معركة الكاف لعكس تتذكّر بسالة المجاهد
يحل يوم 11 فيفري ليذكّر الجزائريين باستشهاد أسد الجبال الشهيد السبتي بومعراف، المجاهد الذي رفض الاستسلام ومحاولات الإغراء متعهدا برفع مشعل الحرية والتحرر في وجه العدو الفرنسي. وسكان سوق أهراس يتذكرون البطل الذي فضّل التضحية بأغلى ما يملك من أجل الوطن المفدّى الغالي. “الشعب” تقف عنده هذه المحطة التاريخية وترصد مسار أسد الجبال.
من مواليد 1926 بدوار “غار التربة” ببلدية تاورة،ينحدر من أسرة ريفية متوسطة الحال تمتهن الفلاحة ، حفظ القرآن الكريم في سن مبكر، قبل أن يلتحق بالتجارة في سن متقدمة دون أن يتجاوز الـ 17 سنة. إنه المجاهد السبتي بومعراف.
رفض الشهيد الالتحاق بالمدرسة الفرنسية لتلقي تعليمه الابتدائي يومها مكتفيا بالتعليم القرآني، بعدها عرف العمل السياسي على يد الشهيد خوالدية عمار الذي كان له الفضل في تجنيد الكثير من الشباب بدوار غار التربة، ومنهم السبتي بومعراف الذي انضم إلى خلية من خلايا حزب الشعب عام 1944.
كان المناضل الشهيد خوالدية عمار يلقي خطابات سياسية أثناء الاجتماعات التي كانت تعقد آنذاك، يدعو فيها الشباب إلى اليقظة والاستعداد لمواجهة العدو الفرنسي، بلهجة تعتمد على المقارنة بين العدو الفرنسي، الذي اغتصب ألارض دون أي وجه حق ، مركزا على حشد الهمم أمام قوة العدو، عدته وعتاده، لن تصمد أمام إرادة المجاهدين المتمسكين بدين الله وبأرضهم وبالحق.
ساهمت الخطابات السياسية النضالية بصورة كبيرة في نضج الوعي لدى رفاق الشهيد بومعراف، في ظل الحركة الوطنية آنذاك وزادتها توهجا مجازر 08 ماي 1945 وخروج الجزائريين في مظاهرات لرفض العدوان وإجباره على الإقرار بحقوق هذا الشعب الأعزل في الحرية، كل هاته المحطات ساهمت في تكوين رجل بحجم وشخصية السبتي بومعراف ورفاقه، أين كللت بقيادته للفيلق الرابع.
ارتبط اسم البطل السبتي معارفية أو ما يطلق عليه السبتي بومعراف، بمعركة الكاف لعكس بقالمة في الـ 09 فيفري 1958، واستمرت حتى ساعات متأخرة من الليل، كان فيها الشهيد قائدا للفيلق الرابع، وفجأة وجدت هاته الكتيبة نفسها محاصرة من طرف قوات العدو الفرنسي، فوقعت بين الطرفين معركة طاحنة، ومع حلول الظلام حاول قائد الكتيبة الانسحاب لنفاذ الذخيرة، إلا أن التطويق الكبير للعدو الفرنسي للمكان وجلب قوات الدعم والإسناد، وإحكام الحصار عليه صعب من عملية انسحاب الكتيبة.
أمام هذا الوضع المعقّد، استبسل المجاهدون على مستوى فيالق الكتيبة من أجل فك الحصار رغم عدم التكافؤ في القوة مع المستعمر الغاشم.
في مطلع اليوم الموالي الموافق لـ 11 من فيفري 1958، استأنف القتال بصورة شرسة بين الطرفين، أمام دوي المدافع والطائرات الاستطلاعية القاذفة، وقبل حلول منتصف النهار من ذات اليوم أصيب السبتي بومعراف بشظية قذيفة، بحيث أسرع رفقائه لإسعافه، لكن حالته كانت جد حرجة، تأكدوا أنهم أمام لحظاته الأخيرة، الأمر الذي ضاعف من قوتهم وعزيمتهم على دحض العدو قبل لحظات من استشهاده.
توزيع عشر سكنات اجتماعية لفائدة عائلات المجاهدين والشهداء
وللعلم، فقد أحيت ولاية سوق أهراس صبيحة أمس الذكرى الـ 59 ،لاستشهاد البطل السبتي معارفية المعروف بالسبتي ببومعراف ،أين اشرف والي الولاية والسلطات الولائية وكذا الأسرة الثورية على حضور مراسيم الاحتفالات ، بإعطاء إشارة انطلاق العدو الريفي الذي شاركت فيه أزيد من أربع ولايات ، كما تحول المشاركون نحو مقبرة الشهداء أين وضع إكليل الزهور وقراءة الفاتحة على أرواح الشهداء.
اعتبر الأمين الولائي لمنظمة المجاهدين، هذه الذكرى وقفة صادقة نستذكر من خلالها أولئك الذين قدموا أرواحهم فداءا هذا الوطن، ليتجه الموكب نحو معلم تخليد الشهيد ببلدية تاورة أين رفع العلم الوطني ووضع إكليلا من الزهور على المعلم المخلد لذكرى أسد القاعدة الشرقية للثورة التحريرية ، أين ذكر الرفقاء مجاهدي المنطقة خصال الشهيد والمعركة الحاسمة التي أودت بأزيد من 120 مجاهد بالكاف لعكس ، في صدام كبير بين القوات الاستعمارية والكتيبة التي تضم مجاهدين من القاعدة الشرقية.
في ذات السياق اطر معهد العلوم البيطرية بالمشاركة مع بلدية تاورة احتفالا رسميا على شرف الذكرى ،أين قدمت عروض ثورية وكذا أناشيد تخليدا للذكرى ، في حضور الوالي عبد الغني فيلالي وكذا السلطات الولائية والأسرة السياسية من منتخبين وبرلمانيين من مختلف الكتل السياسية الوطنية.
هذا وقد تم ختام فعاليات هاته الاحتفالات بتكريم الأسرة الثورية، بتوزيع عشر سكنات اجتماعية لفائدة عائلات المجاهدين والشهداء ، إلى جانب تكريم الفائزين في ماراطون العدو الريفي المنظم أمس تحت الرعاية السامية لوالي الولاية ،كما تفضل الأمين الولائي لمنظمة المجاهدين بإلقاء كلمة شكر وامتنان للجهود المقدمة في سبيل الحفاظ على الذاكرة الوطنية و عدم التردد في الاحتفال بمختلف المحطات التاريخية الثورية بالقاعدة الشرقية للثورة التحريرية.