كانت أدرار إحدى مناطق الولاية السادسة للثورة مر بها الكثير من القادة الثوريين أمثال عبد العزيز بوتفليقة القائد السياسي والعسكري للولاية السادسة، لم يدخل إليها الاستعمار الفرنسي إلا مع مطلع القرن العشرين، حيث شهدت العديد من المعارك نذكر منها انتفاضة حاسي صاكة بتاريخ 15 أكتوبر 1957، معركة تسلقة في 6 نوفمبر 1957، معركة حاسي غنبو في 27 نوفمبر 1957، عملية قصر تاغوزي في ديسمبر 1959، معركة دماغ لعبيد في 13 مارس 1960، معركة بوغرافة في 8 أكتوبر 1960، معركة حاسي قرقور في 10 أكتوبر 1961، ومعركة الضبابة في 10 أكتوبر 1961. كما أسّست فرنسا العديد من المنشآت العسكرية وأعطت المنطقة عناية، خاصة لتكون فيما بعد مركزا لتجاربها النووية الأولى بمنطقة حمودية برقان وهي: هي أول تجربة نووية فرنسية والأولى بالمنطقة سميت اليربوع الأزرق في 13 فيفري 1960 والتجربة الثانية في أفريل 1960 وسميت اليربوع الأبيض، 27 / 12 /1960 والتجربة الثالثة وسميت اليربوع الأحمر بتاريخ 27 ديسمبر 1960، في حين التجربة الرابعة كانت في 25 أفريل 1961، وسميت اليربوع الأخضر.
معركة العرق الغربي
تمثّل معركة العرق الغربي واحدة من أكبر المعارك الحربية الضارية التي شنها جيش التحرير الوطني ضد قوات المستعمر الفرنسي بالمنطقة، وكانت هذه المعركة بعد أن أبدى 63 عسكري جزائري من فرقة المهاري كانوا يتمركزون بثكنة حاسي ساقا على بعد 84 كلم من تيميمون بولاية أدرار رغبتهم في الالتحاق بالثورة بعد أن اتصلوا بقادة المنطقة الثامنة.
وفي 15 من أكتوبر 1957 قضوا على قائدهم للمفرزة ومعاونيه الفرنسيين (2 برتبة رقيب أول وواحد برتبة رقيب و2 برتبة عريف و3 جنود) قبل الإلتحاق بصفوف جيش التحرير الوطني، وإثر هذه المعركة البطولية الشرسة شن جيش الاستعمار هجوما عنيفا حيث قامت فرقة بكاملها بالبحث عن 63 عسكري من فرقة هؤلاء المهاري.
وتتكون هذه الفرقة من 1570 جندي من بينهم مظليين ومجندين أجانب ووحدات كومندوس وفرق المهاري مدعّمين بـ 12 طائرة مقاتلة ومروحيات، فضلا عن عتاد وذخيرة حربية هامة. وكانت هذه المعركة التي دارت وقائعها بالصحراء، وسقط خلالها 79 شهيدا تتراوح أعمارهم ما بين 16 و45 سنة حاسمة لاستمرارية حرب التحرير الوطنية عبر المناطق الصحراوية المبعثرة عبر الجنوب الغربي للبلاد، كما أنّها أثبتت للمحتل الفرنسي قدرتنا العسكرية والسياسية من خلال تعبئة واسعة لمجمل فئات السكان بهذه المنطقة.
وقد زادت الوسائل العسكرية الهائلة التي سخرتها قوات العدو تحت قيادة الجنرال بيجار وقساوة البيئة الصحراوية من شراسة وعزم عناصر جيش التحرير الوطني، ما مكنهم من الانتصار فيما بعد بعديد المعارك والاشتباكات عبر المناطق الصحراوية.
المعركة خيّبت مخطّط الاستعمار وبرهنت مدى تلاحم سكان الشّمال بالجنوب
وقد حملت معركة العرق الغربي بعدا استراتيجيا واقتصاديا وسياسيا، حيث جاءت مباشرة بعد صدور قانون فرنسي سنة 1956 يعزل الصحراء عن الجزائر على اثر اكتشاف البترول، كما أنّ هذه المعركة قد خيّبت ظن الفرنسيين بأن الصحراء بعيدة عن الثورة التحريرية التي يخوضها جيش التحرير الوطني في باقي أرجاء الوطن، وأكّدت أن كل الجزائريين في الشمال والجنوب، في الشرق والغرب معنيين بها، علما أنّ المعركة دامت من 15 أكتوبر إلى 22 ديسمبر 1957 وهي إحدى أعظم المعارك التي دارت في الصحراء عبر العالم رفقة معركة العالمين في الحرب العالمية الثانية والتي جرت في الصّحراء الليبية والتي لم تدم إلا 10 أيام.
ونشير في هذا الصّدد، إلى أنّ الفضل في معركة العرق الكبير يعود إلى المجاهدين المهاريين المنتمين إلى قبيلة الشعانبة، والذين جندوا في الجيش الفرنسي خلال حرب الهند الصينية، ما أكسبهم خبرة عسكرية وباعتبارهم أبناء المنطقة فإنهم يعرفون جيدا تضاريسها ويحسنون التأقلم معها.
وقد بدأت المعركة بالهجوم على فرقة عسكرية فرنسية مكونة من جزائريين مجندين في الجيش الفرنسي،
وضباط فرنسيين مكّنتهم من الاستيلاء على بعض الأسلحة والجمال، وبعد جمعهم لأسلحة وعتاد العدو وفي طريقهم للانسحاب وجدوا قافلة تنقيب على البترول، فنصبوا لها كمينا وقضوا على أغلب أفرادها وعند معرفة قوات المستعمر للخبر الذي نزل عليها كالصاعقة أمر الحاكم العام للجزائر بالقضاء على هذه الانتفاضة باستخدام كل الإمكانيات المتاحة.
وبعد بداية المعركة، تفاجأت القوات الفرنسية في البداية بسقوط خمسة مروحيات، نتيجة دخول حبات الرمل في محركاتها، كما تعطّلت أغلب الأسلحة الأوتوماتيكية الحديثة، التي كان يحملها الجنود الفرنسيين على عكس الأسلحة التقليدية التي كان يحملها المجاهدون، وبذلك كانت الغلبة في البداية للمجاهدين، ومع اشتداد المعركة رجح الفارق الكبير في العدة والعتاد الكفة لصالح قوات المستعمر، ولكن فطنة قائد المجاهدين آنذاك المجاهد عقبي عبد الغني مكنتهم من تلافي الكارثة، حيث أمر بتقسيم المجاهدين إلى ثلاثة مجموعات انسحبت اثنتان منهم وبقيت واحدة تقاتل إلى أن استشهد جميع أفرادها.