غيب الموت صباح أمس الجمعة، المجاهد «الوردي بن محمد بن عبد الله قتال» المدعو «عراسة « عن عمر ناهز 93 عاما، بعد مرض عضال ألزمه الفراش خلال الأشهر الأخيرة.
يعتبر المرحوم الوردي قتال، من الرعيل الأول للثورة التحريرية، ولد سنة 1925 بمنطقة «سطح قنتيس» بولاية تبسة حفظ القرآن الكريم عن مشايخ المنطقة، وتنقل إلى جهة « الجريد التونسي» بمنطقة «نفطة»، أين تلقي أصول الفقه والبلاغة بزاوية سيدي إبراهيم، ثم التحق بملحقة الزيتونة بمدينة «توزر» التونسية ومنها التحق بالمعهد الباديسي» بقسطينة «، تعرف فيه على عديد المشايخ منهم عبد الرحمان شيبان، أحمد حماني، مبارك الميلي، العربي التبسي، الطاهر سعدي حراث، إبراهيم مزهودي، وهناك بدأت تتشكل ملامح الحراك السياسي تحضيرا لثورة أول نوفمبر المجيدة، ليلتحق بصفوفها مجاهدا وقائدا سياسيا .
حضر اجتماع منطقة «رأس الطرفة « بضواحي جبل الجرف بمنطقة العقلة، كما أوضحت خلية الإعلام والاتصال بولاية تبسة، استعدادا لمعركة الجرف الكبرى التي كان أحد أبطالها، انتقل بعد ذلك إلى سوق أهراس تنفيذا لتعليمات «شيحاني بشير» وكلف بهيكلة منطقة سوق أهراس، التي تعتبر حينها منطقة عبور وتسليح، وخاض المرحوم معارك عدة في صفوف جيش التحرير الوطني أهمها معركة الجرف ، معركة أم الكماكم ، معركة الخناق لكحل ، معركة الجبل الأبيض ، معركة ارقو.
خضع لفترة علاج بتونس، بعد إصابته في محاولة اغتيال استهدفته رفقة القادة الذين كانوا معه، أثناء اجتماع رسمي بتونس يوم 22 سبتمبر 1956 (الذكرى الأولى لمعركة الجرف )، ثم تنقل إلى ليبيا ثم مصر، ليستقر بالقاهرة لمواصلة دراسته بتوصية من الشيخ إبراهيم مزهودي، وبالقاهرة التقى بـ الأمين دباغين الذي كان وقتها مندوب جبهة التحرير بالقاهرة، أرجأ عودته إلى أرض الوطن بعد سماعه رفقة رفيق دربه «عمر البوقصي» أنباء الإعدامات التي طالت بعض قياديي الثورة، ليتزوج أواخر 1959 ويستقر في القاهرة التي غادرها أوائل 1962 بعد تحرير الزعماء التاريخيين الخمسة.
كما شارك الفقيد في مؤتمر طرابلس الذي خصص لتنظيم المشهد السياسي في الجزائر المستقلة، وكان عضو اتحادية جبهة التحرير الوطني بتبسة بعد الاستقلال، التي كان يشرف عليها عبد السلام حباشي محافظ عنابة حينها.
ألقي عليه القبض سنة 1968، حسب نفس المصدر، وسجن ووضع تحت الإقامة الجبرية « بمستغانم « بعد محاولة الانقلاب التي قادها «الطاهر الزبيري»، ليفرج عنه عاما بعد ذلك، ويلتزم منزله بمدينة تبسة، إلى أن فاجأه «الطاهر الزبيري» في مذكراته باتهامه في حادثة اغتيال « عمر جبار»، ومن حينها لا يفوت فرصة إلا ويتحدث ليدرأ عنه هذه التهمة، وكانت آخر معاركه السياسية التاريخية، رده على «عمار بن عودة « في ذات الحادثة، وطبعت مذكراته بدار الألمعية للنشر بقسنطينة التي كتبها ودونها له الأديب الطيب عبادلية.