قدّم سكان قرى ولاية قالمة الكثير من التضحيات إبان الثورة التحريرية، وفي هذا الصدد اقتربت “الشعب” من أحد مجاهديها والقاطن بالقرية الفلاحية بعين بن بيضاء، وهو محمد بوخذير الذي رغم مرضه أبى إلا أن يحدثنا عن بسالة المجاهدين وشجاعتهم في مواجهة العدو الفرنسي، داعيا الشباب للتمسك بنضالهم.
قال عمي بوخذير لـ “الشعب”، إن البلدية المسماة عين بن بيضاء كانت إبان العهد الاستعماري تضم عدة قرى ومداشر تابعة لبلدية بون عنابة حاليا، تضم حاليا عدة قرى طلحة، عين بن بيضاء، نوادرية، بوضروة، واد فراغة، بكموزة محمد الشريف، وقد ساهمت في الثورة التحريرية وهذا بفضل النشاط السياسي للمجاهد عمار بن عودة أحد أعضاء مجموعة 22.
وأوضح المجاهد في هذا السياق، أن التنظيم العسكري المسلّح، انطلق من طرف عدة أفواج على مستوى جبال هوارة شمال ڤالمة وضواحيها سنة 1955، وهذا تحت إشراف المسؤول العسكري الأول بقموزة إلى غاية 1957. بعدها تحولت المسؤولية إلى المجاهد المتقاعد اللواء عطايلية محمد المدعو “الروج” حتى نهاية الثورة.
أضاف بوخذير أنه بالنظر لموقع بلدية عين بن بيضاء الهام، والممتد من جبال هوارة إلى غاية جبال بني صالح ومنها إلى الحدود التونسية، فقد كانت منطقة عبور للمجاهدين باتجاه تونس لجلب السلاح وتدعيم الثورة وعلاج الجرحى، حيث أنشأ بها المستعمر معتقل بسيدي جميل للاستنطاق والتعذيب، كما جرت بها العديد من المعارك الخالدة أهمها معركة الزعلانية ومعركة العربي بهوارة.
وحسب ما تحصلت عليه “الشعب” من شهادات حول هذه المعركة، التي وقعت بالزعلانية وجدت فيها الكثير من بقايا الأسلحة والصواريخ، والسبب أن كتيبة من جيش التحرير متكونة من 150 مجاهدا، كانت قادمة من الحدود التونسية مزودة بالسلاح والذخيرة الحربية، وبعد اجتيازها خط موريس المكهرب والملغم بالقرب من قرية بوكموزة حاليا، التقت مع فوج من جيش التحرير بالزعلانية بقيادة محمد عطايلية مسؤول قسم طلحة ناحية هوارة مع العدو فوقعت معركة قوية ونشبت المعركة بضراوة وشراسة عند منتصف النهار، فاضطر العدو إلى استعمال الطائرات الاستكشافية والمقاتلة والدبابات المختلفة الأنواع، وحشد عدد كبير من العساكر، نتجت عن هذه المعركة استشهاد 86 مجاهدا وجرح عشرون آخرين، أما خسائر العدو فكانت كبيرة، حيث بلغ عدد القتلى أكثر من 250 عسكريا وعدد كبير من الجرحى، ظلت قوات العدو بعد المعركة تجمع قتلاها، وخسائرها مدة خمسة أيام مما يدل على الخسائر الكبيرة التي مني بها.
ونظرا للتضحيات التي قدمها سكان المنطقة بمختلف الأعمار فقد أطلق أسماء الشهداء والمجاهدين، على عدة مؤسسات تربوية ومراكز تحمل أسماء من ضحوا بأرواحهم من أجل حرية بلدهم، واتخذت ثانوية عين بن بيضاء المتواجدة بالقرية الفلاحية اسم الشهيد جميلي نوري ،و مركز متوسطة عين بن بيضاء باسم الشهيد عماري صالح ، ومتوسطتين الأولى باسم نوادرية علي، وأخرى باسم الشهيد أوصايفية علي.