فقدت الأسرة الثورية بالمدية مؤخرا، المجاهد براهيم سعيدون بعد مرض عضال، عن عمر ناهز 77سنة بمسقط رأسه «دشرة البراريم»ببلدية سيدي الربيع بالجهة الشرقية للولاية.
بحسب سيرة ذاتية تحصلت عليها «الشعب»، فإن المرحوم ولد وسط أسرة فقيرة كانت تعتمد على الزارعة المعيشية، وتعلم مبادئ اللغة العربية وشيء من القرآن الكريم بنفس القرية، ومن خلال إختلاطه بشباب خلية التنظيم الثوري وعمره لم يتجاوز 12 سنة، تأثر بمبادئ النضال السياسي والتحضير للكفاح المسلح.
ليلتحق بصفوف الثورة على مستوى المنطقة الثالثة، بالولاية الرابعة التاريخية وعمره لم يتجاوز 16 سنة، فشارك في معارك شرسة مع قوات العدو من تراب الأخضرية شرقا ولغاية بني سليمان غربا تحت قيادة الرائد مقراني رابح «سي لخضر»، منها اشتباك الشايف في جانفي 1957 قرب بني سليمان بين كوماندو الشهيد «سي لخضر»والكتيبة العثمانية بقيادة «علي مستطاش» من جهة وقوات العدو، وفي معركة «بوزقزة» في 4 أوت 1957 بمنطقة الأخضرية، وكذا في اشتباك «أولاد بن سعدة» قرب بوشراحيل بين كومندوس الشهيد»على خوجة»ووحدة من «الخيالة والمشاة»للعدو الفرنسي، كما شارك أيضا في اشتباك قرية الزرايقية شهر أفريل 1957شمال بني سليمان»بلدية مزغنة الآن»،والذي خاضته الكتيبة السليمانية بقيادة الشهيد»الشيخ مسعود»وكومنادو علي خوجة بقيادة مقراني رابح»سي لخضر»، ضد قوات العدو المكونة من 50 فارسا و100من المشاة،وقد كان هذا الإشتباك ناجحا بالنسبة للمجاهدين، حيث تم القضاء على 142من جنود العدو وأسر ستة منهم بينهم ضابط وفرار إثنين.
واستنادا لسيرته النضالية وشهادة بعض الذين مازالوا على قيد الحياة، فإن المرحوم حضر كمين الشايف «حاليا ببلدية سيدي الربيع بالمدية»، بين قوات جيش التحرير بنحو 250 جندي تمركزوا بقرية البراريم، المكونة من كومندو الشهيد»علي خوجة» والكتائب الثلاث: كتيبة علي مستطاش- سي عز الدين والكتيبة الحكيمية بقيادة الشهيد حميدو.
وبحسب بعض المجاهدين، فإن التحضير لهذا الكمين دام أسبوعا كاملا، في انتظار عملية التمشيط الكبيرة المستهدفة للمنطقة بتاريخ 24 فيفري 1958، وبعدها كانت معركة جبل بلقرون بين نفس الكتائب وقوات الفرنسيين تقدر بنحو 7000من مختلف قوات العدو وفق وثيقة الدرك الفرنسي بسور الغزلان، والتي جرت يوم الخامس مارس 1958، حيث أستشهد 71 مجاهدا من بينهم الرائد سي لخضر، كما أنه وبعدما تم حل الكتائب بتوزيع جنودها إلى مجموعات صغيرة لا تتعدى الثلاثة جنود، كان المرحوم من بين الذين تمركزوا بفرقة «الزياينة» على نحو كلم ونصف من ثكنة البراريم بالشمال الشرقي ونحو 3 كلم من ثكنة بني سليمان، حيث تم كشف مخابئهم على إثر وشاية بنفس القرية بداية سنة 1961 رفقة تسعة من المجاهدين أستشهد منهم خمسة في ذاك اليوم، وبقي أربعة من بينهم سي علي الأربعاء الذي مازال على قيد الحياة.
ووفق شهادة المقربين فإن الفقيد تكفل برعاية وتربية أبناء الشهداء من طرف وزارة المجاهدين، برفقة مجاهدين آخرين أمثال العوفي يحي بالمنطقة الثالثة وتحديدا من بلدية الميهوب حاليا بأقصى شرق هذه الولاية بعد الإستقلال، وقد ساعد هؤلاء مربين وأساتذة أمثال محي الدين أمحمد ومحي الدين أحمد، وهذا بكل من مركز أبناء الشهداء بتابلاط بدءا من 1963، والذين تم تحويلهم إلى مركز»لودي» ببلدية ذراع السمار حاليا سنة 1966.
كما حول إلى بن شيكاو حيث المركز الثالث لذات الفئة بدءا من عام 1967، وشغل أيضا نفس المهمة بمركز أبناء الشهداء بتيبازة، وبعد تقاعده بداية تسعينيات القرن الماضي عاد إلى حوش مسقط رأسه، وأبيه وجده بدشرة البراريم ببلدية سيدي الربيع وعوض أن يبحث عن سكن لائق ويقبل بعرض ببرج الكيفان رفض ذلك، وفي عام 1996 اختطفته جماعة إرهابية بالجهة، لأجل تسليمهم سلاحا كان يملكه، وفي ظل نفيه القاطع وقتها بقوله «لو كان عندي مسدس أو حتى بندقية لقتلتكم جميعا ولو مت...».
وفي هذا اللحظة قال له أحد الإرهابيين « إبن حركى قتلته الثورة عشية الإستقلال لقد أرتكبتم خطأ عند الإستقلال أتعرف ماهو؟ هيا أجبني قال الإرهابي..فرد عليه إبراهيم سعيدون قائلا» لا أعرف الإجابة؟»فأجابه الإرهابي «قتلتم أبائنا وأبقيتم على أبنائهم أحياء»، بعدها تم إطلاق سراحه أين عاش سنوات الإرهاب ومعه أبناؤه الثلاث وبناته الأربعة بهذه المنطقة المحاذية للوادي ذو الغابة الكثيفة، وحين أودع ملفا لسكن إجتماعي رفض ولثلاث مرات وللأسف حتى لفظ أنفاسه الأخيرة رحمه الله، وهو الذي قدم تضحيات كبيرة كغيره من رفقاء الدرب من أجل تحرير الوطن.