لا أحد ينكر دور الأوربيّين في دعم الثورة الجزائرية إيمانا منهم بشرعيتها، وكم عدد هؤلاء كثير لكن أجيال اليوم تجهل مساهمتهم، بسبب عدم مطالعتهم أو تقصير من الأسرة التربوية والثورية في إيصال ذاكرة الأمة للشباب للاطلاع على أصدقاء وأعداء الثورة. ومن بين هؤلاء الأوربيين الذين تحدّوا الادارة الاستعمارية رافعين السلاح في وجهها جنبا إلى جنب المناضلين الجزائريين فاندنابل ليونتين جورجات جراردة المعروفة باسم زهرة الالمانية، مثال حي في الوفاء والتضحية، هي بلجيكية من أصول ألمانية من مواليد 10 ماي 1942. «الشعب» تتوقف عند مسار هذه المناضلة الكبيرة في شهر الثورة.
انضمّت فاندنابل إلى الثورة الجزائرية من فرنسا وهذا بعد زواجها مباشرة من أحمد ضحوة الذي كان منخرطا في الثورة تحت لواء جبهة التحرير الوطني، كانت زهرة الألمانية تقوم بجمع وشراء وتهريب الأسلحة رفقة زوجها، بعد أن سمعت خبر اعتقاله يوم 21 ديسمبر 1959 بفرنسا ومن ثم تحويله الى الجزائر ليودع سجن قصر الطير، قرّرت الالتحاق به وعند وصولها إلى مسقط رأسه بمنطقة عين الناقة ببسكرة، تمّ إخبارها بأنّه فر من السجن والتحق بمقر الولاية التاريخية الأولى بنواحي كيمل بجبال الأوراس.
التقت زهرة زوجها في الجبال عقب ضبط الاجراءات من طرف مجاهدي الولاية التاريخية الأولى، وهي مقتنعة بأن مكانها إلى جانب زوجها لمواصلة خدمة ثورة التحرير وعمرها لا يتعدى 19 سنة، واصلت زهرة الألمانية الكفاح الى جانب زوجها، حيث كلفت بنقل السلاح والتمريض لإسعاف المجاهدين والمدنيين المصابين رفقة ممرضة أخرى تدعى نادية القبايلة، تمّ تزويدها بالسّلاح واللّباس العسكري من طرف قيادة جيش التحرير الوطني، اختارت الانضمام لصفوف جيش التحرير الوطني إلى جانب زوجها طواعية وإيمانا منها بعدالة القضية الجزائرية، وتواصلت مسيرتها مع الثورة في الجبال الى غاية وقف اطلاق النار.
في 1962 استقرت المجاهدة بمنطقة «تكوت»، أين واصلت تقديم العلاج للمدنيين تحت اشراف جيش التحرير الوطني الى غاية 6 أكتوبر 1962، حيث تمّ تحويلها للعمل إلى الحياة المدنية رفقة زوجها بعين الناقة، غير أنّها فضّلت البقاء بتكوت أين تعد في مرتبة جدّة الجميع تمّ منحها الجنسية الجزائرية سنة 1969. اعتنقت زهرة الاسلام عن قناعة، وخدمت قطاع الصحة لمدة 35 سنة وهي أم لخمسة أطفال و18 حفيد.