واجه فيها المجاهدون قوات فرنسا الاستعمارية بعين تموشنت

معركة سيدي ورباش ولهاصة محطة بارزة في التحرر الوطني

سهام بوعموشة

جرت وقائع معركة سيدي ورباش ولهاصة الخالدة في الأسبوع الرابع من شهر جوان ١٩٥٦، ببلدية سيدي ورباش بدائرة ولهاصة حاليا بولاية عين تموشنت، تقع على بعد ٦٠ كلم من مقر الولاية. وقد عرفت المنطقة حسب ما أفاد به الزبير بوشلاغم نقلا عن شهادة مجاهدي المنطقة، وعلى رأسهم معاصري محمد تجذّر الثورة وانضمام شبابها إلى صفوف جيش التحرير الوطني.

تركّز العمل في البداية على التوعية وإنشاء مراكز للثورة، وشرح رسالتها المقدّسة عبر كامل قرى والمداشر، وما إن حلّت سنة ١٩٥٦ حتى انتشرت الثورة وتدعّم نفوذها مع وصول السلاح إلى المجاهدين وعناصر جيش التحرير.
وعزّرت الوضعية انخراط المواطنين في صفوف الثورة، أما قوة جيش التحرير فكانت تتكون من أربع مجموعات يتولى قيادتها الشهيد سي العربي ونائبه سي علي، وكانت الفرقة مسلّحة تسليحا عاديا من بنادق فردية آلية ونصف آلية، وبنادق صيد في ٢٥ جوان ١٩٥٦ وصلت عناصر الفرقة إلى مركز بني ورباش، وشرعت في تخزين السلاح في أماكن آمنة.
وأضاف بوشلاغم أنّه بسبب وشاية أتت قوات كبيرة من العدو إلى المنطقة، تمّ تجميعها من المراكز العسكرية المنتشرة عبر الجهة، كانت في غالبيتها من المشاة مدعّمة بالآليات والطائرات الحربية وغيرها، حيث أحكمت حصارها على المنطقة بشكل كثيف ومفاجئ، وتقدّمت باتجاه المركز من عدة محاور لإحكام السيطرة.
وبمجرد نزول عناصر الفرقة بالمركز نصّبت الحراسة  لرصد تحركات العدو بالناحية، وفي حدود الساعة الواحدة بعد الظهر أخبرت الحراسة بظهور قوات العدو تتقدّم من مختلف المحاور باتجاه القرية، مدعّمة بالطائرات المقاتلة، وهو الأمر الذي أعطى انطباعا لدى المجاهدين بأنّ العملية ستكون كبيرة خاصة بعد أن تأكّد لديهم وجود الخائن المدعو سي الطاهر مع قوات العدو المتقدمة، وكان يعرف كل كبيرة وصغيرة على الوضع بالناحية باعتباره مسؤولا سياسيا بالمنطقة.
وقال بوشلاغم على ضوء المعطيات المستجدة اتّخذت القيادة الثورية إجراءات احترازية لتجنّب كل المواقف التي من شأنها أن تلحق الضرر بالمجاهدين، وكانت النية في البداية هي الإقرار بضرورة الخروج من المنطقة لتجنب المواجهة مع العدو في ظل ظروف غير مناسبة، بيد أنّ هذا الرأي رفضه الجميع وأصرّوا على البقاء ومواجهة الموقف بشتى احتمالاته وقتال العدو تحت أي ظرف كان.
     بدايــــــــــة المعركـــــــــة

بعد ظهور العدو وبقوات كبيرة تبيّن لقيادة المجاهدين بحكم التجربة أنّ الوضع يتجه بسرعة نحو التدهور خاصة بعد ظهور الطائرات الحربية والعمودية في المجال الجوي لميدان العمليات، في نفس الوقت تحرّكت الفرقة التي كان يقودها المجاهد سي العربي مع الوادي لتجنب القنبلة الجوية، لكن لم يكن كما كانوا يتصوّرون إذ بمجرد تحركهم مع الوادي حتى كان العدو قد وصل هو الآخر، ممّا أدى إلى الشروع في القتال بين القوتين واحتدم القتال بين الطرفين، وتواصل بشكل عنيف لغاية آخر النهار، حيث شارك العدو بعدد من الطائرات الحربية من نوع ت / س وبـ ٢٩ المقاتلة.
وعرفت مختلف جوانب المواجهة مواقف بطولية لأفراد جيش التحرير أوقعوا خسائر هامة في صفوف الجيش الفرنسي بين قتيل وجريح، وهذا رغم التباين الشديد بين القوتين المتحاربتين، وبمجرد حلول ظلام الليل على المنطقة توقف لهيب المعركة، ولم يعد يسمع سوى إطلاق النار بصورة متفرقة ثم توقف نهائيا.
وحسب المتحدث، فإنّ نتائج المعركة كانت ثقيلة بالنسبة لصف العدو بالخصوص، خاصة في الأفراد والمعدات رغم الموانع الطبيعية التي تتوفر عليها منطقة العمليات من أشجار ونباتات وأودية، يمكن الاعتماد عليها في حالة استعمالها بطريقة جيدة، حيث استشهد في ميدان الشرف خلال هذه المعركة البطولية تسعة مجاهدين، كما أسر مجاهدان كانا مصابان بجروح متفاوتة.
وبالموازاة مع ذلك، أفادت المعلومات التي جمعتها فيما بعد مصالح الرصد والاستعلامات التابعة لجبهة وجيش التحرير الوطنيين أنّ العدو أصيب بخسائر معتبرة في الأفراد، ولم يتم التأكد فعليا من عدد الإصابات بسبب   كتمان العدو لكل معلومة تخص الأضرار في صفوفه.
ردود الفعــــــــل  
 
سجّلت العملية رد فعل إيجابي إلى حد كبير لدى الثوار والسكان خاصة رغم الفضيحة التي أقدم عليها الخائن المدعو سي الطاهر، الذي نال جزاءه بعد ذلك، أما في أوساط العدو فقد أصيب بخسارة كبيرة مادية ومعنوية رغم مشاركة قوات كبيرة في العملية البرية والجوية ووسائل دعم أخرى، ناهيك عن المعلومات الدقيقة التي وفّرها لها الخائن سي الطاهر.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024