رحل تاركا وراءه رصيدا من النّضال السّياسي والثّوري

آيت أحمد أيقـونـة الجـزائــر الـذي لا يمكــن تعـويضـه

سهام بوعموشة

رحل عنّا ليلة المولد النبوي الشريف آخر قادة الثورة والشخصية التاريخية الرمز، بمدينة لوزان بسويسرا عن عمر 89 سنة. إنّه المجاهد الكبير حسين آيت احمد المولود سنة 1926 بمسقط رأسه بعين الحمام بتيزي وزو، والذي عرف بمسيرته النضالية الحافلة بالبطولات، منذ انخراطه في صفوف الحركة الوطنية مبكّرا في سنة 1942، وهو لا يزال طالبا في الثانوية لغاية نيل الاستقلال، وبعد مجازر الثامن ماي 1945 كان من أنصار العمل العسكري، لأنّه السّبيل الوحيد المؤدّي للاستقلال، وأصبح بعدها عضو اللجنة المركزية للحركة من أجل انتصار الحريات الديمقراطية.
وحين تأسّست المنظمة الخاصة كان من أبرز عناصرها، وثاني رئيس لها بعد وفاة محمد بلوزداد، شارك مع أحمد بن بلة في عملية بريد وهران سنة 1949 وحين ظهرت الأزمة البربرية في نفس السنة، التحق بمصر كممثل للبعثة الخارجية للحركة من أجل الانتصار للحريات الديمقراطية بالقاهرة سنة 1951، برفقة محمد خيذر، حيث لعب دورا كبيرا مع إخوانه في اندلاع ثورة نوفمبر 1954، ووضع خطّة لحملة دبلوماسية لدعم الثورة على المستوى المغاربي والعربي والإسلامي.
شارك حسين آيت أحمد في مؤتمر باندونغ سنة 1955، لإيصال صوت الثورة الجزائرية إلى الرأي العام العالمي، ثم تنقّل إلى نيويورك ليرافع لصالح القضية الجزائرية أمام الأمم المتحدة، حيث ساهم في خلق سابقة في القانون الدولي عندما تمكّن الوفد الجزائري بمساعدة بعثات عربية وإسلامية، من إدراج القضية الجزائرية في جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1956، وذلك في وجه مقاومة فرنسية كبيرة.
 بعد مؤتمر الصومام عيّـن عضوا بالمجلس الوطني للثورة الجزائرية، وكان ضمن المختطفين أثناء تحويل طائرة القادة الأربع في 22 أكتوبر 1956 برفقة بن بلة، خيذر، بوضياف والكاتب مصطفى لشرف، ورغم كونه مسجونا عين وزير دولة في ثلاث تشكيلات متوالية للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، وأطلق سراحه مع رفقائه بعد وقف إطلاق النار.
بعد الاستقلال شارك في النشاط السياسي، لكنه غادره بسبب المرض، كان دائما ينادي بدولة ديمقراطية والحوار والمصالحة الوطنية مخلصا للجزائر وله بعد النظر، ما جعل منه رجل كل المراحل. راهن دائما على دور الشباب والعقلاء والمرأة في خلق الظروف الموضوعية للتغيير من أجل الديمقراطية، كما كان الفقيد إنسانا مثقّفا يتقن قراءة وكتابة ست لغات ولم يتوقف يوما عن التعلم، وهو ما جعله يمتلك ثقافة عالمية واسعة في مجالات الأدب والسياسة والفنون، الموسيقى الكلاسيكية، وطبوع أخرى.
لكنه أيضا متجذّرا في الثقافة الشعبية مما جعله يجمع بين الأصالة والحداثة، وبين المحلي والعالمي بطريقة متوازنة. رحل الدا حسين تاركا وراءه رصيدا من النضال السياسي والثوري، ومؤلفات حول كفاحه إبان الحقبة الاستعمارية، وبالتالي تفقد الجزائر والأسرة الثورية أيقونة لا يمكن تعويضها، فهو جدير بوسام الصّدق والمصداقية.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024