«بين وبين»

امرأة، عنـف وتـربيـة

فتيحة كلواز

 رغم كل تلك الخطوات العملاقة التي خطاها المشرع الجزائري للحدّ من ظاهرة العنف ضد المرأة، إلا أنها لم تستطع بلوغ الأهداف المرجوة من وضع القوانين أو تشريعها، خلل كبير تشعر به المرأة عندما تجد نفسها بين فكي المجتمع، خاصة وأنها مرهونة بالمحيط الذي تعيش داخله بل هي سجينة معتقداته وقناعاته، فإن أرادت عكس ما يريده كان واجبا عليها الانتقال إلى منطقة أخرى لتتمكّن من تحقيقه بصفة خاصة إذا كانت مطلقة أو أرملة ولنا في تلك الحالات التي نعيشها ونلامسها في حياتنا اليومية خير دليل على ذلك.
القوانين غير كافية إذا لتغيير الذهنيات لأننا بالردع
والترهيب نكون قد أسّسنا لعلاقة جوهرها خوف من عقاب ما يؤدي إلى ممارسة ما يرفضه القانون في الخفاء أو لنقل في سراديب المجتمع المظلمة، لذلك عندما تجتمع الهيئات الرسمية والإعلام والمجتمع المدني للنظر في الطرق الناجعة لمكافحة العنف ضد المرأة، ولإحصاء أرقام الضحايا من النساء لتتسابق مختلف الوسائل الإعلامية لمعرفتها حتى تكون أهم عنوان على صفحاتها الأولى ليمضي يوم الـ25 من نوفمبر ويذهب كل واحد إلى مشاغله اليومية. وتبقى تلك المرأة التي تهان أمام أبنائها أو إخوتها تعاني في صمت وسيكون الانتحار في أغلب الأحيان أفضل الحلول التي تملكها بين يديها للهروب من حياتها البائسة، فلا هي معنية بالقانون الرادع ولا بالاحتفال الرسمي بمعاناتها.
الأمر إذا يتعدى يوم عالمي نحتفل به ويتجاوز قوانين وضعت لاستئصال ظاهرة معينة (إن زدناها شدة ستضرب الأسرة في مقتل)، الحل في معادلة بسيطة مجهولها «س» مستقبل
ومعلومها تربية تكون القاعدة الأساسية لتغيير ذهنية مجتمع، أطفال اليوم هم رجال الغد، هم التربة الخصبة لتكوين جيل يحترم المرأة لذاتها يؤمن دون ضغط أو خوف أنها نصف المجتمع، أنها القوة الناعمة التي تملك الكفاءة لتشارك في بناء المستقبل، يؤمن أنها إنسان تساوي حقوقها حقوق الرجل في امتلاك الفرصة لإثبات الذات في أي مجال تريده.
عندما نتمكن من صناعة هؤلاء الرجال تستطيع المرأة أن تكون «هي» بعيدا عن نقيضي الانكسار أو التمرّد، فتلك المرأة التي قبلت البقاء مع رجل مختل لأن المجتمع يرفض «تخليها» عنه انكسرت وانهزمت وتركت نفسها حتى أصبحت أول من يذبح على يد ذلك المختل من الوريد إلى الوريد، أما تلك التي جعلت من نفسها سلعة تباع وتشترى فلم تجد غير التمرد ليكون صوت صراخها وألمها. التربية أولا ولا سبيل غيرها لتغيير ذهنية مجتمع توارثها لقرون طويلة انحرفت عن تعاليم الإسلام وجعله مطية لظلم المرأة وتجاوز كينونتها.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024