الشهيد العقيد سي الطيب الجغلالي

واحد من أبطال الجـزائر الذين صنعوا أمجاد الأمة

إعداد: سعيد بن عياد

 

 

 

يصنف الشهيد العقيد بوقاسمي الطيب المدعو سي الطيب الجغلالي ضمن رموز الولاية الرابعة التاريخية وأحد أبطال الجزائر الذين صنعوا أمجاد الأمة. هو من مواليد سنة 1916 بقرية «أولاد تركي بلدية العمارية» بولاية المدية، حيث ترعرع في وسط عائلة فلاحية متأصلة وميسورة الحال. وبعد أن حفظ القرآن الكريم ونهل من علوم الدين والفقه على يد كبار شيوخ المنطقة من بينهم الشيخ رابح عليلي بزاوية «الوزانة ببليدة العيساوية بتابلاط» ثم واصل تعليمه الديني بنواحي الصومعة بالبليدة، انخرط سنة 1937 في صفوف الحركة الوطنية ليكون وهو في ريعان الشباب عضوا نشيطا. وفي خضم نشاطاه الميداني لتوعية الشباب اكتشفت الإدارة الاستعمارية من خلال أدواتها دور الرجل سنة 1947 لترصده بنواحي تابلاط حيث أوقفته وسجنته قبل نفيه من مسقط رأسه لمدة أربع سنوات مع فرض غرامة مالية.

ومن خلال تنقلاته بين القرى بالمنطقة واصل نشر قيم الحرك الوطنية إلى أن قام في 1948 رفقة شبان وطنيين بحرق مركز انتخابي بناحية «شومبلان» وتدمير مقهى لأحد المعمرين المستدمرين وحرق شاحنات مما بث الرعب في نفوس المحتلين وأعوانهم الذين انتقموا بإطلاق النيران على المدنيين وسقط اربعة مناضلين هم «حداش احمد- بوخازني ابراهيم- السبتي رابح واضيافي». وفي أواخر 1951 أوقف مجددا وتعرض للتعذيب لمدة 7 أيام دون أن يبوح بأسرار عن الحركة الوطنية وأسماء مناضليها ومواقع تخزين المؤونة. وفي ربيع 1953 حضر الجغلالي اجتماعا بالعاصمة حيث التقى بكبار قادة الحركة الوطنية.
 إقدامه وإخلاصه وبغضه للوجود الاستعماري الفرنسي أهّله لان يكون ضمن الرعيل الأول لمفجري ثورة أول نوفمبر الخالدة. لما اندلعت الثورة التحريرية اتصل بالشهيد سويداني بوجمعة فكلفه بمسؤولية تشكيل خلايا وأفواج المجاهدين والعثور على الرجال من أهل الثقة وقام بحفر 16 مخبأ لتامين الثوار. وفي سنة 1955 كان قد حقق انجازات ميدانية في إرساء قواعد متينة لنظام الثورة فكون مجموعات للمجاهدين مقسمة الى افواج تتشكل من 7 و10 أفراد يقومون بعمليات التخريب للمقومات الاقتصادية للمستدمرين وركائزهم مثل حرق المزارع وتدمير كل ما يمثل قوة اقتصادية للوجود الاستعماري. وأسندت للشهيد عدة مهام سياسية وعسكرية فرقي إلى رتبة مسؤول المنطقة الثانية بالولاية الرابعة التاريخية سنة 1957 ثم كلفته القيادة بمهام رائد سياسي بالولاية السادسة تحت قيادة العقيد سي الحواس.
بعدها انتقل سي الطيب الجغلالي في مهمة خاصة إلى تونس في شهر نوفمبر 1958 حيث مكث عدة أشهر وأهلته خصاله للترقية إلى رتبة عقيد لقيادة الولاية السادسة التاريخية خلفا للعقيد جسي الحواس الذي سقط في ميدان الشرف رفقة العقيد عميروش. وفي طريق رجوعه من تونس حضر اجتماعا بالشريط الحدودي حضرته فصائل جيش التحرير العائدة إلى ارض الوطن والمشكلة من 220 جنديا وضابطا فتدارسوا خطة اختراق الأسلاك الشائكة ليحدد الجغلالي جبل شيلية باالاوراس مكانا للالتقاء بعد العبور، وقد نجحت الخطة. وبعد مشقة التحق بإقليم الولاية الرابعة من اجل ترتيب أمور النظام محليا والتفرغ لتولي المسؤولية الجديدة شد الرحال نحو الولاية السادسة. غير انه في الطريق تعرض رفقة ثلة من المجاهدين إلى كمين نصبه عساكر الاستعمار الفرنسي بالقرب من بوسعادة وبالذات بمنطقة «القيعقع بجبل الصحاري» في يوم 29 جويلية 1959 حيث سقط شهيدا مع رفاقه الـ13 مجاهدا يتقدمهم الرائد محمد باشن بعد معركة عنيفة وشرسة.
كان الرجل مثالا للتواضع والإخلاص والتنكر للذات متشبعا بقيم الثورة التحريرية الباسلة وانتزع التقدير والاحترام ممن رافقوه قادة أو مجاهدين وهو من صفوة الرجال الذين ينحي لهم التاريخ عرفانا ومن بطولاته وعطاءاتهم في أحلك الظروف وأقسى الأوقات يستمد الشباب اليوم تلك الروح الوطنية الأصيلة من اجل الحفاظ على مكسب الاستقلال وحماية الوحدة الوطنية في وجه كافة الدسائس وإسقاط مخططات الفتنة مثلما ورد في كلمة أمين منظمة المجاهدين لولاية المدية شعواطي احمد المدعو فؤاد بمناسبة إحياء الذكرى الـ56 لاستشهاد العقيد بوقاسمي الطيب أو «سي الطيب الجغلالي» بتاريخ 29 جويلية 2015.

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024