ولد محمد بوضياف أو سي الطيب الوطني وهو اللقب الذي أطلق عليه خلال الثورة الجزائرية، بمنطقة أولاد ماضي من ولاية المسيلة بتاريخ الـ ٢٣ جوان ١٩١٩، وهو أحد رموز الثورة الجزائرية، ورئيس سابق للجزائر.
باشر الفقيد محمد بوضياف تعليمه الابتدائي في مدرسة ''شالون'' بمدينة بوسعادة، ثم اشتغل بمصالح تحصيل الضرائب بمدينة جيجل، وخلال الحرب العالمية الثانية قاتل في صفوف القوات الفرنسية.
انضمّ إلى صفوف حزب الشعب الجزائري، وبعدها أصبح عضوا في المنظمة السرية، وفي أواخر عام ١٩٤٧ كلّف بتكوين خلية تابعة للمنظمة الخاصة في قسنطينة. وفي ١٩٥٠ حوكم غيابيا مرتين وصدر في حقه حكم بـ٨ سنوات سجنا، و زج به السجن في فرنسا مع عدد من رفاقه، وفي عام ١٩٥٣ أصبح عضوا في حركة انتصار الحريات الديمقراطية.
ساهم محمد بوضياف بعد عودته إلى الجزائر في تنظيم اللجنة الثورية للوحدة والعمل التي ترأّسها، وكانت تضم اثنين وعشرين عضوا، وهي التي قامت بتفجير الثورة الجزائرية. وفي ٢٢ أكتوبر ١٩٥٦، كان رفقة كل من أحمد بن بلة ومحمد خيضر والكاتب مصطفى الأشرف، الذين كانوا على متن الطائرة المتوجهة من العاصمة المغربية الرباط إلى تونس، واختطفتهم السلطات الاستعمارية الفرنسية في الجو، علما أنّ الراحل محمد بوضياف عيّن عام ١٩٦١ نائب رئيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية.
وبعد حصول الجزائر على استقلالها في ٥ جويلية ١٩٦٢، انتخب محمد بوضياف في سبتمبر من نفس العام في انتخابات المجلس التأسيسي عن دائرة سطيف، لكن ما لبثت أن حدثت خلافات بين القادة الجزائريين، وكان موقف بوضياف أنّ مهمة جبهة التحرير الوطني قد انتهت بالحصول على الاستقلال، وأنّه يجب فتح المجال أمام التعددية السياسية.
وفي سبتمبر ١٩٦٢، أسس محمد بوضياف حزب الثورة الاشتراكية، وفي جوان ١٩٦٣ تمّ توقيفه وحكم عليه بالاعدام بتهمة التآمر على أمن الدولة، ولكن لم ينفّذ فيه الحكم نظراً لتدخل عدد من الوسطاء ونظراً لسجله الوطني، فتمّ إطلاق سراحه بعد ثلاثة أشهر قضاها في أحد السجون بجنوب الجزائر.
انتقل بعد ذلك إلى باريس وسويسرا، ومنها إلى المغرب، ومنذ عام ١٩٧٢ عاش متنقلا بين فرنسا والمغرب في إطار نشاطه السياسي، إضافة إلى تأسيس مجلة الجريدة.
وفي عام ١٩٧٩، وبعد وفاة الرئيس هواري بومدين، قام بوضياف بحل حزب الثورة الاشتراكية وتفرّغ لأعماله الصناعية، إذ كان يدير مصنعا للآجر بمدينة القنيطرة في المملكة المغربية. وبعد إيقاف المسار الانتخابي في جانفي ١٩٩٢، استدعي إلى الجزائر وأرسل إليه صديقه علي هارون، واقتنع بالعرض ليعود بعد ٢٧ عاما من الغياب عن الساحة الجزائرية.
وعندما نزل بالجزائر صرّح قائلا: ''جئتكم اليوم لإنقاذكم وإنقاذ الجزائر، وأستعد بكل ما أوتيت من قوة وصلاحية أن ألغي الفساد وأحارب الرشوة والمحسوبية وأهلها، وأحقّق العدالة الاجتماعية من خلال مساعدتكم ومساندتكم التي هي سرّ وجودي بينكم اليوم وغايتي التي تمنيّتها دائما''.
وبالموازاة مع ذلك، تمّ تنصيب الفقيد رئيسا للمجلس الأعلى للدولة في ١٦ جانفي ١٩٩٢ لمجابهة الأزمة التي دخلتها البلاد غداة الانقلاب العسكري، الذي أدخل الجزائر في حرب أهلية.
وبينما كان يلقي خطابا بدار الثقافة بمدينة عنابة يوم ٢٩ جوان من نفس العام، رميت عليه قنبلة من قبل أحد حراسه المسمى مبارك بومعرافي، وهو ملازم.
وظلت ملابسات الاغتيال غامضة، وبعد أقل من أسبوع على اغتياله، تشكّلت لجنة تحقيق يوم ٤ جويلية، لكنّها لم تظهر إلاّ في مناسبة واحدة عندما عرضت شريطا يصور ما حدث لحظة الاغتيال، ثم اختفت بعد ذلك، وتمّ اتّهام بومعرافي رسميا بالاغتيال، واعتبر ذلك منه تصرفا فرديا معزولا، وقدّم للمحاكمة وحكم عليه بالإعدام، لكنه لم ينفّذ فيه.
اغتيل المجاهد البطل محمد بوضياف بمدينة عنابة في ٢٩ يونيو ١٩٩٢، وتخليدا له سمّيت عدة مؤسسات باسمه، من بينها:
¯ جامعة محمد بوضياف بالمسيلة.
¯ جامعة محمد بوضياف للعلوم والتكنولوجيا بوهران.
¯ مطار محمد بوضياف الدولي بقسنطينة.
¯ المركب الرياضي محمد بوضياف بالجزائر العاصمة.
¯ عدة مستشفيات في كل من أم البواقي، البيض، قسنطينة، البويرة، ورقلة، العين الصفراء، عين ولمان والخروب......
¯ دار الثقافة محمد بوضياف ببرج بوعريريج.
سـي الطيـب الوطني...حيــاة نضـال
سهام بوعموشة
شوهد:7165 مرة