بعد أسبوع من اندلاع لهيب الثورة بعمليات كرّ وفر، وجب إسكات من يقول أن ما هؤلاء إلا شرذمة من الشباب الطائش، وإثبات أن بداية نهاية أكثر من قرن من الإستدمار هي هذه الشرارة الذي يحملها هؤلاء الشباب، التي اشتعلت بتبني الشعب المكافح لها.
في الثامن من نوفمبر سنة 1954 بالولاية التاريخية الأولى (الأوراس) المنطقة الثانية، الناحية الأولى، القسمة الأولى، بدائرة إشمول، بلدية فم الطوب وبالتحديد في أحد جبال المنطقة قام فوج من المجاهدين بقيادة ناجي نجاوي، ومساعده فروجي محمد، بالإشتباك مع قوات المحتل الفرنسي الذي فاقت قواته جنود جيش التحرير الوطني، حيث لم يتجاوز تعداد المجاهدين 80 رجلا، بينما لم تحدد قيمة تعداد الجيش الفرنسي والذي دُعمَتْ صفوفه طائرة إستطلاعية وأخرى مقنبلة و مدفعية.
المعركة دامت لعدة أيام؛ انتهت لصالح جنود جيش التحرير الوطني، التي كبّدت قوات العدو خسائر تفوق 150 شخص بين قتيل وجريح (70 قتيل، ولم يحدد عدد الجرحى)، بينما استشهد في هاته المعركة 12 مجاهدا وجرح 3 منهم.
لقّنت جيش التحرير في معركة خنقة أمعاش (أم عشرة)، درسا في الدهاء التكتكي العسكري، والبسالة في القتال، والإيمان بقوله تعالى: {كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله} (البقرة: 249)، ومثال ذلك كثير، إلاّ أنّ جمود المؤرّخين في التأريخ لثورتهم يجعل صفحات التاريخ تنقصها أجزاء كبيرة لتكتمل لنا الصورة الكاملة لها.