجغرافي الاستراتيجي، غدا سيكون يوما خارج معالم معادلة الإقصاء لأن العناد غالبا ما يكون سببا مقنعا وقويا لكسر الشعوب وانهزامها.
غدا سيجلس من ذهب للإدلاء بصوته وذاك الذي بقي في بيته معا ليتحدثا عن جزائر الغد دون عنف أو شجار أو غضب لأنهما وإن اختلفا فحب الجزائر يجمعهما، وقد كان الحب دائما دعامة البناء والتشييد أما الكراهية فهي سبب الهدم والانكسار، فقط عندما نعي أن الاعتداء على صحفية أثناء تأديتها مهمة عمل في تغطية العملية الانتخابية في المهجر هو عنف غير مبرر و غير مقبول وطريقة خاطئة للتعبير عن رأي نستطيع أن ندافع عنه بحجة العقل والمنطق، فقط عندما نتوقف عن وصف الآخر بـ«الكاشير» وتخوينه لأنه انتخب عندها فقط نستطيع أن نتحدث عن اختلاف خلاق وملهم.
