تبقى المقبرة التي تقع في الجبل وتطل على خليج جيجل وتحمل اسم مرابط القرن الـ 17 سيدي أحمد أمقران مكانا للترحم، الذي لا يمكن تجاهله خلال الأعياد الدينية التي تحتفل بها العائلات بهذه المنطقة الساحلية.
ويزور ضريح الشيخ سيدي أحمد أمقران الذي شيد بهذا المكان المعبأ بالتاريخ عدد كبير من السكان المحليين حسب ما تمت ملاحظته منذ ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان، وهذا بالرغم من وضعه الحالي الذي وصف بـ "المؤسف" من طرف المواطنين وأحفاد الشيخ الذين التقت بهم "وأج" بالمكان عشية عيد الفطر المبارك.
وتمّ استبدال هذا الضريح حيث يرتاح الشيخ والزعماء الروحانيون الآخرون بالمدينة، والذي هدمته أعمال القصف بين سنتي 1942 ــ 1943 بنصب صغير في 1964.
وتستذكر السيدة حبيبة ريدة التي تنتمي للجيل الـ 16 من ذرية هذا الشيخ القادم من قلعة بني عباس في 1631 ليستقر في جيجل "في الماضي كانت الخرجة الأولى للشابة المتزوجة مخصصة لسيدي أحمد أمقران".
واستنادا لبعض المؤرخين فإنّ التوجه الروحاني للشيخ سيدي أحمد أمقران قوّى تحالف قبائل المنطقة ضد الحملة العسكرية لدوق بوفور (من جويلية إلى أكتوبر 1664) برعاية لويس الرابع العاشر، والتي منيت بالهزيمة بفضل مقاومة الجزائريين.
ويذكر المؤرخون أنه عن طريق الجهاد ضد المحتل جاء الرجل المؤمن ليلتحق بعمه الشيخ فاضل أمقران مؤسس إحدى الزوايا بمدخل المدينة العتيقة (تهدمت تماما في 1859)، وابن السلطان الذي يحمل نفس الاسم و الذي قتل من طرف الأتراك في 1550، حيث سكن هذا الرجل المؤمن قلوب الجيجليين وهذه المنطقة التي خصصت له بأعالي قمة الجبل.
وكانت تطلق الزغاريد ويوزع "الطمين" (خليط من الدقيق وزيت الزيتون والتين المجفف) وطبق الكسكسي على الجميع، حيث كان يحاط خصر السيدة المتزوجة بسنجاق أخضر في حين كان يتم رشها بالتين المجفف (الكرموس) ليتم فيما بعد اصطحابها إلى منزل آل أمقران (أسفل المقبرة) من أجل شرب الماء المفيد من البئر المتواجدة بالمكان.
وكانت تقام صلوات وتؤدّى أناشيد دينية في مدح النبي ــ صلى اللّه عليه وسلم ــ من طرف الجميع حسب ما تذكره السيدة حبيبة التي لا تخفي حنينها الكبير لهذه الطقوس الخاصة بالأعراس، والتي توقفت في سنوات الثمانينات.
ويقول من جهتهما محمد وهارون أمقران وهما من أحفاد سيدي أحمد، اللذين يتكفلان بوثائق الأرشيف "إنّ رهاننا في الوقت الحالي إعادة تأهيل هذا المكان والدفاع عن الذاكرة".
ويعمل هذان الأخيران على تتبع تاريخ خلف السلطان ناصر قلعة بني عباس (الذي توفي في 1600)، حيث أن أبناءه الأربعة هم في الواقع في منطقة القبائل و بالشرق الجزائري وكذا مآثر عائلة أمقران.
واستنادا لما يرويه هارون بتأثر كبير "فقد حاولت إدارة الاحتلال في 1928 تهديم المقبرة لاستعمال الصخرة التي بنيت عليها من أجل بناء أرصفة الميناء، حيث أن عائلة أمقران مدعومة بمجموع الجيجليين رفضت بشدة إلحاق الضرر برمز من رموز ذاكرتهم الجماعية ورفع أحد المبعوثين القضية إلى باريس".
كما يتذكّر الشقيقان أنّ المقبرة ظلت لفترة طويلة ثكنة للجيش الفرنسي قبل أن تعاد إلى العائلة بفضل اعتراض سكان جيجل.
ضريح سيدي أحمد أمقران
مكان للترحم الذي لا يمكن تجاهله بجيجل
سهام بوعموشة
شوهد:1785 مرة