ثورة الصورة رافقت ثورة السـلاح في نجاح معركة الاستقـلال
نظمت الجمعية الدولية لأصدقاء الثورة الجزائرية، الخميس، بالجزائر العاصمة، ندوة حول «السينما وثورة التحرير الجزائرية»، تم خلالها إبراز أهمية دبلوماسية الصورة ودورها في التعريف بالقضية الجزائرية ودحض الدعاية الفرنسية الاستعمارية المعادية لإرادة الشعب الجزائري في الاستقلال.
أشرف المجاهد والدبلوماسي الأسبق نورالدين جودي، بمقر الجمعية، على تنشيط هذه الندوة التاريخية التي استضافت كلا من المجاهد وعضو مجلس الأمة يوسف مصار، ممثلا عن رئيس مجلس الأمة صالح قوجيل، والباحث الجامعي والناقد السينمائي أحمد بجاوي، وكذا ميليين لابودوفيتش إبن «مصور الثورة الجزائرية» ستيفان لابودوفيتش (1926- 2017).
وتبرز أهمية هذه الندوة، يقول رئيس الجمعية جودي، في كونها «تسلط الضوء على دور السينما وكذا المصورين الأجانب، أصدقاء الثورة، الذين التزموا بالقضية ورافقوا الثوار في الميدان ونقلوا صورا حقيقية عن حجم الدمار الاستعماري المقترف ضد الجزائريين، وأيضا مدى إصرار جيش التحرير الوطني على تنظيم صفوفه والتضحية من أجل نيل الاستقلال». وبخصوص المصور ستيفان لابودوفيتش، أردف المتحدث بالقول إنه «كان واحدا من هؤلاء الأصدقاء، لم يخشَ الموت وانخرط عن رغبة منه في صفوف جيش التحرير الوطني، ليعايش بصدق وأمانة كل التفاصيل ويقوم بتصوير يوميات كفاحية فريدة، في وقت كانت فيه الدعاية الاستعمارية الفرنسية تحاول طمس الحقيقة عن أعين الرأي العام الدولي». من جهته، تحدث المجاهد وعضو مجلس الأمة يوسف مصار، عن ما أسماه بـ «العقيدة الثورية» التي تحلى بها الثوار وهم في مهامهم القاسية في الميدان. وقد أثبت المصور اليوغسلافي ستيفان لابودوفيتش -يضيف- «تحليه بهذه الصفة المميزة خلال مرافقته للمجاهدين وهم يقطعون خطي شال وموريس واختار أن يعايش مثلهم كل المصاعب والعواقب الوخيمة التي تكبدوها في إطار مهامهم الثورية».
ويرى الناقد السينمائي أحمد بجاوي، أن العلاقة بين المصورين السينمائيين وثورة الفاتح نوفمبر 1954، هي مسألة «التزام تام» لهؤلاء الرجال، على غرار لابودوفيتش الذي «توفرت فيه الشروط لمرافقة جيش التحرير الوطني والإطلاع على تفاصيله، حيث أظهر منذ اللحظة الأولى تفانيا في العمل وارتدى الزي العسكري وكان يقف مع الجنود لتحية العلم الوطني الجزائري كل صباح». وقد لعب لابودوفيتش، يقول بجاوي، «دورا كبيرا في تدوين جزء من مجريات الكفاح المسلح التحرري وأبدى التزاما كاملا دون حدود ودون تردد بنقل تلك الصور بكل أمانة إلى المحافل الدولية للتعريف بما كان يجري بعيدا عن أعين الرأي العام الدولي». كما أشاد بجاوي بأرضية مؤتمر الصومام 1956، التي «أكدت على أهمية الإعلام الثوري وإيصال صوت الجزائر الخارجي»، حيث تم وضع مخطط إعلامي بدأ بتأسيس جرائد، بدءاً بـ «المقاومة» ثم الإعلام الإذاعي إلى غاية الاعتماد على الإعلام السمعي البصري كمرحلة ثالثة والتي بدأت مع الراحل جمال الدين شندرلي بصفته «أول من حمل الكاميرا وصور الطائرات الاستعمارية وهي تقصف مداشر ومدنيين عزل». كما استطاعت الجزائر في عز ثورتها سنة 1957، يضيف بجاوي، تكوين مدرسة لتدريس تقنيات التصوير، أشرف عليها محمود قناز وكانت تضم مصورين أجانب مثل بيار كليمون ورونيه فوتييه وتم تكوين مجموعة من 12 مصورا قدموا مادة مصورة غاية في الأهمية، منها ما تم استغلالها في أفلام صغيرة تحت عنوان واحد هو «الجزائر تشتعل». بدوره، قال نجل ستيفان لابودوفيتش، إن والده كان «رفيقا للثورة الجزائرية». مضيفا أنه «يتذكر رواياته عن نضال الشعب الجزائري وكيف نجحت الثورة وأصبحت مثالا يقتدى به في العالم أجمع»، داعيا بالمناسبة إلى «ضرورة فسح الطريق لاسترجاع هذا التاريخ الثري والمشترك والتعريف به للأجيال الصاعدة».
وتأسست الجمعية الدولية لأصدقاء الثورة الجزائرية في جويلية 2023، حيث تكتسي طابعا تاريخيا وثقافيا ويمكن أن ينتسب لها أصدقاء الثورة الجزائرية من مختلف الجنسيات وأبناء أصدقاء الثورة وأقاربهم، إضافة إلى كل المهتمين بتثمين تاريخ الجزائر ونضال أصدقاء الثورة الجزائرية، بحسب ما جاء في قانونها الأساسي.