الأستاذ أحمد زديرة يفضح سياستها عبر أزيد من قرن

فرنسا الاستعمارية تتفنّـن في إبادة الجزائريّين

سهام ــ ب

منذ أن وطأت أقدام الاحتلال الفرنسي أرض الجزائر إلى غاية الاستقلال،  وجلاّدوها يرتكبون أبشع الجرائم في حق شعبها الأعزل، من تقتيل، تهجير، حرق وتدمير المنازل لاسيما استخدام الغازات الخانقة والسامة، والأسلحة المحرمة دوليا كالنابالم التي راح ضحيتها الكثير من أبناء هذا الوطن، ومن لم يمت بقي مشوّها طيلة حياته، وهناك عينات كثيرة لمجاهدين أصيبوا بالنابالم.

وفي هذا الصدد، يذكر الأستاذ أحمد زديرة في مجلة أول نوفمبر الصادرة عن المنظمة الوطنية للمجاهدين بعض المجازر الرهيبة التي ارتكبتها قوات العدو ضد سكان بلدية تاكسلانت الواقعة بدائرة أولاد سي سليمان بولاية باتنة، حيث تمّ الفتك بـ 119 مواطنا نساء ورجالا خنقا بغاز القتال، وذلك داخل إحدى المغارات يطلق عليها اسم غار بن شطوح بجبل تيرشيوين كانوا قد هرعوا إلى هذه المغارة في يوم 07 رمضان الموافق لـ 23 مارس 1959، خوفا من بطش جيش الاحتلال.
وحسب الأستاذ زديرة، فإنّ هذه الحادثة وقعت على الطريقة التي قام بها أحد أسلاف هذا الجيش العقيد والماريشال بيليسي إيمابل خلال الـ 15 سنة الأولى من الاحتلال، والذي قام بخنق أكثر من ألف شخص بالدخان وحرقا بالنار في 19 جوان 1845 داخل الكهوف التي لجئوا إليها، لاسيما المغارة المسماة مغارة «الفراشيح» بمنطقة أولاد رياح التابعة لدائرة مازونة بولاية مستغانم، وذلك عملا بنصيحة الجنرال طوماس بيجو الذي قال له قبيل وقوع المجزرة: «إذا تراجع هؤلاء الأوغاد إلى مغاراتهم، فافعلوا بهم مثلما  فعل جون بابتيز كافينياك بقبيلة صبيحة، خنقوهم بالدخان في العمق مثل الثعالب».
وهذا ما نفّذه بيليسي حرفيا، قال ذات المصدر، علما أنّ العقيد كافينياك قام بمحاصرة قبيلة «صبيحة» الواقعة بضواحي الشلف بتاريخ 12 أوت 1844، وقتلهم خنقا بالدخان وحرقا بالنار، كما سجّلت مجزرة أخرى قامت بها القوات الاستعمارية الفرنسية بالأغواط، بتاريخ 03 ديسمبر 1852 راح ضحيتها أكثر من 2500 فرد من بين 3600 ساكنا، وهذا اختناقا بالغاز بعد استنشاقهم لمادة سامة ناتجة عن قذائف تتوفّر على مادة «الكلوروفورم»، الذي اكتشف سنة 1831 وشرع في استعماله من طرف فرنسا، ألمانيا وبلجيكا.
وأوضح بن زديرة في هذا الإطار، أنّ هذه المجزرة جاءت كرد فعل بعد المقاومة الشّرسة من طرف هؤلاء السّكان لهذه القوات التي تكبّدت فيها بعض الخسائر، تمثّلت في قتل 60 عسكريا من بينهم الجنرال بيسكران والرائد مورو والنقيب سايل، وياسير وكوستو وكذا النقيب الليطو، بالإضافة إلى أعداد معتبرة من الجرحى.
وتواصل استخدام جيش الاحتلال للمواد الكيميائية والبيولوجية المتطورة، التي تدخل ضمن أسلحة الدمار الشامل، منها مادة النابالم الحارق الذي بقيت آثاره بادية على مجاهدي الثورة التحريرية المصابين به، فبعد بقاء الكثير منهم على قيد الحياة أصبحوا يعانون الأمرين من جراء أخطاره، حيث توفي عدد منهم بعد الاستقلال مباشرة بسبب النابالم، وبقيت صورهم شاهدة على بشاعة الجريمة، علاوة على الألغام المزروعة على طول الحدود الغربية والشّرقية وما خلّفته التّفجيرات النّووية، وانعكاس أشعتها على البيئة والإنسان بصحرائنا.
وكان الجيش الفرنسي يستخدم النابالم على نطاق واسع، للإبادة الجماعية تحت تسمية «الصفائح» في عدة معارك منذ سنة 1957 إلى غاية الاستقلال. والأدهى من ذلك أنّ بعض الجنود الفرنسيين كانوا يفتخرون بجرائمهم بقولهم: «لقد فعلنا في الجزائر نفس الشيء الذي فعله الأمريكيون في الفيتنام من بعدنا».
ومن بين المعارك التي استعمل فيها النابالم، معركة أغرام بالولاية التاريخية الثالثة في 12 أوت 1957، معركة تيتوليت بالولاية التاريخية الثانية في ماي 1958، معركة جبل دلاج بالولاية التاريخية السادسة في 2 جويلية 1958، ومعركتي جبل أمناور وجبل مزي بالولاية التاريخية الخامسة في 5 ديسمبر 1958 و8 ماي 1960 على التوالي، وغيرهما من المعارك.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024