أكّد النّاير قدور الذي يعد من المجاهدين المحكوم عليهم بالإعدام إبّان الثورة التحريرية أنّ مجازر “الطحطاحة” التي اقترفها أعضاء منظّمة الجيش السري الفرنسي منذ 56 سنة، تؤرّخ لإحدى أبشع مجازر الاستعمار في الجزائر التي راح ضحيتها زهاء 100 قتيل ومئات الجرحى.
سجّلنا ذلك على هامش فعاليات الندوة التاريخية المنظمة بمقر جمعية المقاومين وذوي الحقوق بوهران بمناسبة الذكرى 56 لمجزرة “الطحطاحة” بحي المدينة الجديدة الشعبي، المصادفة ليوم 28 فيفري 1962، باعتبارها واحدة من أهم محطات نضال الشعب الجزائري إبان الثورة التحريرية.
في هذا الصّدد، أوضح المجاهد “النّاير” في تصريح لـ “الشعب”، أنّ مدينة وهران كانت في طليعة المدن التي جرت بها المذابح والتفجيرات على غرار تفجير براميل البنزين، بميناء وهران في 25 جوان 1962، وكذا مذبحة “الطحطاحة” الشهيرة التي وبقدر ما كانت نقمة، زادت الشعب الجزائري إيمانا وقوة لانتزاع حرية الوطن من براثن الاحتلال الفرنسي، قائلا: “وما يمكن أن نقوله بمناسبة هذا اليوم المأسوي الذي لا يمحى من ذاكرة الجزائريّين، هو أنّنا نشعر دوما بالفخر والشّموخ حينما ننظر لهذه البقعة البطولية...بقعة الإيمان والإخلاص في تاريخ مدينة وهران...”، مبرزا أنّ تفجيرات “الطحطاحة” هي أوّل جريمة بسيارة مفخّخة في تاريخ الثورة الجزائرية من إمضاء منظمة الجيش السري الفرنسي OAS.
وروى محدّثنا ما وقع بدقّة في يوم الأربعاء 28 فبراير 1962 قبيل ساعات من الإفطار في اليوم 23 من شهر رمضان، حيث كانت ساحة “الطحطاحة” مكتظّة بالسكان لاقتناء مستلزماتهم، قبل سماع ذوي الانفجار بالقرب من متجر بيع الزلابية، حينما وقع انفجاران بواسطة سيارتين مفخّختين، ممّا أدّى إلى سقوط أكثر من 100 ضحية وإصابة المئات بجروح.
وفي سياق متّصل، تحدّث نفس المصدر عن صور بشعة ومؤلمة لموتى تناثرت جثثهم المتفحّمة في كل مكان، بعضها التصق في الجدران، مشيرا في الوقت نفسه إلى مظاهر التضامن والتكافل بين أبناء الوطن الواحد رجالا ونساءً من مختلف الفئات العمرية لمساعدة الجرحى وتغطية الجثث المتفحّمة، وتجميع أشلاء الضّحايا التي تناثرت في كل مكان وبعضها التصق في الجدران.
وقال أيضا إنّه بهذه الجريمة الشّنيعة تكون منظمة الجيش السري قد ارتكبت أحد أبشع اعتداءاتها بمدينة وهران، وتعتبر كآخر فعل ميؤوس منه لمتطرّفين، في محاولتهم لوقف مسار تاريخي لا رجعة فيه أسفر في الأخير عن استرجاع السيادة الوطنية يوم 5 جويلية 1962 بعد تضحيات جسام للشعب الجزائري، أضاف المجاهد الناير.
.. وضع حجر الأساس لمشروع تهيئة وتوسيع ساحة أول نوفمبر 1954 وسط المدينة
كما تجدر الإشارة إلى أنّ الاحتفالات المخلّدة للذّكرى 56 لمجزرة “الطحطاحة”، احتضنها مقر جمعية المقاومين وذوي الحقوق، بتنظيم معارض لصور تاريخية وكتب خاصة بالحدث، وإلقاء محاضرات وشهادات حية من مجاهدين وشهود عيان لهذا الفعل الإجرامي. كما أشرفت السّلطات المدنية والعسكرية على وضع حجر الأساس لمشروع تهيئة وتوسيع ساحة أول نوفمبر 1954 وسط المدينة.