عرف بالرزانة والتعقل والحكمة في معالجة القضايا التي كانت توجه إليه، هو عمار بن بلقاسم نصراوي المدعو “عمار رافال”، المولود في 1930 م بضواحي قرية بابار، نشأ في أسرة متوسطة الحال مثل غيره من سكان المنطقة، حيث عرف منذ صباه بقوة الإرادة والشجاعة وتعلم الرمي عن طريق الصيد، مما أهله لحمل السلاح وإصابة الأهداف في كل وقت.
في سنة 1956 التحق بصفوف الثورة ضمن إخوانه المجاهدين، وقد أدهش قوات فرنسا بالمنطقة طيلة حياته كمجاهد في صفوف الثورة وما زاد من اهتمامهم بهذا البطل، هو الكنية التي عرف بها خلال الثورة “عمار رافال” نسبة إلى السلاح الذي كان يحمله وكان رمزا للشجاعة النادرة، والجرأة الفائقة فكان صوته وقعا على الاستعمار، حسب ما علم لدى “الشعب” من طرف عائلته وزملائه الذين رافقوه في الكفاح.
شارك الشهيد في عدة معارك منها معركة عين الطويلة بضواحي مدينة خنشلة، معركة عين الزيتونة قرب مدينة عين البيضاء، معركة بونخصة بضواحي ششار، معركة واد الحطينة على بعد كيلومترات من قرية بابار، والتي أسفرت عن خسائر مادية كبيرة في صفوف قوات العدو، حيث أسقطت بعض الطائرات وقتل حوالي 120 جنديا فرنسيا. بالإضافة إلى معركة سيار بناحية ششار، معركة لجديدة التي تعتبر أكبر معركة سقط فيها الكثير من الشهداء، معركة واد الهلال الشهيرة التي التحم فيها الجيشان بالسلاح الأبيض، واستمر الوضع على هذا الحال مدة 15 يوما وقتل فيها عدد كبير من جنود العدو. وكذا معركة جبل الأوراس والتي حطمت فيها طائرة إلى جانب غنم أسلحة كثيرة ومتنوعة، ولقد دامت النيران مشتعلة عدة أيام بعد نهاية المعركة.
أسندت للشهيد عدة مسؤوليات خلال الثورة، منها ضابط عسكري مسؤول عن قادة الجيش والإشراف على المعارك برتبة نقيب، ومسؤول سياسي ومدني لحل بعض المشاكل الاجتماعية والسياسية المتعلقة بالثورة، والبت فيها لدى سكان المنطقة.
استشهد عمار بن بلقاسم يوم 05 سبتمبر 1959 بتاشطايث قرب مدينة خنشلة، عندما وقع عليه الهجوم من طرف قوات العدو الفرنسي برا وجوا، وذلك بعد إن أبلى بلاءً حسنا في التصدي لهم وقتل الكثير من الجنود الفرنسيين، ولم يتمكن مع صديقه أحمد لخماسي من الفرار نظرا لتضاريس المنطقة، والتي حوصروا فيها هي خالية من الجبال والغابات والأدوية التي تساعد على الاختفاء بسرعة عن أنظار العدو.
هكذا فقدت الثورة أحد أبنائها البررة وأبطالها، ونقل العدو الفرنسي الجثث على الفور إلى مقر قيادة القوات الفرنسية بخنشلة ثم إلى قرية بابار وحضر أباه، وبعض سكان القرية للتعرف عليه قصد الإشاعة بأن الثورة قد انتهت بنهاية عمار رافال الذي قتل وتم التخلص منه ومن خطورته على حد قولهم، وقد سئل أحد المواطنين من طرف بوليس العدو قائلين:« هو عمار رافال الشرير وقد انتهى وانتهت معه الثورة أليس كذلك ؟ فكان رد هذا المواطن نعم لقد مات عمار رافال ولكن الجبال كلها عمار رافال”.
وقد استخرجوا قلبه بعد استشهاده، ونقل إلى مقر الثكنة العسكرية في بابار ودفن محاطا بأسلاك شائكة تحت حراسة مشددة ليلا ونهارا إلى غاية الاستقلال، حيث نقلت رفاته إلى مقبرة الشهداء مع إخوانه في الجهاد.